:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/7929

قراءة حول زيارة د.ناصر القدوة لقطاع غزة -زهير الشاعر

2016-02-08

يبدو أن وزير الخارجية الفلسطيني السابق وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات ، قرأ جيداً التطورات في المشهد السياسي عندما بادر بزيارة قطاع غزة في هذا الوقت بالتحديد والذي يتزامن مع مباحثات ماراثونية في الدوحة حول تشكيل حكومة وحدة وطنية مطلوب نجاح تشكيلها إقليمياً ويقف وراء مطلب نجاح ذلك ثقل عربي وإقليمي.
نعم يبدو أنه قرأ ذلك جيداً، فبادر بهذه الزيارة تحت بند زيارة منزل الرئيس الراحل ياسر عرفات والوقوف على متطلبات إعادة ترميمه والإطلاع على مقتنياته ما تبقى منها وما فقد، ولكني أرى أن الرجل بادر بحسه الدبلوماسي الرفيع ليقدم نفسه من جديد كرقم قيادي وطني لا زال موجوداً ويستطيع أن يكون جامعاً ومقبولاً بين الجميع كوزير خارجية من جديد في حكومة وحدة وطنية أو لربما كرئيس لوزرائها في ظل عدم التوافق على مسمى رئاسة الوزراء بعد!.
في تقديري أنه لا يوجد لدى جميع الأطراف أي مانع إتجاه ذلك للتوافق حول عودته كوزير للخارجية لربما إلا الرئيس محمود عباس الذي لا زال كما يبدو متمسكاً بوزير خارجيته الحالي د. رياض المالكي في سياق حساباته الجغرافية وغيرها والتي تتناقض مع متطلبات المرحلة!، بالرغم من أن المعلومات تقول بأن هناك من ذهب إلى الرئيس عباس وأخبره بأن المؤتمر الخاص بسفراء فلسطين في القارة اللاتينية والذي سيعقد في العاصمة الكوبية هافانا في العاشر من فبراير وبعد مرور أقل من عام على عقد مؤتمر مماثل في العاصمة الفنزويلية كاراكاس ليس إلا ملهاة يقوم بها الوزير المالكي لخداع الرئيس نفسه من خلال هذه المسرحية ليبقيه كوزير للخارجية في الحكومة المنتظرة!، حيث أنه أخبر الرئيس بأن المؤتمر مستضاف من كوبا ولكن الحقيقة تقول بأن ذلك غير صحيح، وبأن الجانب الفلسطيني سيتكفل بكافة المصاريف من تذاكر سفر وإقامة في العاصمة الكوبية هافانا، ومع ذلك تجاهل الرئيس عباس تلك الملاحظة من المسؤول الفلسطيني الرفيع والمطلع جداً وصمت في دلالة على أنه سيبقى متمسكاً بهذا الوزير حتى النهاية، لذلك لم يكن مستغرباً أن يصدر تصريحاً إستباقياً من الجبهة الشعبية لتعبر فيه عن عدم رغبتها بالمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية المنشودة والتي كما يبدو بأنه لم يرق لها أن يتم تسمية رياض المالكي من جديد كوزير للخارجية ولكن هذه المرة ضمن كوتتها إلى جانب عدة أسباب أخرى تخصها!.
هنا لابد من العودة للتصريحات الدبلوماسية المهمة التي أدلى بها دكتور ناصر القدوة في غزة خلال لقاء مع نخبة من الصحافيين والمثقفين دعت اليه مؤسسة بيت الصحافة والتي قال فيها " إن انجاز المصالحة يتطلب عدة أمور أبرزها تخلي حركة حماس عن السيطرة الأمنية والوظيفية في قطاع غزة، وبالمقابل موافقة حركة فتح على تشكيل حكومة وطنية بشراكة كل الفصائل الفلسطينية " ، وهذا لا شك كلام دبلوماسي!، لكنه مهم للغاية حيث أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال وجود دولة داخل دولة، بالمقابل لا يجوز لأحد أن يقصي أحد من المشهد، وهذا كلام عالي المستوى من الجودة والشعور بالمسؤولية ، لذلك في تقديري أن الإصرار على التوافق حول شخصية تعي التحديات في هذه المرحلة الحرجة ولديها القدرة على الإنفتاح على المجتمع الدولي من خلال روايات وطنية حقيقية واقعية بعيدة كل البعد عن الوهم والخداع الذي لازم قضيتنا خلال الثماني سنوات الماضية، ثبت خلالها أن الفجوة هائلة بين مسؤول الدبلوماسية الفلسطينية الحالي والمسؤولين الفلسطينين الذين من المفترض أنهم يمثلون جزءاً اصيلاً من القرار في تحديد الخطوط العريضة للسياسة الفلسطينية العامة، هو أمر ملح وضروري للغاية وسيفوت الفرصة على أي كولسات تكون نتيجتها فرض أشخاص منبوذين وطنياً وشعبياً على الحكومة المنشودة كما حصل سابقاً!.
في النهاية ، بات من الواضح أنه قد حان الوقت لأهمية فهم ضرورة أن يكون هناك سلاح شرعي واحد كما أشار الدكتور القدوة في لقائه ، يخضع للشرعية وله ضوابطه والإتفاق حول أجندة سياسية وطنية واحدة تحت مظلة واحدة تشمل الجميع، بدلاً من العنتريات التي جلبت الوبال والويلات وسمحت بتسلل أرقام غير وطنية إستباحت كرامة الجميع وأهدرت القيم المجتمعية الأخلاقية والوطنية، لذلك لابد من إعادة النظر بواقعية في ضرورة التلاقي حول المضمون الوطني في ظل التحديات والمتغيرات الدولية بدون الإستمرار في طريق الخداع للنفس وللشعب، للتوافق حول حقيقة أن هناك حاجة ملحة لمفهوم القيادة ومتطلباتها لتمثل شعب هو جزء من المجتمع الدولي، وأن يكون تشكيل حكومة الوحدة الوطنية هو ضمن خيار وطني هدفه تجاوز الإنقسام والتوقف عن السير في طريق إضاعة الوطن، وأن لا يكون الهدف من هذه الغاية مجرد تشكيل حكومة أزمة للإلتفاف على التحديات التي تواجه طرفي الصراع في المعادلة الفلسطينية الداخلية!.