خلافات حادّة بين قادة تل أبيب حول العدوان على غزّة
2016-04-30
تناول الصحافيّ الإسرائيليّ المُخضرم، بن كاسبيت، والمُقرّب جدًا من دوائر صُنع القرار في تل أبيب من المُستويين الأمنيّ والسياسيّ، تناول ما أسماها بحرب الأدمغة، حاول من خلاله أنْ يصف الحرب الدائرة بين جيش الاحتلال الإسرائيليّ والجناح العسكريّ في حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس)، كتائب الشهيد عزّ الدين القسام، في ضوء كشف النفق الهجوميّ الأسبوع الماضي، الذي قام الجنود بدخوله وعملوا على مدار الساعة على تحييده قبل أنْ يتم تفجيره.
وقال كاسبيت، الذي اعتمد على مصادر إسرائيليّة رفيعة في تل أبيب، إنّه في الوقت الذي قامت به حماس باستثمار كل طاقاتها ومواردها في صيانة وتأهيل الأنفاق، استثمرت إسرائيل مئات ملايين الشواكل في تكنولوجيا حديثة لكشفها، والآن وعندما تقف إسرائيل على أعتاب اختراق كبير في هذا الشأن، فمن المحتمل أنْ يعمل محمد الضيف على التصعيد، بما يؤدي إلى تدهور كبير، بما في ذلك مواجهة عسكريّة، على حدّ تعبيره.
ولفت الصحافيّ كاسبيت إلى أنّه في إسرائيل يُقدّرون أن هذا الإنجاز كان نتاج المجهودات الكبيرة على كافة المستويات التي بذلتها الدولة العبريّة، في محاولة منها للتخلص من تهديدات الأنفاق بوسائل تكنولوجيّة إسرائيليّة حديثة، والتي لا زال يفرض عليها تعتيم إعلامي كبير، وتشبه بالقبة الحديديّة تحت الأرضية.
وساق قائلاً إنّ سلاح الهندسة في الجيش الإسرائيليّ بات يستخدم وسائل تكنولوجية في الكشف عن الأنفاق، وهذه المنظومة التكنولوجية تُمكّن الجيش من كشف أماكن الأنفاق الهجومية التي تخترق الأراضي الإسرائيلية، حتى الآن بلغت الاستثمارات المالية في المشروع التكنولوجي ثلاثمائة مليون شيكل، أيْ حوالي 80 مليون دولار. وأشار في سياق تقريره إلى أنّ حديث وزير الأمن الإسرائيليّ، موشيه يعلون كان شديد التلميح ويكشف بعض جوانب حرب الأدمغة، عندما قال إنّه في الأشهر الأخيرة عانت حماس من انهيار أنفاق عديدة، والآن يتّم كشف هذا النفق، لكننا مع ذلك لا نوهم أنفسنا بأنّ حماس ستستخلص العبر وتتوقف عن حفر الأنفاق وتتفرغ لتحسين جودة الحياة في القطاع، على حدّ تعبيره.
ونقل الصحافي كاسبيت عن مصدرٍ أمنيٍّ إسرائيليٍّ رفيع المستوى قوله إنّه على الرغم من أنّ حماس لا تستطيع أنْ تسمح لنفسها بجولةٍ قتالٍ إضافيةٍ ضدّ إسرائيل في الوقت الحالي، لكننّا نقدر أنّ توجهات الجهاز العسكري تحتمل كل شيء، بما في ذلك تدهور كبير وشامل، بما في ذلك جولة قتال في المدى القريب، بحسب المسؤول الإسرائيليّ الرفيع.
علاوة على ذلك، أشار كاسبيت إلى أنّه في الدولة العبريّة يحتدم النقاش بين وزير التربيّة والتعليم ورئيس حزب “البيت اليهوديّ، وزعيم حزب (يسرائيل بيتينو) أفيغدور بينيت ليبرمان من جهة، وبين رئيس الوزراء، بنيامين ووزير الأمن يعلون من جهة أخرى، حيث وصف بينيت النفق الهجوميّ بأنه تعدٍ على السيادة الإسرائيلية التي تمنح شرعية لأيّ ردٍّ إسرائيليٍّ، وليبرمان من ناحيته، قال كاسبيت، يُطالب بإسقاط حكم حماس في غزة، لكن في هذه الأثناء لا زالت توجهات نتنياهو- يعلون هي التي تقرر السياسات الإسرائيلية تجاه حماس، ومن جهته، شدّدّ كاسبيت، نقلاً عن المصادر عينها، على أنّ الجمهور الإسرائيليّ لا يشعر بالهدوء والاستقرار، والصيف في بداياته ولا أحد، لا في غزة ولا في إسرائيل، يُريد تكرار صيف 2014، كما قالت المصادر.
في السياق عبينه، رأى مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس)، عاموس هارئيل، رأى أنّ الدمج بين الأفكار المختلفة والوسائل المختلفة للكشف عن الأنفاق لا زال في المراحل الأولى، وأنّ القدرة على تمشيط كل المنطقة والكشف عن الأنفاق التي تمّ حفرها، بحاجة لإثبات.
ولفت إلى أنّه وفق تقديرات الجيش الإسرائيليّ فإنّه سيمر عامين أو ثلاثة إلى أنْ يتّم نشر البنية التكنولوجية التي ستقوم بالعمل بشكلٍ كاملٍ. وإذا أرادت إسرائيل الهدوء المتواصل مع حماس، أوضح، فهناك أمور أخرى يجب عليها فعلها إضافة إلى الكشف عن الأنفاق وتجهيز الجيش لاحتمال الحرب. واحد المواضيع الملحة هو تحسين ظروف الحياة في القطاع، الفكرة التي أيّدها وزراء في اليمين مؤخرًا.وأشار إلى أنّه على الرغم من اللهجة الحربيّة التي تُسمع في تل أبيب منذ الأسبوع الماضي، فإنّ السياسة الإسرائيليّة نحو القطاع بقيت كما هي: من الردود المتشدّدّة لرئيس الوزراء ووزير الأمن وقادة الجيش الإسرائيلي، هناك عامل غائب وهو التهديد بعملية عسكرية فورية ردًا على الكشف عن النفق.
وبالفعل، خلُص إلى القول، إنّه وبتوجيه من المستوى السياسي فإنّ سياسة الجيش الإسرائيليّ لن تتغير، والحكومة تطلب من الجيش الحصول على الهدوء المتواصل بقدر الإمكان في القطاع، وأنّ استبعاد المواجهة العسكريّة القادمة مع حماس لسنة على الأقل ستجد المباركة في إسرائيل، قال هارئيل.