صاغ صموئيل جونسون في القرن الثامن عشر عبارة "الوطنية هي الملاذ الأخير للشرير". الليلة الماضية، حوالي الساعة 9 مساء، أثبت بنيامين نتنياهو صحة هذه المقولة. ففي عرض مثير للشفقة، عاصف، خلط فيه بين سيرته الذاتية وجداول زمنية غامضة، هاجم بشكل ديماغوجي ناجع الشرطة التي أوصت بتقديمه للمحاكمة. وليس مجرد محاكمة، بل بتهمة الرشوة المزدوجة. ملفات 1000 و2000، واليد لا تزال تمتد نحو ملف 3000 الذي سيطلب منه تقديم شهادة فيه (من دون إخضاعه للإنذار)، وفي القضية الخطيرة جدا المتعلقة بشركة بيزك. هكذا سمعنا من إيهود أولمرت في ذلك الوقت أنه كان بريئا وأنهم ينكلون به. نتنياهو كان يشبهه، أول من أمس، أكثر من أي وقت مضى.
انتصرت سيادة القانون ثلاث مرات. انتصرت مرتين لأن روني الشيخ وضباط تحقيقات الشرطة أوصوا بطهارة أيديهم وبنزاهة محاكمتهم بتقديمه الى المحاكمة لتلقي الرشاوى. وكان النصر الثالث أكثر أهمية من كل شيء، لأن الشيخ صد هجوم نتنياهو، الذي لامس التحريض ضد الشرطة، وتضمن القذف والتشهير غير المسبوق. ليس هناك حاجة للمحققين الخاصين لتخويف مفوض الشرطة وضباط الشرطة (الذين يحميهم الوزير المسؤول جلعاد إردان، بشكل رئيسي، بصمت رهيب). قيام رئيس الوزراء والجوقة الحقيرة من الوزراء وأعضاء من الكنيست بمهاجمة الشرطة هو أعظم حملة تخويف. لقد وجدوا شائبة في مقولة لا شيء، التي استخدمت كتبرير لسلسلة من مشاريع القوانين الفاشية التي اقترحت في سبيل إنقاذ زعيمهم من سيادة القانون.
لم يسبق أن قامت شخصية رسمية، وبالتأكيد ليس رئيس وزراء، بوضع مثل هذا الكم الكبير من القنابل على جانب الطريق ونصب الكثير من الكمائن أمام عربة الشرطة، التي كانت تتحرك نحو تحقيق عادل، ومع ذلك تمكنت من الوصول إلى الهدف. وبالتالي فإن ثقة الجمهور ستعود إلى الذراع الأمامية لسيادة القانون، وهذه مسألة أساسية بالنسبة لحياة المواطن لا تقل عن مضمون التوصية. الآن تولد واقع جديد.
نتنياهو ليس مضطرا للاستقالة إلا إذا تصرف حسب المبدأ الذي اعتمده حين طالب سابقه في المرحلة الأولى من التحقيق بالاستقالة. من الجدير أن يتوقف عن إحكام قبضته على كرسي السلطة وخناق الجمهور حتى لو كان الرأي العام يعتقد أن نتنياهو يدير الشؤون السياسية في إسرائيل بشكل جيد (وهو أمر مثير للجدل ويستحق مناقشة منفصلة، ليس فقط بسبب التصريحات المختلقة عن محادثاته مع البيت الأبيض بشأن ضم جزء من "المناطق").
أصبح نتنياهو عبئا. ويفترض أنه بريء، والمعركة لم تنته بعد. كل شيء الآن يطرح على أكتاف افيحاي مندلبليت، وعلى اكتاف شاي نيتسان وليئات بن آري، من مكتب المدعي العام للدولة، وجميعهم سيكونون أيضا عرضة لحملة التحريض، والاختبار لا يزال أمامهم. لكن ليس هناك شك في أنه أكثر رئيس وزراء فاسد عرفته إسرائيل في تاريخها. لم تكن هناك أي دائرة مقربة، كتلك التي تحيط به، ملوثة بالمتهمين والمشبوهين وكثير من شهود الدولة. لقد أصبح عبئا على الجمهور.
إذا كان وطنيا حقيقيا، كرس كل حياته لشعب إسرائيل، فيجب عليه أن ينطوي في منزله الخاص ويترك جروح الفساد التي خلفها لكي تلتئم، ويتيح لزملائه فرصة قيادة "الليكود" بدلا منه. نعم، "الفاسدون إلى البيت".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف