:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/9580

ارتباك وتوجس في اسرائيل: عملية القدس نوعية وغير متوقعة وقوة الردع تآكلت

2016-04-19

إرباك وارتباك، إحباط، تلعثم، شعور بفقدان الأمن والآمان، قلق وتوجّس من القادم، هكذا يُمكن تلخيص شعور الإسرائيليين، قيادةً وشعبًا، بعد عملية تفجير الحافلتين أمس الاثنين في القدس المُحتلّة.
أكثر من ثلاث ساعات بعد الانفجار الذي هزّ القدس لم يعرف قادة الأجهزة الأمنيّة على جميع مشاربها تحديد سبب الانفجار: خلل فنيّ أمْ عملية فدائيّة؟ في الساعة التاسعة بالتوقيت المحليّ، عقد قائد لواء القدس في الشرطة الإسرائيليّة مؤتمرًا صحافيًا وبشّر “الشعب الجالس في صهيون”، بأنّ العملية فدائيّة، ولكنّه لم يعرف فيما إذا كان التنفيذ من قبل انتحاريّ أمْ أنّ الفدائيّ وضع القنبلة في الحافلة وهرب.
وسائل الإعلام الإسرائيليّة تلقّت النبأ بصدمةٍ كبيرةٍ، على خلفية تبجح رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، قبل عدّة أيّام بأنّ سياسته قد أدّت إلى تراجع الانتفاضة الثالثة، فجاءت هذه العملية لتؤكّد لكلّ مَنْ في رأسه عينان، على أنّ نتنياهو، لا يقول الحقيقة. المُحللة المُخضرمة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، سيما كدمون كتبت اليوم أنّ نتنياهو، الذي زاحم ونافس الجميع على لقب “سيّد الأمن”، وسخر من مُنافسيه على هذا اللقب، أثبت أنّه لا يستحّق هذا اللقب بتاتًا، بل على العكس، بحسب أقوالها.
وأضافت قائلةً: عندما نستمع إلى وعود نتنياهو عشية الانتخابات، كلّ انتخابات، لا نعرف أنضحك أمْ نبكي؟، مُشدّدّة على أنّ إسرائيل لم تتمكّن من الحصول على الردع خلال عملية “الجرف الصامد”، أيْ الحرب العدوانيّة البربريّة ضدّ قطاع غزّة في صيف العام 2014. ورأت المُحللة أنّ كلّ انخفاض في العمليات الفدائيّة الفلسطينيّة هي محض صدفة، لا أقّل ولا أكثر، بحسب تعبيرها.
الإعلام العبريّ، تلقّى على ما يبدو، تعليمات من “الأخ الأكبر” بالتشديد في تقاريره الإخباريّة، وليس التحليلات، على أنّ عملية القدس لا تُعتبر ارتفاعًا نوعيًا في العمليات، إنمّا تدّل على أنّ الحديث يجري عن عملية نادرة وخارجة عن السياق.
ولكنّ الإعلام عينه وعلى مُختلف مشاربه، الذي عادةً في ظروفٍ من هذا القبيل، يتطوّع لإيجاد المُبررات والتسويغات للعمليّة الفدائيّة خرج اليوم عن أطواره، وشنّ هجومًا لاذعًا وشديدًا على الحكومة الإسرائيليّة وعلى رئيسها بنيامين نتنياهو.
صحيفة (يديعوت أحرونوت)، كبرى الصحف الإسرائيليّة، خرجت بعنوان رئيسيّ على صدر صفحتها الرئيسيّة وبالبنط العريض أكّدت: الردع الإسرائيليّ تآكل. كما تبينّ أنّه على الرغم من الموارد البشريّة والماليّة التي يصرفها جهاز الأمن العام (الشاباك) لمنع حوادث من هذا القبيل ذهبت هباءً، فقد اعترفت مصادر أمنيّة إسرائيليّة رفيعة بأنّ الشاباك لم يكُن يملك أيّة معلومات عن العملية، كما أنّ التنسيق الأمنيّ مع الأجهزة الأمنيّة، التابعة للسلطة الفلسطينيّة، لم تُوفّر المعلومات، علمًا بأنّ اجتماعًا مهمًا عُقد بالقدس المُحتلّة بين الطرفين في الليلة الواقعة بين الأحد والاثنين، واستمرّ لمدّة خمس ساعات، ولكن بعد مرور 12 ساعة وقعت العملية الفدائيّة. السؤال الذي طرحه كبار المُحللين: مَنْ يقف وراء العملية؟ هل هي عملية فرديّة أمْ مدعومة من قبل تنظيمٍ فلسطينيّ؟ كيف تمكّن الفدائيين من إدخال المواد المُتفجرّة إلى القدس، على الرغم من الحراسة المُشدّدّة؟
وأكثر من ذلك، مُحلل الشؤون الإستراتيجيّة، د. رونين بيرغمان، وهو ابن المؤسسة الأمنيّة المُدلل، لم يتمالك أعصابه على ما يبدو وكقال إنّ الفلسطينيين لا يخافون، وتابع قائلاً إنّ هناك ربطًا مباشرًا بين انتفاضة السكاكين، ومشروع الأنفاق الهجوميّة لحركة حماس، وإحباط عددٍ من العمليات الفدائيّة، وأمس عملية الحافلة، مُشيرًا إلى أنّ إسرائيل تفقد يومًا بعد يومٍ قوّة الردع، والحكومة الإسرائيليّة، أضاف بيرغمان، لا تجد الاتجاه المُناسب لتوجيه نفسها ولتوجيه الشعب الإسرائيليّ، علمًا أنّها هي المسؤولة عنه، على حدّ تعبيره.
وتابع قائلاً إنّه في ظلّ عدم وجود علاج لما أسماه بالإرهاب الفلسطينيّ، وبالمُقابل الجمود فيما يُطلق عليها بالعملية السلميّة، فإننّا سنُواصل الاستماع إلى تصريحات رنانّة من قادة إسرائيل، التي لا تُسمن ولا تُغني عن جوع، بحسب وصفه.
في السياق عينه، قال مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس)، عموس هارئيل، إنّه للمرّة الأولى بعد أكثر من نصف سنة على عمر موجة الـ”إرهاب” الحاليّة، يتمكّن الفلسطينيون من تنفيذ عملية تفجير حافلة في قلب القدس، لافتًا إلى أنّ عمليات الإحباط المُركزّة التي يقوم بها الشاباك والجيش الإسرائيليّ في الضفّة الغربيّة المُحتلّة أسفرت عن إحباط عددٍ كبيرٍ من العمليات التي خططت لها حركة حماس. علاوة على ذلك، لفت إلى أنّه خلافًا للانتفاضة الثانيّة، فإنّ الأجهزة الأمنيّة التابعة لرئيس السلطة، محمود عبّاس، تقوم بحملات دهم واعتقال ضدّ نشطاء في حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس)، الأمر الذي يُصعّب على الحركة إخراج عمليات نوعيّة إلى حيّز التنفيذ، بحسب تعبيره.