لقد اصبح هذا منذ زمن غير بعيد طقسا مؤسفا يعرف فيه كل واحد دوره (ربما افيغدور ليبرمان اقل بقليل): فور كل عملية صعبة يعقد رئيس الوزراء «مشاورات أمنية». الهدف الاساس من المشاورات هو مجرد وجودها: الشعور باننا نفعل شيئا ما، وننقل للجمهور رسالة بان احدا ما يعالج الامور ولا يمر عليها مرور الكرام. الدم يغلي امام قتل الابرياء، والمحفل بأسره يبحث عمن يمكن معاقبته، عمن يمكن نطحه لتنفيس الغضب. ولكن عندها يبدأ رئيس المخابرات بالشرح بان هؤلاء شبان، شبكة محلية، لا تقف خلفهم اي منظمة، لم تقدهم، لم تمولهم ولم تزودهم بالسلاح. اثنان، احيانا ثلاثة، اصدقاء شبان قرروا تنفيذ عملية. رئيس المخابرات يعد بالتحقيق منذ هذه الليلة مع ابناء عائلة المخربين والاستيضاح اذا كان لديهم شركاء، او احد ما كان يعرف بنيتهم. رئيس الاركان، يضيف بانه بالتوازي سيتم تحديد منازل العائلة كمرشحة للهدم. ودوما سيكون هناك من سيطرح الاقتراح لمعاقبة عموم الفلسطينيين بالغاء التصاريح أو التسهيلات. رئيس الاركان في الغالب سيفرح بان هذا سيحقق أثرا معاكسا – سيدفع المزيد منهم الى دائرة الارهاب. وأول أمس، وعن حق، لم يعارض. فليس معقولا ان يتمتع الفلسطينيون بتسهيلات رمضان في الوقت الذي يحتفلون فيه بالقتل في تل أبيب. رئيس الوزراء يشدد: ما الذي يمكن عمله غير ذلك؟ ليس كثيرا، يشرحون له. فنحن لن نعمل حيال السلطة الفلسطينية، التي ليس فقط لا تشجع الارهاب، بل وتعمل ايضا بنجاعة على تقليص عدد العمليات. تنظيم فتح، المنظمة المسلحة الاكبر في المناطق، لا تشارك في هذه الاحداث. وحتى حماس في غزة، التي تشجع وتمجد المخربين، لا تتجرأ على المبادرة الى اي عمل من القطاع. نحن نبقى مع ذات الظاهرة التي ترافقنا منذ تسعة اشهر. شبان يتعرضون بتأثير «الشبكة العنكبوتية» لاجواء العنف المجنونة التي تحيطنا في المنطقة ويقررون القيام بعمل ما. وبغياب منظمة خلفهم، فانهم في الغالب لا ينتجون اخطارا استخباريا قبل أن يخرجون للقتل. للحظة، في الاسبوع الماضي، كان وهم ما بان هذا بات خلفنا. معطيات الارهاب في ايار 2016 كانت أدنى حتى من ايار 2015. ولكن حتى لو كانت ضعفت، فان الظاهرة لن تختفي. فالجدران العالية التي اقمناها على الحدود قد توقف المخربين، ولكنها لا تمنع الافكار العنيفة من التسلل الى قلوب وعقول الفلسطينيين. اجواء العنف التي تحيط بالمنطقة ستجد دوما المزيد من الشبان الذين سيرغبون في الاخذ بها. لا ينبغي التسليم بهذه ويجب مواصلة القتال ضد هذه الظاهرة، ولكن يجب ايضا الاعتراف بان الارهاب والعنف سيرافقان وجودنا هنا دوما، ولشدة الاسف سيبقيان يرافقانا. في مثل هذه الايام على الزعماء أن يذكروا الاسرائيليين بانه رغم الارهاب فان شيئا حقا لا يهدد وجودنا هنا كدولة، وانه لا توجد اي قوة في الشرق الاوسط، ولا حتى الارهاب، يمكنها أن تغير حقيقة وجودنا كدولة مزدهرة من 8 مليون نسمة. بدلا من هذا، يحصل الاسرائيليون على التخويف. ويشارك في هذا التخويف الزعماء وأنا ايضا وزملائي، الذين بتكنولوجيا الهاتف نخلق وعيا وكأن هذه الدولة توجد تحت هجوم دائم. ثلثا الاسرائيليين، حسب الاستطلاع الاخير، يعيشون في خوف من الارهاب. بالفعل، قتل هنا 38 مواطنا وجنديا في الاشهر التسعة الاخيرة- عدد غير قليل – ولكن اذا ما تذكرنا العقد الماضي، فان هذا سيعيدنا الى التوازن. الزعامة كانت أيضا ستعنى بالجوانب العملية لزيادة امننا: تغلق منذ الان الثغرات في جدار الفصل وتفحص بجدية كيف يقام فاصل يفصلنا عن 300 الف فلسطيني ضممناهم في القرى ومخيمات اللاجئين التي في شرقي القدس. في الانتفاضة الثانية، تعلمنا أن الفصل هو الخطوة الاولى للامن. والان حان الوقت لاستكمال الخطوة. مسألة الميناء ورغم العملية، فان القلق الاساس في هذا الصيف هو من غزة. هذا سيستغرق اسبوعا آخر، اسبوعين، او ستة، ولكن اسرائيل ستكشف في الصيف نفقا آخر حفر من القطاع الى اراضينا. كل كشف كهذا سيزيد الخوف من الانزلاق الى مواجهة لا نحن ولا حماس معنيين بها. نحن يمكننا أن نقاتل غزة مرة اخرى، هذا سيؤلمهم اكثر مما سيؤلمنا، ولكن في نهاية المواجهة الاضافية، مع عدة عشرات من الاسرائيليين الذين سنضحي بهم، سنجد انفسنا بالضبط في النقطة ذاتها. أمام رئيس الوزراء يوجد اتفاق الذي تحقق مع تركيا على استئناف العلاقات. وقد اتفق على كل التفاصيل. اسرائيل لن ترفع الحصار عن غزة ولكنها ستمنح تركيا مكانة خاصة تسمح لها بالاستثمار في غزة. وبالمقابل، تضمن تركيا الا يشكل تواجد حماس في اراضيها مصدرا للارهاب. كما تلقى نتنياهو منذ الان مسودة بيان يصدره الطرفان. وليس عليه الا ان يرد. لا ينبغي أن تكون لنا اوهام عن تركيا. اردوغان لن يصبح محبا ولا حتى صديقا حقيقيا. ولكن مصالحنا ومصالحه تتداخل: كلانا لا نريد دولة ايرانية – شيعية في المكان الذي كانت فيه سورية وكلاهما نفضل الامتناع عن مواجهة اخرى في القطاع. جواب ايجابي من اسرائيل يمكنه أن يبعد هذه المواجهة والسماح لاولئك العشرات من الاسرائيليين لمواجهة التمتع بحياتهم. وتوجد مسألة الميناء. وزير الدفاع الجديد لم يعبر بعد عن موقفه في الموضوع، ولكن ليبرمان يمكنه أن يكون لسان الميزان. اذا انضم الى الجيش الاسرائيلي والى خمسة وزراء الكابنت المؤيدين لفكرة الميناء – ستكون اغلبية تجبر رئيس الوزراء على الاقل على اجراء بحث في الموضوع. اكثر من كل عملية – غزة هي المشكلة المشتعلة وفي ايدينا القدرة على ان نقرر اذا كنا سنجتاز هذا الصيف بسلام.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف