التمييز ضد المهنيين الفلسطينيين: الخرق القضائي ممكن
2016-04-28
يمنع الفلسطينيون من ممارسة المهن الحرة والانتساب إلى النقابات المهنية في لبنان، من دون أن يكون هناك قوانين تمنعهم من العمل في مهن معينة. لذلك، تصوّب جمعيات «مبادرة المساحة المشتركة» و»منتدى الحوار اللبناني الفلسطيني» و»لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني» أعمالها باتجاه إعادة تفسير التشريعات اللبنانية ومواءمتها مع الاتفاقيات الدولية، من أجل تأسيس معيار أكثر صلابة لحقوق اللاجئين الفلسطينيين، استناداً إلى واقع إقامتهم الممتدة في لبنان لأكثر من ستة عقود، وإلى المعايير والأعراف المتبعة في معاملة اللاجئين في العالم
فاتن الحاج
ينبهر اللبنانيون بتصاميم المعماريين الأجانب فيلزّمونهم مشاريع ضخمة ويستقدمونهم على أنهم رواد العمارة العالمية، بل أسطورتها، فيما يمكن أن تكون أعمالهم لافتة على «الماكيت» (المخطط)، لكنها خارج الإحساس بالمكان ولا تعكس روح المدينة ونسيجها الاجتماعي.
يحصل ذلك، فيما يحرم المهندس الفلسطيني المقيم هنا منذ 3 أجيال من حق التوقيع على تصاميمه، لا لشيء بل لكونه فلسطينياً. فالمهندس الذي يحالفه الحظ في إيجاد عمل يقوم به «عالسكيت» ويوقّع باسم غيره، أو يرسم خرائط لزملائه المهندسين اللبنانيين بأجور متواضعة.
في مقدمة بحث أجراه بعنوان «التمييز ضد المهنيين الفلسطينيين في لبنان»، يقول أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت ساري حنفي إن لبنان يمثل طرازاً أصلياً لدولة تتسم بالنزعة القومية في سوق العمل المهني. لا يسري هذا الموقف، بحسب حنفي، على فتح أسواق العمل أمام المهاجرين الأجانب فحسب، بل على تعامل السلطات الحكومية مع اللاجئين الموجودين في مجتمعها أيضاً. هنا يوصد سوق العمل بوجه الفلسطينيين، فيما يدعم الإطار القانوني، بما في ذلك أنظمة النقابات المهنية، إقصاء هذه المجموعة السكانية. أما الحجة التي يسوقها اللبنانيون لذلك، فهي أن الفلسطينيين مقيمون مؤقتون، ولا يجب أن يندمجوا في الاقتصاد والمجتمع اللبنانيَّين.
يستمر هذا الموقف ساري المفعول بعد نحو 70 عاماً على وجودهم هنا، ما يضطر معظم المهنيين الفلسطينيّين إلى العمل في السوق «غير الرسمية» بأجور منخفضة جداً ومن دون عقود عمل، ويتم حرمانهم من الحماية الاجتماعية وأنظمة التقاعد ومن الترقي والتقدّم، ويتعرضون لكل أشكال الاستغلال الاقتصادي.
خرق هذا الواقع ليس مستحيلاً، بحسب دراسة قانونية أعدها المحاميان نزار صاغية وكريم نمّور بعنوان «حق اللاجئين الفلسطينيين بالعمل في لبنان ــ إمكانية العمل في المهن الحرة». الدراسة ناقشت إمكان تجاوز الحاجزين التعجيزيين الأساسيين أمام المهنيين الفلسطينيين، وهما شرطا المعاملة بالمثل والتمتع بحق ممارسة المهنة في البلد الأصلي، بالاستناد إلى المعاهدات الدولية والاجتهاد والفقه والقانون المقارن.
تكمن المشكلة بالنسبة إلى العاملين الفلسطينيين في المهن الحرة بأن قانون العمل اللبناني الصادر في 23/9/1946 تمحور في شقه المتعلق بتوظيف الأجانب حول شرطين: شرط المعاملة بالمثل وشرط الحصول على إجازة عمل مسبقة. وبحسب مبدأ المعاملة بالمثل في لبنان، لا يحق للعمال الأجانب الحصول على إجازات عمل ولا الاستفادة من تقديمات الضمان الاجتماعي ما لم تمنح دولتهم المزايا عينها للعمال اللبنانيين فيها. ولم يراع القانون كون الفلسطينيين بلا دولة. وإضافة إلى شرط الحصول على إجازة عمل مسبقة، حظر على الفلسطينيين مزاولة مهن مثل المحاماة والتمريض لأنّ نقابات تلك المهن تشترط على المنتسبين إليها حيازة الجنسية اللبنانية.
إلى ذلك، لم يسمح القانون للنسبة الضئيلة من الفلسطينيين الذين يعملون بموجب عقود رسمية بالاستفادة من تقديمات الضمان الاجتماعي، علماً بأنهم ملزمون بدفع الاشتراكات في جميع فروع صندوق الضمان الاجتماعي ولا يستفيدون سوى من تقديمات صندوق نهاية الخدمة.
في مقدمة بحث أجراه بعنوان «التمييز ضد المهنيين الفلسطينيين في لبنان»، يقول أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت ساري حنفي إن لبنان يمثل طرازاً أصلياً لدولة تتسم بالنزعة القومية في سوق العمل المهني. لا يسري هذا الموقف، بحسب حنفي، على فتح أسواق العمل أمام المهاجرين الأجانب فحسب، بل على تعامل السلطات الحكومية مع اللاجئين الموجودين في مجتمعها أيضاً. هنا يوصد سوق العمل بوجه الفلسطينيين، فيما يدعم الإطار القانوني، بما في ذلك أنظمة النقابات المهنية، إقصاء هذه المجموعة السكانية. أما الحجة التي يسوقها اللبنانيون لذلك، فهي أن الفلسطينيين مقيمون مؤقتون، ولا يجب أن يندمجوا في الاقتصاد والمجتمع اللبنانيَّين.
يستمر هذا الموقف ساري المفعول بعد نحو 70 عاماً على وجودهم هنا، ما يضطر معظم المهنيين الفلسطينيّين إلى العمل في السوق «غير الرسمية» بأجور منخفضة جداً ومن دون عقود عمل، ويتم حرمانهم من الحماية الاجتماعية وأنظمة التقاعد ومن الترقي والتقدّم، ويتعرضون لكل أشكال الاستغلال الاقتصادي.
خرق هذا الواقع ليس مستحيلاً، بحسب دراسة قانونية أعدها المحاميان نزار صاغية وكريم نمّور بعنوان «حق اللاجئين الفلسطينيين بالعمل في لبنان ــ إمكانية العمل في المهن الحرة». الدراسة ناقشت إمكان تجاوز الحاجزين التعجيزيين الأساسيين أمام المهنيين الفلسطينيين، وهما شرطا المعاملة بالمثل والتمتع بحق ممارسة المهنة في البلد الأصلي، بالاستناد إلى المعاهدات الدولية والاجتهاد والفقه والقانون المقارن.
تكمن المشكلة بالنسبة إلى العاملين الفلسطينيين في المهن الحرة بأن قانون العمل اللبناني الصادر في 23/9/1946 تمحور في شقه المتعلق بتوظيف الأجانب حول شرطين: شرط المعاملة بالمثل وشرط الحصول على إجازة عمل مسبقة. وبحسب مبدأ المعاملة بالمثل في لبنان، لا يحق للعمال الأجانب الحصول على إجازات عمل ولا الاستفادة من تقديمات الضمان الاجتماعي ما لم تمنح دولتهم المزايا عينها للعمال اللبنانيين فيها. ولم يراع القانون كون الفلسطينيين بلا دولة. وإضافة إلى شرط الحصول على إجازة عمل مسبقة، حظر على الفلسطينيين مزاولة مهن مثل المحاماة والتمريض لأنّ نقابات تلك المهن تشترط على المنتسبين إليها حيازة الجنسية اللبنانية.
إلى ذلك، لم يسمح القانون للنسبة الضئيلة من الفلسطينيين الذين يعملون بموجب عقود رسمية بالاستفادة من تقديمات الضمان الاجتماعي، علماً بأنهم ملزمون بدفع الاشتراكات في جميع فروع صندوق الضمان الاجتماعي ولا يستفيدون سوى من تقديمات صندوق نهاية الخدمة.
ما هي إذاً الخيارات لمحاربة الشرطين اللذين يعرقلان عمل المهنيين الفلسطينيين؟ يقول كريم نمور في حديث إلى «الأخبار» إن الجدل حول ما إذا كان الفلسطينيون رعايا دولة عربية أو عديمي الجنسية أمر محسوم لمصلحة الخيار الثاني. ويميز هنا بين الهوية والجنسية، فيؤكد أنّ الفلسطينيين، بالمعطى القانوني، هم عديمو جنسية أو أنهم على الأقل رعايا دولة غير مكتملة العناصر. فبحسب الفقه القانوني الدولي، تعتبر السيادة أحد الأركان الأساسية لوجود دولة، وفي فلسطين السيادة ناقصة.
بعيداً عن الشعارات الفضفاضة (وفاق وطني، سلم أهلي، ميثاقية)، يرى نمور أن الخرق يمكن أن يكون على الصعيد القضائي، وليس أمام المشرّع من أجل استصدار قرارات قضائية حمائية.
فالمادة 7 من اتفاقية 1954 بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية تنص في الفقرة 2 منها على: «يتمتع جميع عديمي الجنسية، بعد مرور 3 سنوات علي إقامتهم، بالإعفاء، على أرض الدول المتعاقدة، من شرط المعاملة بالمثل». يستدرك نمور: «صحيح أنّ لبنان لم يوقع الاتفاقية، لكن لها مكانة معنوية ويحق للقاضي اللبناني الاسترشاد بها، في حين أن لبنان صادق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والتي تنص كلها على حق العمل للجميع، وضمّنها مقدمة الدستور، أي أنها تتمتع بالقوة الدستورية.
هذا ما يتعلق بالقانون الدولي، أما بالنسبة إلى القانون الوضعي اللبناني فإنّ الفقرة 3 من المادة 59 من قانون العمل اللبناني عدّلت بتاريخ 24/8/2010 لتصبح:« يتمتع الأجراء الأجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون، شرط المعاملة بالمثل ويترتب عليهم الحصول من وزارة العمل على إجازة عمل. يستثنى حصراً الأجراء الفلسطينيون اللاجئون المسجلون وفقاً للأصول في سجلات وزارة الداخلية والبلديات ــ مديرية الشؤون السياسية واللاجئين ــ من شرط المعاملة بالمثل ورسم إجازة العمل الصادرة عن وزارة العمل». هذا التعديل لم يطبق لعدم صدور مرسوم تطبيقي. وكانت مجالس العمل التحكيمية قد طوّرت اجتهادها لجهة إلغاء شرط المعاملة بالمثل، لعدم إمكان إخضاع أجير لشرط مستحيل، والشرط المستحيل هو شرط باطل». كذلك هناك استقرار في رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل منذ الخمسينيات بشأن أن المعاملة بالمثل لا تطبق على اللاجئين الفلسطينيين.
في مجال آخر، يلفت نمور إلى أننا «اكتشفنا أن بعض النقابات اللبنانية غير مطّلعة بالتفصيل على آليات انتساب العاملين إليها، إذ ترفض انتساب المهنيين الفلسطينيين رغم توفر الشروط القانونية كافة، كما هي حال نقابات الهندسة والأطباء وأطباء الأسنان والمعالجين الفيزيائيين والصيادلة وغيرها». بناءً عليه، يكون الحل، كما يقول، بالقيام بتقاضٍ استراتيجي عبر رفع مهنيين فلسطينيين دعاوى ضد النقابات التي ترفض انتساب المهنيين بهدف استبعاد تطبيق شرط المعاملة بالمثل على اللاجئ الفلسطيني. كذلك بإمكان المهنيين رفع دعاوى على الإدارات العامة، ولا سيما وزارتي الأشغال العامة والصحة العامة، التي ترفض إعطاء مهنيين فلسطينيين مستوفين للشروط أذونات بمزاولة المهنة. كما أن المطلوب الضغط على وزير العمل الحالي سجعان قزي لإصدار إجازات عمل للاجئين الفلسطينيين وفهم حيثيات تشدده في عدم إعطائها.
في المقابل، يقول رئيس اتحاد المهندسين الفلسطينيين منعم عوض إنّ المهندسين يخافون من رفع دعاوى لا يضمنون نتائجها، فيتكبدون عناء تكاليفها، لكن عندما نقول له إن التقاضي الاستراتيجي يعني أن القضية رابحة سلفاً يجيب: «ربما ينبغي التفكير في هذا الخيار نظراً إلى الظروف السيئة التي نعيش فيها بقرار سياسي»، مشيراً إلى أن كل المحاولات السابقة اقتصرت على المبادرات الفردية، إذ حاول النقيب الأسبق للمهندسين الراحل عاصم سلام مساعدة الفلسطينيين بإعطائهم حصة ضمن الـ10% التي يسمح بها القانون للانتساب إلى النقابة، إلا أنّه لم ينجح في مسعاه لأن الحكومة آنذاك رفضت ذلك، ولما أعرب وزير الأشغال غازي العريضي عن استعداده لإعطاء إذن مزاولة مهنة للمهندسين الفلسطينيين، اصطدم المهندسون بطلب نقيب المهندسين آنذاك إيلي بصيبص، الذي لم يعارض الانتساب، وإنما اشترط على المهندس دفع كل الاشتراكات منذ 1983 أي في السنة التي حظر فيه دخول النقابة، وقد لامست المبالغ المطلوبة نحو 32 ألف دولار للمهندس الواحد!
بعيداً عن الشعارات الفضفاضة (وفاق وطني، سلم أهلي، ميثاقية)، يرى نمور أن الخرق يمكن أن يكون على الصعيد القضائي، وليس أمام المشرّع من أجل استصدار قرارات قضائية حمائية.
فالمادة 7 من اتفاقية 1954 بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية تنص في الفقرة 2 منها على: «يتمتع جميع عديمي الجنسية، بعد مرور 3 سنوات علي إقامتهم، بالإعفاء، على أرض الدول المتعاقدة، من شرط المعاملة بالمثل». يستدرك نمور: «صحيح أنّ لبنان لم يوقع الاتفاقية، لكن لها مكانة معنوية ويحق للقاضي اللبناني الاسترشاد بها، في حين أن لبنان صادق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والتي تنص كلها على حق العمل للجميع، وضمّنها مقدمة الدستور، أي أنها تتمتع بالقوة الدستورية.
هذا ما يتعلق بالقانون الدولي، أما بالنسبة إلى القانون الوضعي اللبناني فإنّ الفقرة 3 من المادة 59 من قانون العمل اللبناني عدّلت بتاريخ 24/8/2010 لتصبح:« يتمتع الأجراء الأجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون، شرط المعاملة بالمثل ويترتب عليهم الحصول من وزارة العمل على إجازة عمل. يستثنى حصراً الأجراء الفلسطينيون اللاجئون المسجلون وفقاً للأصول في سجلات وزارة الداخلية والبلديات ــ مديرية الشؤون السياسية واللاجئين ــ من شرط المعاملة بالمثل ورسم إجازة العمل الصادرة عن وزارة العمل». هذا التعديل لم يطبق لعدم صدور مرسوم تطبيقي. وكانت مجالس العمل التحكيمية قد طوّرت اجتهادها لجهة إلغاء شرط المعاملة بالمثل، لعدم إمكان إخضاع أجير لشرط مستحيل، والشرط المستحيل هو شرط باطل». كذلك هناك استقرار في رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل منذ الخمسينيات بشأن أن المعاملة بالمثل لا تطبق على اللاجئين الفلسطينيين.
في مجال آخر، يلفت نمور إلى أننا «اكتشفنا أن بعض النقابات اللبنانية غير مطّلعة بالتفصيل على آليات انتساب العاملين إليها، إذ ترفض انتساب المهنيين الفلسطينيين رغم توفر الشروط القانونية كافة، كما هي حال نقابات الهندسة والأطباء وأطباء الأسنان والمعالجين الفيزيائيين والصيادلة وغيرها». بناءً عليه، يكون الحل، كما يقول، بالقيام بتقاضٍ استراتيجي عبر رفع مهنيين فلسطينيين دعاوى ضد النقابات التي ترفض انتساب المهنيين بهدف استبعاد تطبيق شرط المعاملة بالمثل على اللاجئ الفلسطيني. كذلك بإمكان المهنيين رفع دعاوى على الإدارات العامة، ولا سيما وزارتي الأشغال العامة والصحة العامة، التي ترفض إعطاء مهنيين فلسطينيين مستوفين للشروط أذونات بمزاولة المهنة. كما أن المطلوب الضغط على وزير العمل الحالي سجعان قزي لإصدار إجازات عمل للاجئين الفلسطينيين وفهم حيثيات تشدده في عدم إعطائها.
في المقابل، يقول رئيس اتحاد المهندسين الفلسطينيين منعم عوض إنّ المهندسين يخافون من رفع دعاوى لا يضمنون نتائجها، فيتكبدون عناء تكاليفها، لكن عندما نقول له إن التقاضي الاستراتيجي يعني أن القضية رابحة سلفاً يجيب: «ربما ينبغي التفكير في هذا الخيار نظراً إلى الظروف السيئة التي نعيش فيها بقرار سياسي»، مشيراً إلى أن كل المحاولات السابقة اقتصرت على المبادرات الفردية، إذ حاول النقيب الأسبق للمهندسين الراحل عاصم سلام مساعدة الفلسطينيين بإعطائهم حصة ضمن الـ10% التي يسمح بها القانون للانتساب إلى النقابة، إلا أنّه لم ينجح في مسعاه لأن الحكومة آنذاك رفضت ذلك، ولما أعرب وزير الأشغال غازي العريضي عن استعداده لإعطاء إذن مزاولة مهنة للمهندسين الفلسطينيين، اصطدم المهندسون بطلب نقيب المهندسين آنذاك إيلي بصيبص، الذي لم يعارض الانتساب، وإنما اشترط على المهندس دفع كل الاشتراكات منذ 1983 أي في السنة التي حظر فيه دخول النقابة، وقد لامست المبالغ المطلوبة نحو 32 ألف دولار للمهندس الواحد!
نقابة الممرضات والممرضين نموذجاً للخرق القانوني
في الواقع، لا يفي عدد الممرضات والممرضين اللبنانيين بحاجات السوق، في حين أنّه يوجد عدد لا يستهان به من الفلسطينيين المؤهلين لممارسة المهنة. تقول نقيبة الممرضات والممرضين نهاد يزبك ضومط لـ»الأخبار»، أنّ «هناك نقصاً في عدد الممرضات يوازي 17 ألف ممرض، وهناك حاجة قصوى إلى الممرضين الفلسطينيين الذين يتخرجون سنوياً بالعشرات ويلجأون إلينا ولو بصورة غير رسمية، وأحياناً بصفتهم طلابنا فيشكون إلينا همومهم وظروف عملهم غير النظامي، حيث الأجور متدنية وبيئة العمل غير مناسبة». لكن المرسوم 1655 الذي ينظّم المهنة لا يتيح لهم ممارستها بصورة شرعية، إذ يشترط أن يكون المنتسبون للنقابة لبنانيين منذ أكثر من 10 سنوات، لذا تسعى النقابة إلى تحديث المرسوم، وفي الانتظار ستطلب من الممرضين الفلسطينيين تقديم طلب الحصول على إجازة العمل، حتى تسجلهم في النقابة، على أن لا يكون هذا التسجيل بمثابة انتساب، لكن كتدبير مؤقت يسمح بإحصائهم والاطلاع على ظروفهم وبتنظيم المهنة، ويستفيدون بالمقابل من نيل سلسلة الرتب والرواتب نفسها التي يتقاضاها اللبنانيون ومن برنامج التدريب المستمر، من دون أن يسمح لهم ذلك بالاستفادة من تقديمات صندوق التقاعد.