شبيبة التلال الاستيطانية المتطرفة تتغلغل في الضفة الغربية
2016-05-07
'شبيبة التلال' هو الاسم الذي يطلق على شبان وفتية إسرائيليين متطرفين جدا، يستولون على أراض في الضفة الغربية المحتلة، بتشجيع من الحكومة الإسرائيلية، ويقيمون فيها بؤرا استيطانية. ويقود هؤلاء الشبيبة شبان في العشرينات من عمرهم، يقطنون في البؤر الاستيطانية أو مستوطنات مثل 'يتسهار' التي تعتبر أبرز معاقل اليمين الاستيطان المتطرف. ويقول هؤلاء المتطرفون إنهم يستقون أفكارهم من التوراة، وهم غاضبون على الحكومات الإسرائيلية، وبضمنها حكومة اليمين المتطرف الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو.
ونشرت صحيفة 'معاريف' اليوم، الجمعة، تقرير حول شبيبة التلال، الذي يتحدثون عن بعض من أفكارهم. وقال الفتى 'د' (15 عاما) الذي يقطن في البؤرة الاستيطانية 'غفعات هبلاديم'، معقل المستوطنين الأكثر تطرفا، إنه 'يجب تسريع تحويل إسرائيل من دولة ديمقراطية إلى مملكة، وتمهيد الأرض بذلك لاستقبال المسيح'.
كيف يفعلون ذلك؟ 'نجد طرقا من أجل تحريك ما يعيق'، وفقا لـ'د'، الذي اعتبر أن المعيق هو 'الحكومة بالأساس. وبيبي (أي نتنياهو) هو أسوأ شيء حصل لشعب إسرائيل. لأن يتنكر أنه يميني، لكنه في الواقع الأكثر يسارية. إنه مثل (أريئيل) شارون. أصبح رئيس حكومة وانعكست أفكاره. وهو أول من يجب إنزاله. إنزاله عن الحكم'.
ورغم أن 'د' ما زال يافعا لا يملك حق التصويت، إلا أنه شدد على أنه 'حتى لو كان عمري فوق 18 عاما ما كنت سأصوت للكنيست. لأنه ليس ثمة من يمكن التصويت له، وأيضا لأني لا أريد أن أكون جزءا من العملية الديمقراطية، لأني لا أؤمن بالديمقراطية. وهناك طرق للتسبب بتغيير الحكم. ومن يتعين عليه أن يفهم ماذا يعني هذا فإنه يفهمه. والخلاص سيأتي من هنا، من التلال، أعدك بذلك'.
مؤامرة
تسببت الجريمة الإرهابية بحق عائلة دوابشة في قرية دوما بهزة في أوساط 'شبيبة التلال'، الذين اعتادوا على تعامل متسامح من جانب السلطات الإسرائيلية، على مدار سنوات نفذوا خلالها آلاف الاعتداءات على الفلسطينيين وأملاكهم ومقدساتهم وعُرفت باسم جرائم 'تدفيع الثمن'. لكن بعد إحراق منزل عائلة دوابشة، واستشهاد الأب والأم وطفلهما الرضيع وإصابة طفلهما الآخر بحروق خطيرة، بات عدد قليل من 'شبيبة التلال' ملاحقين من أجهزة الأمن الإسرائيلية، وخاصة الشاباك. كذلك حدث بعد استشهاد الفتى المقدسي محمد أبو خضير.
ولا تزال الغالبية العظمى من 'شبيبة التلال' حرة طليقة وتمارس نشاطها ضد الفلسطينيين، وكذلك ضد قوات الاحتلال. وقسم من هذه الأنشطة ترمي إلى ممارسة ضغط من أجل إطلاق سراح زميلين لهم متهمان بتنفيذ جريمة إحراق بيت عائلة دوابشة، ويقبعان في السجن، ويدعي 'شبيبة التلال' والأوساط الواسعة نسبيا التي تؤيدهم بأن المتهمين تعرضا للتعذيب أثناء التحقيق معهم في الشاباك.
ومن بين هذه النشاطات، تظاهرة نظمها عشرات من غلاة المتطرفين بين 'شبيبة التلال' عند مدخل قرية دوما وتحت حراسة قوات الاحتلال، التي قمعت الفلسطينيين الذين حاولوا صد المستوطنين ومنعهم من اقتحام قريتهم.
وتحدث أمام 'شبيبة التلال' عند مدخل دوما، أحد قادة هذه المجموعة، ويدعى تسفي سوكوت (24 عاما) من مستوطنة 'يتسهار'. وقال سوكوت: 'قبل نصف سنة احترق بيت في القرية التي من ورائنا. ويعود هذا البيت إلى عائلة دوابشة، وجميعنا يعرف الاسم. ومنذئذ وحتى اليوم احترق المزيد من البيوت في القرية. ونحن ندعي أن ذاك الحريق كان جزءا من نزاع بين جيران هنا في القرية. والحريق لم ينفذه يهود، وهذا الاتهام هو فرية دموية معاصرة'.
وأضاف سوكوت أن 'الشاباك ألقى القبض على زميلينا (المتهمين بارتكاب الجريمة الإرهابية)، عذبهما واستخرج منهما اعترافات بأعمال لم يرتكبوها. والشرطة والشاباك لا تريدان التحقيق والتوصل إلى الحقيقة. ونحن نحتج على ذلك'.
وكان المتظاهرون من 'شبيبة التلال' يرتدون أثوابا كتب عليها 'اليهود يحبون اليهود' و'اليهود يشترون من اليهود'. وشارك في هذه المظاهرة رجل في الثلاثينات من عمره، يدعى شموليك فاين، وزوجته إليراز، ومعهما طفليهما اللذين لم يتجاوز عمرهما السنتين. وردا على سؤال حول خطورة اصطحاب الطفلين إلى التظاهرة، وخاصة أنه يجري في المكان إلقاء حجارة وقنابل الغاز والرصاص، قال والد الطفلين إن 'ثمة أهمية لأن يفهما أننا نحارب هنا من أجل الحقيقة، التي ستخرج إلى النور، وألا يقبع أصدقاؤنا في السجن بدون سبب. وثمة أهمية أن يفهم ابني أننا لا نسكت إزاء الأكاذيب'.
وقالت زوجته 'إننا نربي أبطالا هنا وليس مخنثين. يجب المحاربة من أجل أرض إسرائيل، ولذلك نحن نربي أبطالا'. ووفقا للزوج: 'أؤمن أنه عندما يكبر ابني ستكون المملكة قد قامت، وسيكون هنا هيكلا، ولن يكون هناك ما نخاف منه. سنكون الحكام المطلقين في البلاد'.
طرد وانتقام
ناشط آخر في 'شبيبة التلال' هو 'أ'، فتى قاصر. يقول إنه 'يجب طرد الفلسطينيين من البلاد. وعلى الدولة أن تجد طريقة لتنفيذ ذلك. ولا توجد أية إمكانية للتعايش. مكتوب في التوراة أنه لا يوجد تعايش، وعلى سبيل المثال، مكتوب أنه يجب طرد الأغيار، ولو طردنا الأغيار لما حصلت كل هذه الأمور المعقدة مع العرب وكنا سنتخلص من العمليات'.
وأردف 'أ' أنه 'يجب طردهم من البلاد، لسنا ملزمين بقتلهم. وإذا كانت هناك حاجة لقتلهم، إذا كنا ملزمين بإماتتهم وفقا لحكم التوراة، فسوف نقتلهم، وإن لم تكن هناك حاجة لذلك فسنطردهم. بإمكانهم الذهاب إلى السعودية، لا أحد يمنعهم'.
وتابع أنه 'لا يوجد عرب جيدون. ربما يوجد عدد من محبي أمم العالم. لكن حتى لو كان هناك عربي جيد، فإنه يتعين عليه قبول سيادة شعب إسرائيل. وأنا لا أعرف أمرا كهذا حاليا'.
ربما يرى البعض أن هذه أقوال فتى قاصر في 'شبيبة التلال' ولا تدل على التوجهات في إسرائيل. لكن عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، من حزب 'البيت اليهودي' الشريك في الائتلاف الحكومي والذي يعترض على محاكمة الجندي القاتل الذي أعدم عبد الفتاح الشريف في الخليل، يطرح أفكارا مشابهة جدا لتلك التي يقولها 'شبيبة التلال' إلى جانب محاولة فلسفة هذه الأفكار.. الفاشية.
وكتب سموتريتش في صفحته على 'فيسبوك'، أمس الخميس، أنه 'على الرغم من أن الانتقام هو قيمة هامة وأخلاقية، لكنه من اختصاص الدولة والقانون ويوجد له طرق وأهداف معينة يسمح توجيهه (أي توجيه الانتقام) ضده. والانتقام ليس من اختصاص الفرد ولا يمكن توجيه ضد أي هدف لدى العدو'.
وأضاف سموتريتش أنه 'بالإمكان الافتراض أنه لو أن إسرائيل لم تكن قد شطبت، بتأثير الأخلاق المسيحية المشوهة، كلمة انتقام من قاموسها ونفذت ذلك بطرق شرعية وراجعة للعدو، لما كنا سنصادف هذه الحالات القاسية بأن يأخذ أفراد القانون والانتقام إلى أيديهم'.
وتابع سموتريتش أن 'خطوات انتقامية مثل قتل الفتى محمد أبو خضير والقتل في دوما، هذا إذا نفذه يهود فعلا (أي أنه يشكك مثل 'شبيبة التلال'، هي خطوات خطيرة ويحظر أن تحصل، لكنها ليست نابعة من عنصرية أو من رغبة أحد في المجتمع الإسرائيلي بالقضاء على الأمة العربية. وإنما تعكس غضبا وطلبا للانتقام، مبرران بحد ذاتهما، على خلفية العداوة وحرب الإبادة التي يشنها العرب ضدنا'.
واستطرد سموتريتش أن 'وضع الشارة الصفراء وتقييد التنقل ومكان السكن كان من مؤشرات العداء النازي للسامية في ألمانيا. والفصل العنصري في الحافلات والمدارس كان من مؤشرات سياسة الأبرتهايد المرفوض في الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا. ونصب حواجز، فرض قيود على التنقل والفصل في الحافلات، الحاصل في يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية) بين اليهود والعرب لأسباب أمنية نابعة من حالة الحرب الناشبة هنا، ورغم أنه من الناحية التقنية يوجد شبه بينها وبين الأمثلة السابقة، إلا أنها (قيود الاحتلال) شيئا آخر تماما. إذ أن شروق الشمس نفسها هنا وفي ألمانيا لا يعني أننا والنازيين نفس الشيء'.