حين يكذب رجال عباس رئيسهم! - معتصم حمادة
2016-01-30
■ ثلاث وقائع شهدتها الحالة الفلسطينية كشفت أن خطاب السلطة الفلسطينية حول «الهبة الشعبية السلمية» ما هو إلا محاولة للالتفاف على الحراك المتلهب في شوارع مدن الضفة.
• رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية يؤكد في حديث إلى «ديفنس نيوز» الأميركية (20/11/2016) أن الأمن الفلسطيني أجهض خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الانتفاضة 200 عملية ضد سلطات الاحتلال والمستوطنين واعتقل 100 ناشط كانوا يخططون لهذه العمليات. وأكد أن «التنسيق الأمني مع إسرائيل هو الجسر الذي يحافظ على العلاقة معها بانتظار توفير الفرص المناسبة لاستئناف المفاوضات».
• مجموعة من رجال المال والأعمال الفلسطينيين تلتحق بمشروع مشترك مع رجل الأعمال الإسرائيلي رامي ليفي لإقامة مجمع تجاري شمال مدينة القدس المحتلة. ليفي صاحب 26 مركز تجاري تنتشر عند بوابات المدن الفلسطينية في أنحاء الضفة، تشكل عنصر جذب للعائلات الفلسطينية في الفئات العليا والوسطى وذات النزعات الاستهلاكية والشرهة.
• وزير المال الفلسطيني يبحث مع نظيره الإسرائيلي آليات تحويل أموال المقاصة، ويطلب منه رفع عدد العمال الفلسطينيين في المشاريع الإسرائيلية.
الوقائع الثلاث تتعارض بشكل فاقع مع قرارات المجلس المركزي واللجنة التنفيذية بوقف التنسيق الأمني والبدء بإجراءات المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، وتوفير بدائل للعمال الفلسطينيين في المشاريع الإسرائيلية، خاصة في المستوطنات. وتكشف بشكل واضح لماذا يعطل «المطبخ» الفلسطيني هذه القرارات، تحت دعوى الدراسة والتدقيق ورسم الآليات واستكمال المشاورات مع الحالة العربية.
ما كشفه رئيس المخابرات يتجاوز حدود التنسيق الأمني، ويقترب من حدود «الوظيفة اللحدية» في حماية سلطات الاحتلال وحماية المستوطنين.
وما كشفته الأخبار الإقتصادية يكشف بأن شبكة العلاقات الاقتصادية الفلسطينية الإسرائيلية باتت أكثر تعقيداً، بل في حالة من الاندماج، الذي بات معه إعادة بناء اقتصاد فلسطيني وطني مستقل شبه مستحيل في ظل الآليات الفلسطينية الحالية.
وهذا في مجموعه، يكشف إلى أي مدى باتت النخبة السياسية والأمنية الفلسطينية، الممسكة بدفه الوضع، أسيرة حالة سياسية، أنتجها اتفاق أوسلو، وقاد بها إلى موقع التبعية للاحتلال والإرتهان إلى سياسته، وارتباط مصالحها بمصالحة، عكس ادعاءاتها أن أوسلو هو الطريق لسلطة «وطنية» تشكل المرحلة الإنتقالية لقيام الدولة المستقلة.
سياستان تتصارعان في الحالة الفلسطينية. سياسة السلطة، تدعمها النخب الإقتصادية من رجال المال والأعمال، والفئات العليا في الإدارة، وحالة عربية رسمية. وسياسة يحاول شبان الإنتفاضة بواسطة الدم أن يشقوا لها طريقاً، في رهان على إمكانية إحتضانها، من قبل فصائل فلسطينية مازالت حائرة بين خيارات الحفاظ على المؤسسة الرسمية بتشوهاتها القبيحة، وبين الإنخراط في حراك الشارع، بحثاً عن طريق فلسطينية بديلة وجديدة■