يوماً بعد يوم تتعالى وترتفع الأصوات الغاضبة التي تنادي برحيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن المشهد السياسي المتوتر، في ظل الإخفاقات والأزمات الكبيرة التي لاصقت فترة رئاسته للسلطة الفلسطينية وحركة "فتح" بعد صعوده خلفاً للراحل ياسر عرفات.
فخلال الـ12 عاماً التي جلس فيها الرئيس عباس على كرسي السلطة، تفاقمت الأوضاع الفلسطينية الداخلية والخارجية، انقسام مستمر ومصالحة متعثرة ولا أمل في الأفق في ظل الخلافات القائمة بين حركتي "فتح وحماس"، وأزمات اقتصادية قاسية وقطع للرواتب، وطريق مفاوضات فاشل سلكه مع الاحتلال الإسرائيلي طاول أكثر من20 عاماً، وحصار لغزة وتدنيس للمقدسات واستيطان أكل الأخضر واليابس بالقدس والضفة.
الدعوات التي تخرج من قبل الفصائل والشخصيات الفلسطينية، لرحيل الرئيس عباس عن المشهد، بحسب مراقبون لم تأتي من فراغ بل جاءت كنتيجة طبيعية للحالة "السياسية والاقتصادية والأمنية" التي يعيشها الفلسطينيين منذ رحيل ياسر عرفات إلى يومنا هذا.
اقترب موعد الرحيل
القيادي في حركة "حماس" فتحي القرعاوي، أكد أن ساعة رحيل الرئيس عباس عن الساحة الفلسطينية وإسدال الستار عن حقبه حكمه قد اقتربت، نتيجة الأزمات الكبيرة التي عيش فيها الفلسطينيين طوال السنوات الماضية.
وأكد القرعاوي، في تصريح خاص لـ"أمد"، أن الأوضاع الفلسطينية والداخلية في مرحلة رئاسة عباس أصابها الكثير من العطب، ولا يزال الفلسطينيون يعانون الكثير نتيجة السياسة التي يتعامل بها الرئيس عباس مع الملفات الهامة.
ولفت القيادي في حركة "حماس"، إلى أن الرئيس عباس ونهجه في التعامل مع الأوضاع الداخلية وخاصة بملف المصالحة الداخلية مع حركة "حماس"، كان خاطئاً وسلبياً ورهنه هذا الملف الأهم على صعيد باقي الملفات العالقة بالعلاقات مع إسرائيل وتطورها أضر كثيراً وزاده عمقاً وخلافاً.
وذكر أن طرق معالجة الرئيس عباس للملفات السياسية على رأسها المفاوضات "العقيمة"، وتجميد التوجه نحو المحاكم الدولية والمؤسسات الحقوقية لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه البشعة بحق شعبنا من قتل وحرق وسرقة للأراضي وتدنيس للمقدسات عقد الأوضاع وأعطى ضوء أخضر للاحتلال للاستمرار بعدوانه على الفلسطينيين.
وتوقع القرعاوي، أن يشهد العام الحالي 2017 رحيل الرئيس محمود عباس عن المشهد السياسي وتدهور وضع السلطة التي يترأسها، مؤكداً أنه سيجني خلال هذا العام النتائج التي زرعها طوال الـ12 عاماً الماضي، سياسياً وإقتصادياً وحتى اجتماعياً.
مع انقضاء عام 2016، ينهي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، 12 عاماً في الحكم، بعد انتخابه في 15 يناير/كانون الثاني 2005، رئيساً ثالثاً للسلطة، رغم انتهاء ولايته الدستورية عام 2009 بسبب أحداث الانقسام الفلسطيني، وشن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أواخر عام 2008.
ويتولى عباس عدة مناصب سيادية إلى جانب رئاسة السلطة، أهمها رئاسة منظمة التحرير، وحركة فتح، ومنصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الأمر الذي جعله يستفرد بالقرار الفلسطيني.
المحاكمة قبل الرحيل
من جانبه اتهم رباح مهنا، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، النهج السياسي الذي اتبعه الرئيس محمود عباس في التعامل مع المتغيرات والملفات الداخلية والخارجية بأنه كان "فاشلاً" ولم يجدي أي نفع لصالح الفلسطينيين.
وأكد مهنا، في تصريح خاص لـ"أمد"، أن الأوضاع "السياسية والاقتصادية والمعيشية والإنسانية" تأزمت كثيراً خلال المرحلة الأخيرة، وهذه الأزمات يتحمله مسؤوليتها الرئيس محمود عباس كونه رئيساً للسلطة الفلسطينية ومسئولا عن هذا الشعب.
واعتبر القيادي في الجبهة الشعبية، استمرار الرئيس عباس في "اللهث" وراء المفاوضات العبثية مع الجانب الإسرائيلي على حساب باقي الملفات الفلسطينية الداخلية وعلى رأسها المصالحة، هو سياسة خاطئة وخطيرة ومضيعة للوقت لا فائدة منها.
ودعا مهنا الرئيس عباس وكل القائمين على اتفاق أوسلو للرحيل فوراً عن المشهد السياسي، لما حققه هذا الفريق من دمار وهلاك للشعب الفلسطيني، مضيفاً:" الأوضاع تتفاقم يوماً بعد يوم ولا حلول في الأفق، ولازلنا متمسكين بالمفاوضات والتنسيق الأمني مع إسرائيل وتقديم التنازلات، هذا الأمر خطير وبحاجة لمعالجة فورية".
وبعيداً عن الدعوات التي تخرج وتطالب الرئيس عباس للتنحي جانباً والخروج من المسرح السياسي الفلسطيني بعد الأزمات والخلافات الكبيرة، طالب البروفيسور والمحلل السياسي عبد الستار قاسم باعتقال الرئيس محمود عباس ومحاكمته.
وأكد قاسم، في تصريح خاص لـ"أمد"، الرئيس عباس فاقد الشرعية منذ سنوات طويلة ولا يمثل إلا نفسه، ويجب أن يتم اعتقاله من قبل الجهات المختصة ومحاكمته على كل الجرائم التي ارتكبتها سلطته بحق الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
وأوضح المحلل السياسي، أن الرئيس عباس على رأي من ينتهكون القانون الفلسطيني الداخلي، مؤكداً أن محاكمته مطلب عادل من كل الشعب الفلسطيني على الجرائم والتنازلات التي قدمت لإسرائيل مجاناً.
وسبق أن قدّم الرئيس عباس تنازلاً نادراً عندما قال في مقابلة مع القناة العبرية الثانية: إنه ليس له "حق دائم" في المطالبة بالعودة إلى بلدة (صفد) التي طُرد منها وهو طفل أثناء النكبة الفلسطينية عام 1948، والأخطر تعهده بمواصلة التنسيق الأمني مع إسرائيل، الذي وصفه أثناء استقباله ناشطين إسرائيليين في مقر الرئاسة برام الله، بأنه "مقدس، سواء اختلفنا أم اتفقنا في السياسة"، حسب قوله.
وكان عباس قد تعرض لمحاولة اغتيال أثناء تأدية واجب العزاء في رحيل ياسر عرفات، وينظر له على أنه مهندس "اتفاق أوسلو"، الذي اعتقد 67% من المشاركين في الاستطلاع المذكور أن إسرائيل غير ملتزمة به، وأن عباس غير جاد في التخلي عن الاتفاق.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف