الثلاثي المقدس: لا شريك، يوجد تحريض فلسطيني، اسرائيل محقة.
2016-01-24
معاريف
كيرن هابر
من ناحية السياسة الخارجية الاسرائيلية، فان العام 2016 لم يبدأ على نحو جيد. فالاعلان الاوروبي في الاسبوع الماضي بان الاتفاقات مع اسرائيل لن تنطبق على المستوطنات يؤشر لاسرائيل بان استمرار التلبث يأتي مع ثمن. اما تلطيف القرار، في اعقاب المساعي الاسرائيلية بمساعدة اعضاء ضعفاء في الاتحاد، فيدل على أن بوسع اسرائيل أن تغير، ولكن فقط بالهوامش والصياغات. والانتقاد الذي كان في خطاب السفير الامريكي، وساندته وزارة الخارجية الامريكية عن التمييز في انفاذ القانون في المناطق المحتلة بين اليهود وغير اليهود، يضيف الى الارتفاع في الدرجة في الساحة الدولية في المساعي للوصول الى حل الدولتين للشعبين، الاعراب عن عدم الثقة واشتداد الضغط على اسرائيل.
تثبت السنوات الاخيرة جمودا فكريا سياسيا. فالجمود السياسي لا يحفظ الوضع بسبب الواقع الدينامي ولهذا فان سياسة اسرائيل في رد الفعل وانعدام المبادرة تعمل في طالحها. اسرائيل، التي تفتقد الى خط سياسي يوجهها غارقة حتى الرقبة في الدعاية على اساس الثلاثي المقدس: لا شريك، يوجد تحريض فلسطيني، اسرائيل محقة. هذه ليست سياسة، هذه دعاية متكررة تقنع المقتنعين.
ان وضع سياسة خارجية تستند الى فهم الواقع بطريقة مستمرة وخلق خط منسجم. اما أساس السياسة الخارجية لاسرائيل فلم يتحقق فيه اي تعديل على مدى السنين وهو لا يتكيف مع الواقع.
ان القدرة الدعائية التي تشرح الفراغ السياسي في ظل غياب وزير مسؤول دائم وبوظيفة كاملة وتوزيع الصلاحيات هو ما يسود في الاشهر التسعة الاخيرة وليس لسنوات نتنياهو السبعة. ويشعر المرء بغياب السياسة على المستوى الدولي وبتردي مستوى ثقة الجمهور بالسياسة الخارجية. فاحساس العزلة السياسية لن يحله فيلم يظهر المصافحات مع رؤساء الدول وهو لا يعكس الواقع. ونتنياهو يجد قوته باللقطات التصويرية على نمط "التهديد الايراني"، "العالم كله ضدنا. ونحن فقط الذين نواجه اعدائنا" و "في اوروبا الكل لا ساميون". وعليه، فان تطورات مثل الاتفاق مع ايران ورفع العقوبات، وسم المنتجات من المستوطنات، التمييز بين اسرائيل والمناطق، المواجهة مع الاتحاد، الامم المتحدة والولايات المتحدة تخدمه لانها تخلق صورة تجد تعبيرها في النجاح الانتخابي على مدى حكمه.
النووي الايراني هو مثال ممتاز. حملة التخويف التي يقودها نتنياهو والتي تضمنت نزالا مع اوباما في الكونغرس دفع الجمهور الاسرائيلي لان يرى في توقيع الاتفاق في تموز ورفع العقوبات في كانون الثاني تهديدا على اسرائيل وهزيمة دبلوماسية. غير أن الاتفاق ليس فاشلا. فمصالح اسرائيل محفوظة، وايران ليست في الطريق الى النووي.
موضوعيا لا يوجد منطق في تصوير الاتفاق كفشل. نتنياهو يعرف هذا، وقيادة الامن تعترف بذلك. واذا كان كذلك، فلماذا يصور هذا على هذا النحو؟ لان نتنياهو يخرج منتصرا – الاتفاق نفسه ليس سيئا ويحافظ على مصالح اسرائيل. صداقة اسرائيل مع الولايات المتحدة لا تتضرر، فهي ليست شخصية. الرئيس لم يحب نتنياهو قبل ذلك ايضا. نتنياهو خلق حربا وهمية، وانتصر في الرأي العام البيتي ومن اجل رفاقه الجمهوريين، قبل سنة ونصف من الانتخابات في الولايات المتحدة. وهذا وضع يكون فيه الجميع منتصرين.
الزعيم يقاس بالقدرة على خلق رؤيا والعمل على التقدم فيها. اما نتنياهو فيخلق مجرد رسائل والسياسة المتبلورة بعيدة عنه، وذلك لان الخط الذي يوجه رئيس الوزراء هو تعزيز قدرته الانتخابية في الداخل. اما السياسة الخارجية الناجحة فتبدأ من الداخل. ولكن السياسة الخارجية التي هدفها التأثير على الداخل فتمس بالداخل وبالخارج على حد سواء. هذا ليس جيدا لاسرائيل، ولكنه جيد لنتنياهو.