مـصيـر الـمبـادرة الفـرنسية في يد واشنطن وموسكو-هآرتس
2016-05-17
في نهاية زيارته الخاطفة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية، وقبل وقت قصير من توجهه إلى بيجين، جلس وزير الخارجية الفرنسي ،جان مارك أيرو، في غرفة كبار الشخصيات في مطار بن غوريون من أجل عقد مؤتمر صحافي قصير.
قبل ساعات قليلة كان أيرو حصل على توبيخ شديد اللهجة من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بسبب الدعم الفرنسي للقرار الذي طرحه الفلسطينيون على التصويت في منظمة اليونسكو، والذي تجاهل أي ذكر للعلاقة بين الشعب اليهودي والمكان الذي وفقاً للدين وللشهادات التاريخية هو المكان الذي وجد فيه الهيكل المقدس. وحتى الآن ليس واضحاً أبداً كيف سمح الفرنسيون لأنفسهم بالتصويت إلى جانب هذا القرار في هذا الوقت بالذات الذي يحاولون فيه الدفع قدماً بمؤتمر سلام دولي من أجل استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين.
علاوة على أن التصويت في اليونسكو أغضب نتنياهو، فإنه وفر له ذخيرة لا بأس بها في محاولاته لوأد المبادرة الفرنسية وهي ما تزال في مهدها. وهو منذ عدة أيام يصور الفرنسيين كطرف يميل إلى جانب الفلسطينيين، ويدعي أنه ليس هناك دولة في العالم يمكن أن تتوقع أن تقبل إسرائيل بأن تكون فرنسا راعية لمؤتمر سلام.
وبعد أن فهم الفرنسيون بتأخير كبير أنهم داسوا على لغم هو الأكثر حساسية وتدميراً بين نهر الأردن والبحر المتوسط، بذلوا جهدهم لحصر الأضرار واستبعاد الموضوع عن جدول الأعمال. وأشار موظفون إسرائيليون كبار إلى أن نتنياهو طلب من أيرو أن تتراجع فرنسا رسمياً عن تصويتها وأن تطلب من اليونسكو تصحيح ذلك بسرعة. وقد رفض أيرو ذلك بتهذيب، لكنه أوضح أنه حصل سوء تفاهم، وتعهد بأنه سيحرص مستقبلاً بصورة شخصية على عدم تكرار مثل هذا الأمر.
في نهاية المطاف يتعامل الفرنسيون مع قضية اليونسكو بوصفها مطباً على الطريق. وهم أيضاً لا يعيرون أهمية كبيرة للموقف السلبي لنتنياهو حيال العملية التي يقودونها. وزير الخارجية الفرنسي وصف ذلك ببرودة واقتضاب قائلاً: "لم أتفاجأ بكلام نتنياهو، فقد سمعت من الإعلام أنه ضد المؤتمر. يريد نتنياهو مفاوضات مباشرة وأنا أتفهم ذلك. لكن في الواقع الجميع عالق ولا مفر من تدخل خارجي".
الانطباع الذي تركه أيرو في نهاية زيارته لإسرائيل هو أن القطار السريع لمؤتمر السلام قد انطلق من المحطة، سواء رغب نتنياهو أم لم يرغب. وعلى أية حال، أوضح أيرو أنه في هذه المرحلة من المبادرة حيث تجري نقاشات بين وزراء الدول العظمى من دون وجود الإسرائيليين والفلسطينيين، ليس مطلوباً من نتنياهو أن يقرر. وستكون هناك محطات للتوقف على الطريق، وهو لا يزال يستطيع القفز إلى إحدى العربات في اللحظة الأخيرة إذا شاء. لكن نتنياهو ليس أكبر مشكلة للفرنسيين، فالذي سيحسم مصير مبادرة السلام التي تقوم بها حكومة باريس سيكون موقف واشنطن وموسكو. لقد شدد أيرو في مؤتمره الصحافي على حصوله على دعم كبير من جميع دول العالم، وأن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أعرب أمامه عن موقف إيجابي إزاء العملية. ومن المحتمل جداً أن يكون صادقاً لأن كيري لا يستطيع أن يرفض فرصة الجلوس بضع ساعات والتحدث عن عملية السلام المحببة إلى قلبه. ومع ذلك، حتى الآن لم يعلن كيري ولا نظيره الروسي سيرغي لافروف، مشاركتهما.
من المحتمل أن تبدو مبادرة السلام الفرنسية بعد وقت قصير أكثر جدية مما اعتقد رئيس الحكومة في البداية. وإذا واصل الفرنسيون الدفع بها بسرعة وإصرار، كما يبدو حالياً، فإن نتنياهو قد يجد نفسه، كما وجد نفسه من قبل، أستاذه ومرشده الروحي، اسحق شامير، سائراً نحو مؤتمر مدريد 2. وستجد الحكومة بتركيبتها الحالية صعوبة كبيرة في الوقوف في مواجهة مثل هذا الواقع الدولي. وهكذا من دون قصد، من المحتمل أن تتحول المبادرة الفرنسية إلى مشجب سيعلق عليه بنيامين نتنياهو واسحق هرتسوغ تشكيل حكومة وحدة وطنية.