المخلوق الذي في الفيلم القصير-هآرتس
2015-12-28
الاحاديث التي صدرت عن الوزراء في اسرائيل حول فيلم "عرس الدم" مقرفة أكثر من الفيلم نفسه. الزعزعة هي من التمثيل. التمثيل المسيحاني الذي يخرب الصفوف لمشروع الاستيطان، هذا المشروع الذي هو من انتاج الوزراء والرؤساء على مر الاجيال.
الشرطة مزعزعة. كل بداية شهر تحدث "جولة الابواب" في الحي الاسلامي في البلدة القديمة في القدس. ومن ينظم هذه الجولة هي جمعية "ال هار هامور" التي تطمح لبناء الهيكل. الجولة وبتواجد مكثف لشرطة اسرائيل لا تتم في قاعة مغلقة وكحدث خاص، بل حدث عام يتم بين المحلات الفلسطينية حيث يرقص معتمرو القبعات البيضاء واصحاب السوالف – بالضبط كما في الفيلم – ويقومون بالضرب على الابواب المغلقة.
حسب توثيق من تشرين الاول فانهم يغنون اغان مشابهة لتلك التي في الفيلم ("ليُحرق المسجد" و"انتقم من احدى عيني من الفلسطينيين ليُمحى ذكرهم"). وفي الوقت الذي ينغلق الفلسطينيون فيه في منازلهم يصرخ المستوطنون "الموت للعرب". والشرطة ليست فقط موجودة هناك بل هي تمنع نشطاء اليسار من توثيق ما يحدث.
مقاطعة شاي مزعزعة. انها المقاطعة التي تغلق بشكل منهجي ملفات التحقيق حول العنف الاسرائيلي ضد الفلسطينيين. 91.4 بالمئة من 1104 ملفات تحقيق فتحت في اعقاب شكاوى فلسطينيين حول العنف ضدهم وضد ممتلكاتهم في السنوات العشرة الاخيرة والتي تتابعها منظمة "يوجد حكم" – قد اغلقت. من بين 940 من الملفات التي اغلقت 85 بالمئة اغلقت بسبب فشل تحقيق الشرطة. "المخالف للقانون غير معروف" في 624 ملف. و"غياب الادلة الكافية" في 208 ملفات.
هل تريديون امثلة؟ عشية عيد الفصح في 2011 قامت مجموعة من الاسرائيليين بالحاق الضرر بـ بروسلي عيد من قرية بورين جنوب نابلس. احد الاسرائيليين اطلق النار واصابه اصابة بالغة في يده اليمنى وبطنه. كان هذا هجوما واحدا من بين عدة هجمات هدفت الى منع سكان القرية من البناء في اراضيهم. القى الجنود الغاز المسيل للدموع على الفلسطينيين الذين جاءوا للدفاع عن قريتهم. تم توثيق الحادثة ومعروف من أين جاء المهاجمين (بؤرة جفعات رونين)، لكن الملف اغلق.
اليكم حادثة اخرى. في تشرين الاول 2011 عاد عدد من الاسرائيليين اليهود من "محاربين من اجل السلام" رافقوا فلسطينيين من قرية جالود في قطف الزيتون الاول منذ عشر سنوات. جميع تلك السنين منعهم الجيش من العمل في اراضيهم من اجل منع الاحتكاك مع المسيحانيين في البؤر الاستيطانية في المنطقة (نار مقدسة وغيرها). اسرائيليون ملثمون في جنازة اسرائيلي مكشوف الوجه يلبس الملابس المدنية ومسلح، ظهروا والقوا قنبلة صوت واطلقوا الرصاص في الهواء وضربوا واصابوا ثلاثة اسرائيليين وفلسطينيين. الجنود وحرس الحدود الذين كانوا في المكان اطلقوا الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت على الفلسطينيين. اغلق الملف رغم وجود اصابات في اوساط الاسرائيليين ووجود الجنود الشهود على الحادث.
ثقافة "الخارج على القانون غير معروف" و"غياب الادلة الكافية" ووجود جنود الجيش الاسرائيلي في الطرف المقابل، هي التي عززت اجواء "نفعل ما نريد ولن يحدث لنا شيء" كما بدت في الفيلم.
اليكم هذا التوقع: ايضا قضاة محكمة العدل العليا مزعزعين من الفيلم. اثنان من ثلاثة قضاة سمحوا في الاسبوع الماضي لشاب اتهم بمهاجمة شاب فلسطيني بأن يستمر في القيام بمخالفة اخرى ضد فلسطيني آخر: الزراعة في ارض احد الفلسطينيين الخاصة. بموافقة محكمة العدل العليا. بعد أن سيطر عليها بخمس سنوات، تسفي ستروك، يستطيع الاستمرار في طرد فوزي ابراهيم من ارضه سنة اخرى.
لم يعيد ستروك الارض في السنة التي مرت منذ ان سمحت له محكمة الاستئنافات العسكرية بفعل ذلك. انه يطلب الآن من السلطات تصريح لسنة اخرى من اجل أن يتم الاخلاء "بالطرق السلمية". ما الذي نسمعه هنا؟ تهديد واضح: اذا قاموا باخلائه مسبقا فلن يكون الامر سلميا. الوزراء والمسؤولون (الدولة والمحكمة العليا) سمعوا التهديد جيدا وخضعوا له.
بنيامين نتنياهو مزعزع وفي وزارة الدفاع كذلك. وبايحاء منهم فان عشرات الجرافات تستمر في اقتطاع الاراضي في عشرات القرى الفلسطينية من اجل بناء المنازل لليهود. اذهبوا الى موديعين العليا وعالي زهاف وبركان واريئيل. بدون رقص وبدون سوالف تفعل الدولة أكثر كثيرا مما يفعله الراقصون في "عرس الدم".
بفضل الوزراء تحولت الضفة الغربية الى بلاد الفرص الغير محدودة للاسرائيلي اليهودي المتوسط. هذا هو البديل لدولة الرفاه التي يولد فيها الشباب الراقصون وهم يحملون البنادق.
ولدت مسيحانيتهم من وسط الاستخفاف الاسرائيلي العلماني والذي لا يتوقف تجاه القانون الدولي والعدل الاساسي اللذان يمنعان الاستيطان في الاراضي المحتلة. مسيحانيتهم تتغذى من الهدف السياسي المنهجي الذي يكمن في المشروع الصهيوني: افشال فرص العيش بمساواة وسلام مع الشعب الفلسطيني في هذه البلاد. يتغذى ويُغذي.