بكل الحب للوطن الغالي بجميع أطياف الشعب الفلسطيني وفصائله ومستقليه في الداخل والخارج أوجه هذه الرسالة المستندة الى منطلقات وطنية وواقعية، الى إخوتنا في قيادة حركة «حماس»، وهو الفصيل المهم في مسيرتنا الوطنية لطرد الإحتلال من جميع الأراضي المحتلة.
التاريخ علمنا بأن أي سيطرة بالقوة لن تستمر للأبد، وتوجد أمثلة كثيرة على ذلك في التاريخ القديم والحديث. وقد لمسنا النتائج المأساوية لتغليب منطق القوة على شعبنا وقضيته منذ اليوم الأسود لوقوع الانقسام الذي فرض على شعبنا الواحد الموحد بانتمائه الوطني بمسلميه ومسيحييه ومختلف فصائله وبطموحه الواحد بالتحرر من الاحتلال الذي لم ينجح يوماً في تقسيم شعبنا وتفتيت وحدة ترابه.
لا أريد الدخول في التفاصيل الدقيقة والأسباب التي أدت الى هذا الانقسام ولا وضع اللوم على فصيل دون غيره، لكنني أود التأكيد أن من العيب كل العيب أن يتم الانقسام وسط شعب واحد يقاسي الأمرين من محتل واحد همه الأوحد أن يبقى هذا الانقسام. وأذكر بأن رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو، غضب لأن الرئيس أبو مازن اختار المصالحة مع قيادات غزة بدل المصالحة مع الاحتلال، ولكن كان الرد سريعاً من ليبرمان على نتنياهو حيث طمأنه بأنه من المستحيل تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية.
هذه مقدمة مختصرة لحالتنا المزرية التي يعيشها شعبنا الصابر على حكم احتلال بغيض عنصري يستهدف الوجود الفلسطيني بأسره، أرضاً وشعباً، ثقافة وحضارة وتاريخاً، والآن اريد ان اضع بعض النقاط على بعض الحروف، انطلاقاً من معطيات الواقع كي نستطيع بتعقل أن نترك جميع السلبيات ونركز على الإيجابيات خصوصاً أن الوضع الفلسطيني يتحكم به طرفان هما أمريكا العدو الأول لنا ومن ثم الاحتلال، لأن المحتل لا يستطيع التمادي في عرقلة أي قرار أممي بدون دعم من أمريكا، أما باقي دول العالم التي تؤيد قضيتنا فإنها مع الأسف لا تستطيع التنفيذ.
١-منذ أول يوم تم فيه الانقسام طالب الرئيس أبو مازن بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وحتى يومنا هذا يقول شعبنا بأن الصندوق الانتخابي الديمقراطي هو الفيصل، لكن مع الأسف لم تتجاوب «حماس» مع ذلك، ولو تجاوبت لكنا قد انتهينا من هذا الانقسام المدمر.
٢-السلطة الفلسطينية مدت يدها برئاسة الرئيس محمود عباس عدة مرات لفتح البوابة الوحيدة التي تمكن أهلنا في غزة كي يتنفسوا الصعداء يومياً خصوصاً لأولادنا الذين يطلبون العلم في الخارج، أو المريض، أو صاحب عمل ليعيل أبناءه في القطاع، أو تسهيل السفر الى مصر ومن ثم الى خارج مصر، ومع الأسف كان الرد سلبياً، ومعلوم أن فتح معبر رفح محكوم بالتزامات دولية بين السلطة الشرعية والأمم المتحدة وغيرها.
٣ - الرئيس محمود عباس اجتمع مع الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، بحضور قيادات «حماس» وحلف الجميع أمام استار الكعبة المشرفة على انهاء الانقسام، ولكن مع الأسف وفور مغادرة المملكة تكرس الانقسام أكثر وترسخ انفصال قطاع غزة عن باقي اراضي السلطة الشرعية في الضفة.
٤ - الرئيس محمود عباس لم يترك فرصة الا واجتمع مع الأخ خالد مشعل، في قطر وفي تركيا وأماكن أخرى لإنهاء الانقسام، ولكن مع الأسف فإن جميع هذه الاجتماعات كانت نتيجتها صفرا. كما أن «فتح» وقعت مع «حماس» اتفاقاً نهائياً لإنهاء الانقسام ولكن مع الأسف حال عودة فريق «حماس» الى القطاع تم شطب نتائج هذه الاجتماعات، كما أرسل الرئيس عدة وفود من «فتح» وغير «فتح» الى القطاع والنتيجة ايضاً كانت صفرا.
٥ - هبة الأقصى المبارك التي تصدى فيها أهلنا في القدس خاصة ومختلف أنحاء الضفة والداخل، من جميع مكونات الشعب الفلسطيني، إن كان من «فتح» أو «حماس» او مستقلون بقيادة علمائنا الأكارم وبدعم من السلطة ويداً واحدة وصفاً واحداً، تصدوا للاحتلال وإجراءاته بصدورهم العارية وهزوا غطرسة الاحتلال وانتصروا، كان هذا درسا لكل الفصائل بأن الصدور العارية والإرادة الشعبية أهم من سلاح الصواريخ والبنادق والسكاكين، ومن ثم نفذ الرئيس قرار قطع جميع الاتصالات مع الاحتلال، واعتقدنا بأن قيادات «حماس» ستسعى لإنهاء الانقسام، ومع الأسف تكرس الانقسام، ولم نسمع من «حماس» الا مواقف نظرية في مساجد غزة، ولكن بدون فعل اي شيء حقيقي على أرض الواقع.
٦ - قامت «حماس» بخلق ما اسمته «اللجنة الإدارية» لقطاع غزة، وهذا بدل تقوية صلاحيات حكومة الوحدة الوطنية مما زاد من تكريس الانقسام، وبالمقابل طلبت السلطة حل هذه اللجنة وتمكين حكومة الوفاق من تحمل مسؤولياتها في غزة، لكن مع الأسف لم تتم الاستجابة لذلك وظهرت مواقف متباينة لدى مسؤولي «حماس».
٧ - تبدو حماس اليوم كمن يتهرب من عراقيل سبق وان طرحت في اجتماعات سابقة، لتحديد موعد اجتماع المجلس الوطني، الذي من أهم اولوياته توحيد القرار الفلسطيني لمجابهة الاحتلال، ومقولة حماس أن تحديد موعد اجتماع المجلس الوطني هو تكريس للانقسام غير واقعية، لذلك على «حماس» و«الجهاد» أن تشاركا وتطرحا ما عندهما من مطالب تدعم قضيتنا المقدسة وليس الهروب الى الأمام والاستمرار بالرفض، مما عزز مشاعر الإحباط لدى الشعب الفلسطيني وشعوره بعدم جدية نوايا انهاء الانقسام.
٨ - «حماس» تعيش اليوم في مأزق لا يتعلق فقط بعدم القدرة على توفير احتياجات قطاع غزة، وبدل التوجه نحو انهاء الانقسام، عّولت على دعم الخارج والجميع يعلم أن الخارج له اجندات خاصة لمصلحته، خصوصاً دعم إيران أو غيرها مما يكرس الانقسام ويضع الفصيل محل تجاذبات اقليمية في الوقت الذي لم يستطع فيه أي طرف اقليمي لا تحرير القدس ولا فلسطين. ويكفي أن ورقة «حماس» السياسية التي أعلنتها مؤخراً تتعامل مع حدود عام ١٩٦٧م، كما ان لا احد يطلب من «حماس» اكثر من القبول بالإجماع الوطني والثوابت الفلسطينية.
المطلوب اليوم وطنياً من «حماس» ان تحل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة التوافق الوطني من القيام بمسؤولياتها في قطاع غزة والاتفاق على انعقاد المجلس الوطني ودعم منظمة التحرير المعترف بها عالمياً بأنها الممثل الشرعي والوحيد لجميع الفلسطينيين داخل الوطن وخارجه وكذا الاتفاق على إجراء الانتخابات العامة.
٨- الآن لدى إخواننا في حماس فرصة لربما لا تعوض كي ينهوا هذا الإنقسام وخصوصاً ما يحاك ضد شعبنا لإلغاء المشروع الوطني الفلسطيني وحلم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس عبر مشاريع إقليمية تلعب أميركا واسرائيل الدور الرئيسي في تخطيطها وتنفيذها.
لقد صبر شعبنا داخل الوطن وخارجه عشر سنوات على هذا الإنقسام المأساوي الذي لن تنهيه لا ايران ولا غيرها بل نحن وسترى حماس بأن جميع الأيدي الفلسطينية ممدودة لها وللجهاد الإسلامي لأنهما جزء لا يتجزأ من القوى الوطنية ومن أبناء شعبنا لإنهاء هذا الاحتلال بوحدة وطنية راسخة. ولنا في الانتفاضة الأولى وانتفاضة الاقصى دروس وعبر حول أهمية الوحدة ودورها في تحقيق الانتصار.
نرجو ونأمل من قيادة "حماس" أن تستجيب لهذا النداء، وهو نداء كل فلسطيني من أبناء شعبنا.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف