نهايتنا شبيهة بنهاية سبارطا -هآرتس
2016-01-27
قال لي هذا الاسبوع صديق عاد من زيارة في لندن وبخيبة أمل كيف أن المدينة الضخمة التي يزيد عدد سكانها عن عدد سكان اسرائيل دون الحديث عن السياح الكثيرين، كيف أنها تنجح في تسفير وتحريك الجميع بسرعة وفعالية تثير الحسد في المواصلات العامة المتطورة جدا مع قطار تحت ارضي لا يكف عن التجدد وحافلات تصل كل دقيقتين وقطارات تخرج الى كل زاوية في المملكة. "لماذا نحن لا نستطيع تقديم خدمات مشابهة؟"، سأل، "لماذا لا توجد عندنا مواصلات عامة ملائمة؟ لماذا لا يوجد قطار تحت ارضي؟ ولماذا خدمات الحافلات سيئة الى هذا الحد؟".
يتبين أنه لكل جسم توجد كمية محدودة من الطاقة. ولا يمكن أن تكون جيدا في كل شيء. اذا كانت المصادر والامكانيات موجهة للحرب ضد الارهاب والاستعداد للحرب القادمة، لا يمكن تقديم الادوات الكافية للمواصلات والتعليم والثقافة والسكن والرفاه، هذا غير ممكن. انظروا مثلا الى اقوال شخصين يقرران مصيرنا في الآونة الاخيرة: نفتالي بينيت، وزير التربية والتعليم، وبنيامين نتنياهو رئيس الحكومة.
قبل بضعة ايام، في خطاب استراتيجي شامل، قال بينيت "علينا انتاج موقف أمني جديد وابداعي، علينا تجديد المواقف". لم يتحدث عن موقف جديد أو ابداع في مجال التعليم وازمة السكن والمواصلات العامة أو محاربة الفقر. لقد تحدث فقط عن الحاجة الى الاستثمار أكثر في مجال "القضاء والوعي"، بعد أن استثمرنا بما يكفي في الطائرات. هكذا هي سبارطا: "الجيدون لسلاح الجو" وليس "الجيدون للتعليم". الجهود، الابحاث، القدرة على الاختراع، الايدي العاملة الجيدة – كل اولئك موجهين للأمن. الشعب كله جيش والبلاد كلها جبهة، والمواضيع المدنية لم يبق لها قوة وأدوات.
في بداية الاسبوع وبعد عودته من المؤتمر الاقتصادي في دافوس، أكمل نتنياهو الصورة التي قدمها بينيت. لقد تحدث للوزراء في جلسة الحكومة أن وضعنا في العالم ممتاز، وهذا خلافا لـ "لا يُقال في وسائل الاعلام". تحدث عن لقائه مع كبار العالم الذين يريدون التعاون معنا "في الصراع ضد الارهاب" و"كل ما يمكننا تقديمه من اجل الامن". واضح. نحن الأمن. وخلال نقاشات الميزانية يهتم نتنياهو دائما بزيادة ميزانية الامن. والوزارات الاجتماعية لا تعنيه.
بالنسبة لنتنياهو لا يوجد ثمن لتحويلنا الى سبارطا. من ناحيتنا لا يوجد ثمن لرفضه لقاء محمود عباس، لا توجد مقاطعات على البضاعة الاسرائيلية ولا يوجد وسم لمنتوجات المستوطنات، لا توجد مقاطعة للمحاضرين الاسرائيليين، لا توجد ازمة في السياحة، لا يوجد نمو متدني ولا يوجد تضخم كبير ومهدد في 2016 ونسبة البطالة ليست الاكبر في الغرب ولا يوجد شباب غير قادرين على اكمال الشهر، لذلك يتركون ويذهبون الى الولايات المتحدة، لا يوجد تراجع في مستوى الحياة قياسا مع الغرب.
نتنياهو لا ينتبه ايضا الى حقيقة أننا تحولنا الى دولة قبيحة ومنفرة بالنسبة للمستثمرين الاجانب. فقط الشركات الضخمة الصينية التي تعتبر في العالم لها اشكالية من ناحية مصداقيتها وبسبب سيطرة الحكومة الشيوعية – مستعدة لشراء شركات هنا. شركات من العالم الغربي لا تريد الاستثمار هنا، ليس في شركات التأمين المعروضة للبيع وليس في البنوك وليس في الصناعة وليس ايضا في "ميغا" التي كانت ستُخطف منذ وقت في مكان آخر في العالم.
نتنياهو لا يعترف بحقيقة أن سياسة الرفض التي ينتهجها هي التي جعلت الفلسطينيين يشعرون بهذا اليأس الكبير الى درجة أنهم مستعدين للانتحار في انتفاضة الافراد. وهو ايضا لا يعترف بحقيقة أن رفضه السير في حل الدولتين سيؤدي بالضرورة الى حل الدولة الواحدة مع اغلبية اسلامية، أي نهاية الحلم الصهيوني – هذا هو الثمن الكامل والتراجيدي لسبارطا.