:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/7684

اسرائيل تسعى الى فرض مفردات وتسميات تشوه الواقع -هآرتس

2016-01-16

هذا الاسبوع وُسم فيه آلاف الاسرائيليين ومنهم أنا، كخونة ومرتزقة. فقد أعلن افيغدور ليبرمان أن "اعضاء بتسيلم ونحطم الصمت ومن يؤيدونهم هم خونة ومرتزقة". فقط على هوامش نشرتين للاخبار في المذياع تم بث هذه الاقوال – لأن الاجواء السياسية والثقافية تستوعب كل شيء في اللغة العنصرية وسلب الشرعية والتخويف القومي.
بعد أن كتب دافيد غروسمان "الزمن الاصفر" وكشف عن "اللغة المغسولة"، سكنت هذه اللغة في القلوب. هي والايديولوجيا التي نشأت منها تحولتا الى شفافتين وهما تُسمعان بشكل طبيعي على لسان الشخصيات العامة وزعران الطابعة والتشريع والخطوات السياسية لاقتلاع الناس ورأي الأقلية من الحوار الجماهيري. إن لغة الزعرنة التي تطورت الى جانب اللغة – "ليحترق العرب واليساريين، آمين".
هذه الظاهرة لا تقتصر على اسرائيل فقط. فالرايخ الثالث أبقى لغة فظيعة يمكن من خلالها وصف الناس بكلمات "دون الآدمية". احتلال الهند من الامبريالية البريطانية أوجد لغة انجليزية تهدف الى السيطرة على الاولاد: لقد كانوا "المحليين"، هذا ما تحدث به جيش الاحتلال هنا وهناك، حيث أنه حرم الهوية القومية أو المدنية عن هؤلاء المواطنين. هنا نجد اوصاف مثل "موقوفون"، "متواجدون غير قانونيين"، ودائما هناك مشبوهين – بـ "التظاهر"، "الاخلال بالنظام" و"محاولة تنفيذ العمليات". وليس ضد "جيش الاحتلال" بل ضد الجيش الاسرائيلي الاكثر اخلاقية في العالم. الجيش الذي لم يحدث فيه، حسب الرواية الرسمية، حتى لو حادثة واحدة تستدعي نشاط مثل "نحطم الصمت" أو "بتسيلم" التي قامت بتوثيق مئات الاضرار الخطيرة بحقوق الانسان.
اللغة تشكل الوعي، ومن اجل استمرار مشروع الاحتلال ونجاحه يجب الوقوف استعدادا للغة. هذا انجاز كبير لليمين الديني والعلماني ايضا. لم تعد هناك "مناطق محتلة"، توجد فقط "يهودا والسامرة". لا توجد "مستوطنات غير قانونية" حسب القانون الدولي، توجد فقط "حاضرة يهودية". لا يوجد "احتلال"، بل "عودة الى ارض الآباء". ايضا لا يوجد سلب ولا مسلوبين.
المتحدثون الفوريون للغة السوداء السيئة هم الجنود الذين يقفون في الحواجز. مُسممون يعودون الى منازلهم دون التخلص من اللغة السيئة. وبالتدريج تتغلغل هذه اللغة الى وسائل الاعلام الشرعية والرسمية. "العدو" في اللغة العبرية القبيحة هو من لا يوافق على برنامج البيت اليهودي. "اللاسامي" هو من ينتقد سياسة اسرائيل الرسمية أو غير اليهودي. عن اليهودي يُقال "خائن" و"طابور خامس" و"متعاون" و"سكين في ظهر الأمة". ويمكن ايضا الاستعانة بالحاخامات: "لا تثق بالأغيار" و"لا تغفر لهم" و"الموت لمن يتنازل عن الارض". كل هذه الامور تعتبر قيم.
كل ذلك يبدو قزما أمام اللاشرعية اللغوية الثقافية العامة التي تهدف الى استبعاد المواطنين العرب وعدم منحهم الحقوق. حينما يقول المسيطر "يتدفقون في الحافلات" فان الخيال يشتعل وكأن هناك أنهار بشرية على شاكلة "يتظاهرون" أو "يُخلون بالنظام"، كما هي حال "الشارع العربي" المملوء بالعنف والمجاري، حيث أن "المخاتير" فيه "يحرضون على العنف" مثل اعضاء الكنيست العرب الذين لا يقدمون "الولاء للدولة". فليحترقوا. هذا ما يقوله آلاف الاشخاص بصوت عالٍ يوميا.
مستوى اللاشرعية يتصاعد بسرعة مخيفة. في القريب يمكن تسمية اليساريين نتنين وتسمية العرب مخربين.