عندما حاولت الولايات المتحدة في العام 2012 أن تتوسط لحل أزمة حقول الغاز في البحر المتوسط بين لبنان وإسرائيل (عرضت 60 %للبنان و40 %لإسرائيل) كانت الأزمة السورية في بدايتها ولم يكن التدخل الروسي والإيراني وحزب الله قد وصل إلى ما وصل إليه الآن وبالمقابل كانت سيطرت الولايات المتحدة على سوق الطاقة في الشرق الأوسط مطلقة. حقول النفط والغاز الإسرائيلية أمنت لها مصادر طاقة ودخل ستحولها إلى دولة عظمى في المنطقة قادرة على تزويد أوروبا بحاجاتها للغاز. اليوم فإن أكثر التقديرات تفاؤلا تهاوت بسبب التدخل الإيراني والروسي في الأزمة السورية وما حققتاه من انتصارات هناك. حقول الغاز والنفط التي تسيطر عليها إسرائيل لم يعد لديها أي أمل بأن تستثمر فيها شركات دولية وأن تعمل على تطويرها وهذا قتل حلم إسرائيل في أن تتحول مزود الغاز الرئيسي لأوروبا وستضطر إلى بيع فائض الغاز إلى الجهات الوحيدة التي ستقبل به وهي السلطة الفلسطينية والأردن ومصر. الأسوأ من ذلك أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرض على نتنياهو أكثر من مرة أن تتولى روسيا تطوير الحقول وتستثمر هي في خط الغاز الذي سيمر الى أوروبا وهو ما سيضمن حمايتها وأن لا تمسها إيران أو حزب الله.  المنطق الروسي يفترض أن وجود هذه الحقول والانابيب بحوزته سيحميها من أعداء إسرائيل كما حدث في كركوك التي دخلتها القوى المحسوبة على إيران مع الجيش النظامي العراقي دون أن تتعرض للأنابيب الروسية التي سلمها الاكراد قبل ذلك للشركة الروسية العملاقة Rosoneft. نتنياهو رفض عرض بوتين لأنه كان سيعني أن إسرائيل تخلت عن الولايات المتحدة.
مصادر موقع تيك ديبكا العسكرية والاستخباراتية تفيد أن الوضع الجيو سياسي الآن في المنطقة فإنه لم يبقى أي امل بالوصول إلى اتفاق بين لبنان وإسرائيل حول القطعة 9 في البحر المتوسط والتي يحاول وزير الخارجية الأمريكي ركس تيليرسون التوصل لاتفاق حولها وحتى لو تم التوصل إلى اتفاق فإنه لن يحتر للأسباب التالية: أولا: نتائج الحرب في سوريا جعلت الولايات المتحدة وشركائها يسيطرون على شرقي الفرات التي تتواجد فيها حقول النفط والغاز بينما في لبنان تسيطر إيران وحزب الله وهو ما سيجعلها رهينة لتهديداتهما. ثانيا: الأمر يتطلب الوصول إلى تفاهمات بين روسيا والولايات المتحدة وطالما أن روسيا لا تريد فإن هذا سيجعل أي اتفاق مستحيلا ثالثا: الصراع الإسرائيلي اللبناني ليس الوحيد حول الطاقة في الشرق اأاوسط فهناك الصراع بين الامارات والسعودية ومصر من جهة وقطر من جهة أخرى والذي يسعى تيليرسون لحله أيضا وهو الصراع الذي تحول الى صراع بين إيران والولايات المتحدة. رابعا: سياسة الولايات المتحدة تجاه لبنان غير واقعية وهي تحاول أن تظهر نظام الحكم والجيش مستقل عن حزب الله وهيمنة إيران وهذا ما يدفع الولايات المتحدة الى دعم الجيش اللبناني بالسلاح. خامسا: من ناحية إسرائيل فإن الصراع على القطعة 9 يسئ لدورها الاستراتيجي في سوريا لأنه سيعني فتح جبهة رابعة مام إيران إلى جانب الجولان والقنيطرة وجنوب لبنان

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف