أعاد التدخل العسكري المباشر في سوريا، روسيا إلى الواجهة كقوة دولية مؤثرة في الشرق الأوسط مستفيدة من تراجع الدور الأميركي الذي عمقت إدارة الرئيس باراك أوباما من إرباكه وخسارته لمواطن نفوذ مختلفة لفائدة موسكو.
ولم يقف طموح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عند فرض حل في سوريا يراعي مصالح بلاده الاستراتيجية، بل بدأ يتحرك للإمساك بالملف اليمني الذي فشلت الولايات المتحدة في حله بسبب مواقفها المتناقضة والرغبة في إرضاء مختلف الخصوم في الوقت نفسه.
وعلى خلاف تدخلها عسكريا في سوريا، فإن موسكو أرسلت ميخائيل بوغدانوف مبعوثها الخاص للشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية، لتطويق الخلافات في الأزمة اليمنية خاصة مع قبول طرفي الأزمة وحلفائهما الإقليميين بهذا الدور.
والتقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف كلا من الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، ووزير الخارجية عادل الجبير، وكان الملف اليمني محور اللقاءين. كما التقى بوغدانوف المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، ووزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي.
وأعرب بوغدانوف عقب لقائه بالمخلافي عن “قلق موسكو العميق من استمرار القتال في اليمن”. وناشد أطراف النزاع العودة إلى طاولة المفاوضات.
وحرص المبعوث الخاص للرئيس الروسي على تأكيد دعمه للحكومة اليمنية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، مشددا على أن “أي تصرف أو اجتهاد حدث خارج ذلك كان تصرفا من دون توجيهات مسبقة، ولا يعكس الموقف الرسمي لروسيا، وأن ما يسمى بـ’المجلس السياسي’ لا تعترف به روسيا”.
ليونيد سوكيانين: مصداقية روسيا تمكنها من أن تكون وسيطا لحل الأزمات
وقال مراقبون إن موسكو تعمل على كسب تفهم السعودية وبقية دول الخليج للتحرك في الملف اليمني، مثلما سعت إلى إقناعها بمبررات تدخلها في سوريا قبل عام من الآن، خاصة أنها تقيم علاقات اقتصادية متطورة مع مجلس التعاون.
واعتبر المراقبون أن وضوح الموقف الروسي من حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي سيسهل التعاون مع السعودية لتحريك مشاورات السلام التي فشلت في الكويت، لافتين إلى أن موسكو نأت بنفسها عن الحوثيين المدعومين من إيران.
واعتبر أستاذ العلاقات الدولية في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو ليونيد سوكيانين أن التطورات الإقليمية تتيح لروسيا أن تلعب دورا أكبر في الوضع اليمني من أجل التوصل إلى حل سياسي بتفاهمات إقليمية ودولية بعيدا عن الصراع المسلح.
وأضاف سوكيانين في تصريح لـ”العرب” أن العلاقات التاريخية بين روسيا والسعودية واليمن وباقي دول الخليج فضلا عن إيران، تمكّنها من أن تكون وسيطا لحل أزمات المنطقة.
وأشار إلى أن واشنطن تركت فراغا كبيرا في المنطقة وأن روسيا لن تتردد في ملء هذا الفراغ.
وظهرت خلافات إيرانية روسية إلى العلن بخصوص سوريا، وسبق أن هاجم الإعلام الإيراني روسيا متهما إياها بالتخطيط للتخلص من الأسد.
ويعكس الخلاف حول استخدام الطائرات الروسية قاعدة همدان الإيرانية تنافر المصالح بين البلدين. وبينما تقول طهران، التي شعرت بحرج بالغ من استخدام القاعدة، إن الأمر لن يتكرر تقول موسكو إنها ستستخدم تلك القاعدة متى احتاجت إليها.
والوضوح الروسي بشأن الشرعية اليمنية رسالة للرياض مفادها أن موسكو لا تتحرك سوى وفق مصالحها القومية، وهو ما حرص المسؤولون الروس على تأكيده لنظرائهم الخليجيين قبل وبعد التدخل في سوريا.
ولم يمنع انحياز روسيا إلى هادي خصمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح من دعوتها إلى استخدام قواعد اليمن الجوية والبحرية تحت غطاء مكافحة الإرهاب.
وقال في مقابلة أجريت معه في صنعاء “نحن على استعداد لتفعيل الاتفاقات مع روسيا الاتحادية في مكافحة الإرهاب. نحن نمد أيدينا ونقدم كافة التسهيلات في قواعدنا ومطاراتنا وفي موانئنا ونحن جاهزون لتقديم كل التسهيلات لروسيا الاتحادية”.
ومن الواضح أن صالح يريد أن يمسك بالورقة الروسية على أمل وجود حليف داعم له في مواجهة تشدد السعودية تجاهه ورفضها الحوار معه، وفي ظل تخلي واشنطن عنه رغم أنه كان حليفا قويا لها في مواجهة الجماعات المتشددة.
وقد لا تكتفي روسيا بالملفين السوري واليمني، ويمتد دورها إلى السلام المجمد بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في ظل غياب الوسيط المؤثر والذي يحظى بثقة الطرفين.
وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في تصريحات نشرتها صحف مصرية الاثنين أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين “أبلغه استعداده لاستقبال” الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في موسكو لإجراء محادثات مباشرة

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف