:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/9685

الصهيونية لم تعدقادرة على تلبية طموحات اليهود-هآرتس

2016-05-05

بطن ليفنغستون، رئيس بلدية لندن، مليئة على اليهود وعلى اسرائيل. وجيرمي كوربيان، زعيم حزب العمال، لا يشعر بالحب الكبير تجاه اليهود واسرائيل. وقد كانت للاثنين في الآونة الاخيرة وفي السابق ايضا تصريحات خاطئة وسيئة وتحريضية. إن تعهد كوربيان باقتلاع أي تعبير للاسامية والعنصرية من حزبه والعمل ضد النشطاء الذين يتحدثون، ولو بالتلميح، بطريقة لاسامية، من خلال طردهم من الحزب أو محاكمتهم داخل الحزب، هو رد ملائم وصحيح. ويمكن للحزب الحاكم في اسرائيل أن يأخذه كنموذج ومثال.

إن الرد الاسرائيلي بالتحديد هو الذي يجب أن يُقلق. لأن هناك جهات في اسرائيل تقول إنه لا فرق بين معارضة سياسة اسرائيل في "المناطق" ومعاملة مواطنيها العرب وبين اللاسامية. وهم بذلك يطلقون النار على أقدام المناهضين للسامية.

إن تأييد سياسة إسرائيل حتى لو كانت خاطئة، حسب رأيهم، هو تأييد حقيقي للصهيونية. وتأييد الصهيونية لا يمكنه أن يكون لاسامية، والعكس صحيح. فمعارضة السياسة تساوي معارضة الصهيونية. وبالتالي فهو لاسامية.

ليس بنيامين نتنياهو، بل رئيس حكومة بريطانيا ووزير الخارجية في حينه، اللورد آرثور جيمس بلفور، هو الذي كتب في مذكرة من العام 1919 أن "الصهيونية، سواء كانت صادقة أم لا، وسواء كانت جيدة أو سيئة، فهي متجذرة في الميراث القديم وفي احتياجات الحاضر وأحلام المستقبل. احتياجات وأحلام مهمة بعيدة عن الرغبة والمواقف المسبقة لـ 700 ألف عربي يعيشون الآن في هذه البلاد القديمة".

إن موقف الصهيونية من نفسها واعتبار أنها صادقة حتى عندما لا تكون صادقة، لم يتغير منذ ذلك الحين. الخلل هو أن حكومات اسرائيل عملت على تشويش الحدود بين اللاسامية وبين اللاصهيونية، بين كراهية اليهود وبين رفض سياستهم. إن تحقيق الوعد الالهي و"عودة" اليهود الى "ارض الميعاد"، يتم طرحها كسبب لوجود الدولة. فاليهود لا يقومون باحتلال ارض شعب آخر، بل هم مُنقذون ومحررون أو عائدون الى حدودهم. إن معارضة استقلال الفلسطينيين واقامة دولة خاصة بهم تُغلف بالاعتبارات الامنية، لكن قلب هذه المعارضة هو ايديولوجي مسيحاني. فمجرد وجود دولتين يناقض جوهر الصهيونية الحديثة، التي لم تعد تميز بين الصهيونية الدينية والصهيونية العلمانية. وهذه الصهيونية العلمانية ليست فقط لا تقدر على تبرير وجودها بدون تبني فكرة "الدولة اليهودية"، بل ايضا باتت تحقق نبوءة الحاخام كوك الذي اعتبر أن الصهاينة العلمانيين ليسوا أكثر من أداة مساعِدة لتحقيق رغبة الله.

في مذكرة أرسلها كوك الى صديقه الباحث في المصادر التوراتية، الدكتور موشيه زايدل، في العام 1918، كتب كوك: "من الناحية الذاتية، الصهاينة العلمانيون يعتقدون أنهم يكفرون بعالم الدين. ولكن الامر ليس كذلك من الناحية الموضوعية. فالهدف الشخصي الذي يخدم هدفا واحدا يخدم عمليا هدفا مختلفا تماما. فالانسان لا يقرر في الأحداث التاريخية"، بل بالله.

من هنا، لا مجال للنقاش اذا كانت الصهيونية على حق أم لا. فهي دائما على حق لكونها يهودية. وبالتالي لا مناص من الاستنتاج أن كل من يضر بالصهيونية فانه يضر بالجذور اليهودية. أي أنه لاسامي.

كوربيان وليفنغستون ليسا مشكلة الصهيونية، بل العكس. اللاسامية ساعدت وهي تساعد في تعزيز وتقوية الموقف القائل "دولة اللجوء اليهودية" الذي تبنته اسرائيل لنفسها. إن مشكلة الصهيونية هي أنها لم تعد تقدر على تحقيق طموحات مواطني الدولة التي اقامتها. فهي تهدد أمنهم لأن جوهرها قد تم تزويره. وهي تُقاد من قبل غريبي الاطوار الذين قاموا بادخال سموم الهلوسة الى أوردتها. إنها صهيونية لا تهدد فقط مواطني اسرائيل، بل تهدد ايضا يهود العالم.