قهقهة التاريخ-هآرتس
2015-12-29
ذات مرة استخدم الكاتب إميل حبيبي تعبير "قهقهة التاريخ". وقد تذكرت هذا الامر يوم الاربعاء الماضي حينما شاهدت فيلم "الزفاف" الشيطاني في القناة العاشرة.
ماذا كنتم تعتقدون؟ أنه يمكن تلوين الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بلون الاصولية الغيبية – أو "الطاقات الغير عقلانية" كقول بطل كتاب عاموس عوز "البشرى حسب يهودا" – وبعد ذلك توقع نشوء جيل يريد السلام؟ لقد بالغتم بالفعل. عودوا رجاءً للتاريخ: حينما سُئل المؤسس العلماني للدولة، دافيد بن غوريون، من قبل اللورد فيل ما اذا كانت لديه وثيقة شراء تعطيه الحق في البقاء في البلاد بدلا من أصحابها، أمسك بن غوريون التوراة وقال: "هذا هو كوشاننا".
اذا كانت وثيقة اثبات ملكية البلاد هي التوراة فلماذا تشتكون من شبيبة التلال الذين يعملون من اجل تحقيق الملكية الالهية؟ منذ جيل وهذا معروض أمام الهيئات القانونية والاخلاقية والدولية، ما الغريب أن شبيبة التلال مقتنعون أن هذا سيكون مقبولا على الهيئات القانونية والاخلاقية في اسرائيل؟.
حسب الافتراضات الاساسية التي وضعها الأوائل فان الشبان على حق. لأنه اذا كان مسموحا باسم التوراة احتلال الاراضي خلافا لجميع المواثيق الدولية فكيف يمكن الطلب منهم الاستماع لأوامر المؤسسات العلمانية في الدولة؟.
المثل العربي يقول "التلم الأعوج هو شُغل الثور الكبير". في المقابل، عندما أعلن موشيه ديان قبل ستين سنة عن تضامنه الكامل مع سكان غزة قال "لماذا نزعم أنهم يكرهوننا. فهم منذ ثماني سنوات يجلسون في مخيمات اللاجئين في غزة، ونحن على مرأى منهم نقوم بالسيطرة على المدن والقرى التي عاشوا فيها هم وآباءهم". وأضاف قائلا رغم الاعتراف بالاجحاف: "إن هذا هو خيارنا الوحيد، أن نكون مستعدين ومسلحين وأقوياء".
إذاً أي جيل سينشأ هنا؟ اذا فُرض على هذا الجيل المسكين أن يستمر بالجريمة دون أي استعداد للاصلاح فان الحديث يدور عن ذروة جديدة من الفظاعة.
أقول بصدق، لماذا توجهون اللوم لشبيبة التلال. اذا كانت الاخلاق الاسرائيلية تناقض أخلاق العالم؟ العالم كله يقول إن قتل أكثر من ألفي شخص في غزة في عملية "الجرف الصامد" هو جريمة حرب. هنا فقط يقولون وبضمير مرتاح إن الحديث يدور عن الدفاع عن النفس. تسيبي لفني تزعم في أعقاب الفيلم أن يهوديتها مختلفة. فهل هناك أحد يُفسر لنا مكان تعبير "يهودية" في موضوع الرقص في الشريط؟ ما صلة اليهودية أو الاسلام أو المسيحية بهذا؟ السؤال في الأصل هو سؤال أخلاقي بالمعنى الكوني. فلماذا هنا فقط ينحرفون الى اماكن الانفصالية القومية الدينية المتطرفة؟.
بعد تفكير فهمت من أقوال لفني أن لكل واحد هنا يهوديته. وابقاء عشرات الآلاف من سكان غزة بعد عملية "الجرف الصامد" بدون سقف، يناسب يهوديتها بالضبط. ايضا الاحاديث التي تدور هنا تقول إن اليهود هم شعب يختلف عن باقي الشعوب. ايضا الوقاحة مختلفة. كل هذه الوفرة ونحن نتحدث فقط عن العلمانيين، ولم نتحدث بعد عن المتدينين.
لكن القهقهة من يوم الاربعاء هي لعب اطفال قياسا بالقهقهة التي ستدوي بعد المصادقة على القانون الذي سيضع فيه نشطاء جمعيات حقوق الانسان اشارة خاصة يُكتب عليها: يا أوروبا الثلاثينيات نحن عائدون اليك.