لا يدور حديث عن الصراع على مياه النيل بين مصر وإثيوبيا، إلا وتكون دولة الكيان اللاعب الخفي من خلف الكواليس، في هذا الملف الشائك، سواء بالتحريض أو دعم الموقف الإثيوبي، المتشدد من الأزمة التي اعتبرتها مصر طوال تاريخها "قضية أمن قومي" لا تقبل الفصال أو الجدال.
وترجع العلاقات «الصهيونية ـ الإثيوبية» إلى عام 1952، حيث كان استيراد البقر من إثيوبيا، هو أبرز الأنشطة العلنية، فيما كان ذلك غطاء لاستخدام إثيوبيا كقاعدة استخباراتية للموساد الصهيوني.
وفى أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، بدأت دولة الكيان منح مساعدات لإثيوبيا، عبر مشروعات في مجالات الزراعة والصحة والتعليم وتدريب وتأهيل العمال. وفي 1966، أصبح لدولة الكيان وفد عسكري يتواجد بشكل دائم في إثيوبيا، يتكون من 100 ضابط وقائد عسكري صهيوني.
وكان هذا الوفد هو الأكبر عدداً في إثيوبيا بعد الوفد العسكري الأمريكي، وفى تلك الفترة حصلت إثيوبيا على مساعدات صهيونية أكثر من أي دولة أخرى.
وقامت دولة الكيان بتدريب وتأهيل القوات الخاصة للجيش الإثيوبي، خاصة في صراعها مع قوات الحركة الوطنية الإريترية، وكان لدولة الكيان منفذ خاص بميناء مصوع الإريتري على البحر الأحمر، وكانت السفن الصهيونية تتوجه للصيد في البحر الأحمر أمام سواحل إثيوبيا، بسبب الأزمات والمواجهات التي كانت تتعرض لها بسبب انتشار القوات البحرية المصرية في البحر المتوسط.
وكان هيلا سيلاسي، آخر أباطرة إثيوبيا حليفا قويا لدولة الكيان، التي ردت الجميل بإجهاض 3 محاولات للانقلاب عليه. لكن في 1973 وبعد انتصار مصر في حرب أكتوبر، وبضغوط من منظمة الوحدة الأفريقية، قطعت إثيوبيا علاقاتها "العلنية" بدولة الكيان، ولكن سرعان ما وقع انقلاب عسكري أطاح بحكم هيلا سيلاسى.
وفى العام التالي، اندلعت حدة القتال مع الحركة الوطنية الإريترية، فعادت إثيوبيا مجدداً لطلب الدعم من دولة الكيان، فتم إبرام صفقة سرية بين إثيوبيا وتل أبيب، عام 1977، يتم بمقتضاها أن تسمح إثيوبيا بتهجير اليهود لديها إلى دولة الكيان مقابل صفقة سلاح صهيونية ضخمة. ووصل 200 يهودى إثيوبى بالفعل إلى دولة الكيان.
لكن الصفقة لم تكتمل، بعد أن كشف عنها موشيه ديان فى وسائل الإعلام عام 1978، وتزامن ذلك مع ضغوط سوفيتية على إثيوبيا أجبرتها على قطع علاقاتها مجددا مع الكيان.
لكن العلاقات السرية ظلت متواصلة بين الجانبين، حتى إن (تل أبيب) زودت إثيوبيا بصفقة سلاح قيمتها 20 مليون دولار عام 1983، تبين أنها كانت عبارة عن الأسلحة التي صادرتها دولة الكيان من منظمة التحرير الفلسطينية.
وفى عام 1991 تم تنفيذ عملية "شلومو" لتهجير يهود إثيوبيا إلى دولة الكيان، وحصلت أديس أبابا في المقابل على مساعدات قيمتها 35 مليون دولار.
وفى إطار العلاقات الوطيدة، امتنعت إثيوبيا عن التصويت على مشروع قرار في الأمم المتحدة يعتبر الصهيونية نوعا من العنصرية. وبعد عدة أشهر، قام وفد إثيوبي بزيارة دولة الكيان لإبرام اتفاقيات وصفقات في مجالي الزراعة والصناعة.
وتعترف دولة الكيان دوما بمصلحتها الاستراتيجية في التواجد بإثيوبيا لوقوعها في خاصرة العالم العربي، ولاسيما مصر والسودان، وتبدى اهتماما كبيرا بها، خاصة أن أكثر من 150 ألف إثيوبي يعيشون في دولة الكيان الآن.
وتشهد إثيوبيا إقبالا واسعا من المستثمرين الصهاينة، الذين يرون في هذا البلد الأفريقي ثروة كبيرة غير مستغلة، تتبدى أبرز خصائصها في خصوبة أراضيها، ورخص أسعار الأيدي العاملة بها، حيث يتراوح متوسط أجر العامل هناك بين 50 و60 دولارا شهريا، فضلا عن الاستقرار السياسي والأمني، وفقر الدولة، ومعاداتها للعرب، وموقعها الجغرافي، وسيطرتها على مياه نهر النيل، بما يمكن استغلاله في الضغط على مصر والسودان تحديدا.
وتعد الزراعة والري والأمن والسياحة، من أبرز المجالات التي تتركز عليها العلاقات "الصهيونية ـ الإثيوبية"، حيث تنشط الشركات الصهيونية في تلك المجالات بشكل واسع، وتحظى بثقة وحماية النظام الحاكم في إثيوبيا، البالغ تعداد سكانها 85 مليون نسمة.
وباتت إثيوبيا واحدة من أبرز الدول التي تشترى من دولة الكيان إنتاجها من الطائرات بدون طيار. وتشير البيانات إلى أن نحو 15% فقط من سكان إثيوبيا لديهم كهرباء، ومع ذلك تحتل المركز الـ 11عالميا من حيث معدلات النمو، التى زادت على 8% منذ عام 2008.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف