:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/9533

لماذا كانت فلسطين محط الأنظار لإقامة كيان صهيوني فيها؟

2016-04-12

قد يبدو لأي شخص ان الاجابة على السؤال المطروح بسيطه ومعروفه، فهي -كما تواتر على مسامعنا وتلقيناه في مدراسنا وتعلمناه من بعض كتبنا واعلامنا- الارض الموعوده لليهود وارض مقدساتهم ومعابدهم ومهد ديانتهم وارض اجدادهم، فلذلك اختيرت من بين كل مناطق العالم لتقوم عليها اسرائيل ،ولكن الاجابه على هذا السؤال ،ممن هم مطلعون على التاريخ والسياسه تكون اكثر عمقا وابعد نظرا واوسع فكرا، فيستثنى عامل الدين كسبب من اسباب هجرة اليهود الى فلسطين، ويراه كذريعة استخدمها اصحاب فكرة تأسيس دولة يهودية في فلسطين للسيطرة عليها ونهب ثرواتها وقتل وتهجير سكانها. فعامل الدين الذي لا يهم الا رجال الدين ,لم يستخدمه مؤسسي الصهيونية ككذبة مزيفة مغرضة على غير اليهود فقط، بل على باقي اليهود انفسهم ليشجعوهم بذلك على الهجرة الى فلسطين.
اذا فلماذا أتجهت الانظار الى فلسطين لا غيرها كأرض مناسبة لاقامة دولة يهودية فيها؟
لو عدنا بالتاريخ الى العصور الوسطى وحتى تاريخ تأسيس اسرائيل لوجدناه تاريخ اسود بالنسبة لليهود لما لاقوه في اوروبا من أضطهاد وكراهية من قبل الطوائف الاخرى ( وبرأيي هذا لم يكن ظلما لهم بل حقا استحقوه لان حالهم اليوم يبين لنا مدى وقاحتهم عبر التاريخ كله) . امتد تاريخ هذه الكراهية والاضطهاد على مدى فترة تفوق الثلاثة آلاف سنة، بداية من العهد الروماني من بعدها للمسيحية الرومانية مرورا بالكنيسة الكاثوليكية الى ان وصل إلى كراهية قومية عرقية تمثلت بالنازية ومعاداة السامية، مما دفع كبار اليهود وعلى رأسهم ثيودر هيرتزل مؤسس المنظمة الصهيونية الى محاولة ايجاد وطن لليهود يجمعهم ويخلصهم من هذا الأضطهاد، فكان مؤتمر بازل في سويسرا في عام ١٨٩٧ اول خطوة عملية لفكرة وجود كيان صهيوني في فلسطين. فكانت فلسطين قد رشحت والى جانبها عدة دول اخرى لايجاد وطن لليهود في احداها ومن هنا وجدت الدول الغربية ان سناريو السيطرة على الشرق الاوسط بات ممكنا ووجدت ان اقامة كيان يهودي في الشرق الاوسط يحقق عدة مزايا منها ايجاد كيان في الشرق الاوسط يخدم مصالحها ويحقق اهدافها وفرصة للخلاص من يهود اوروبا وضمان السيطره على الوطن العربي وعلى ثرواتة والتحكم بسكانه.
ان الاطماع الغربية في الوطن العربي وخاصة فلسطين ليست بجديدة ، فجذورها تمتد في التاريخ الى سنوات بعيدة، وزادت تلك الاطماع بشكل خاص بعد الثورة الصناعية، وظلت المحاولات مستمره عبر التاريخ لايجاد فرصة حقيقية في السيطرة على الوطن العربي ،وكانت فترة الحكم العثماني تشكل عائقا كبيرا بالنسبة للدول الاستعمارية الاوروبية فكانت فكرة وجود منطقة عازلة هناك من اهم الاهداف التي سعت الى تحقيقها ، ففتح بريطانيا قنصلية لها في فلسطين في عام ١٨٣٨ تعتبر اولى المحاولات العملية لانشاء ما يسمى بالدولة العازلة فكانت المهام السريه الاساسية لهذة البعثة حماية اليهود هناك وتقويتهم والسيطره على قناة السويس والتخطيط عن كثب في القضاء على الدوله العثمانية، فبعد ان بات الامر وشيكا في سقوط الدولة العثمانية في اوائل التسعينات بعد المحاولات العديدة من دول الغرب وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا في العمل على اسقاطها وجدت هذه الدول اخيرا ان الفرصه مهيأه لاستباق نهوض دولة إسلامية قوية بعد سقوط الخلافة العثمانية ،وضعف هذه الأخيرة هو الذي شجع ظهور الحركة الصهيونية، كما أنه منذ القرن التاسع عشر كما ذكرت آنفا ،وفلسطين تعتبر مركز ومحط الأطماع الاستعمارية الغربية، خصوصًا البريطانية حيث كان التنافس الاستعماري على أشده بين كلا من فرنسا وبريطانيا.. ففي هذا السياق، نظرت بريطانيا الى فلسطين، كمنطقة فصل بين الجناحين الآسيوي والإفريقي للعالم الإسلامي ومهمة هذة المنطقة هو المنع والحد من أي محاولة لتوحيد للبلدان الإسلامية، والمحاولة قدر الامكان على شغل هذه الأخيرة بنزاعات مفتعلة ..وهنا لا بد من التأكيد على حقيقة مهمة: إن الاحتلال الصهيوني لارض فسطين، هو في الاساس والعمق احتلال لحلم الوحدة الإسلامي، وإجهاض لأي محاولة بنهوض حضاري مستقبلي للعرب وللأمة الإسلامية جمعيا ومن هذا المنطلق يجب النظر والتعامل مع القضية الفلسطينية على هذا الأساس، وليس باعتبارها مشكلة للشعب الفلسطيني وحده.
نستطيع ان نستنتج، ان فلسطين كانت ارض النجاة لليهود الهاربين من الاضهاد في اوروبا، والمكان المناسب للتخلص والاستفادة في نفس الوقت من قذارات ونفايات اوروبا بالنسبة للدول الاوروبية، وأعتبرت البقعة الجغرافية الاستراتيجية للدول الاستعمارية ، والمنطقه المركزية والحيويه لاحباط اي نهوض اجتماعي اوصناعي اوتكنولوجي في الوطن العربي.