رغم أن اسرائيل تطالب دول العالم بتشدد الاعتراف بالقدس كعاصمة لها، بل وفي الشهر القادم ستحيي فيها شبه عيد وطني جديد – فتح السفارة الاميركية في القدس – فمنذ العام 1967 حتى اسرائيل نفسها لا تتعاطى مع المدينة كعاصمة لها. فالفلسطينيون في القدس، نحو 40 في المئة من سكانها ليسوا مواطني الدولة، ومجالات كاملة من السيادة تغيب عن المدينة. احدها هو تسجيل الاراضي.
رغم الضم، تمتنع الدولة عن تسجيل الملكية على الارض في شرقي المدينة، بل واوقفت المشروع البريطاني والاردني لتسوية الملكية. وغياب تسجيل الاراضي يؤدي بشكل مباشر الى سلسلة طويلة من المشاكل، بدءا بنقص البنى التحتية والمدارس عبر البناء غير القانوني الجماهيري وحتى الفقر الواسع والعميق. وحسب تقرير نشره معهد القدس للبحوث السياسية، فبسبب انعدام التسجيل فان قسما مهما من رأسمال سكان شرقي القدس غير قابل للتحقق، وكنتيجة لذلك فان كل عائلة فلسطينية تخسر بالمتوسط نحو 80 الف شيكل.
مؤخرا، قررت مديرية تسجيل الاراضي في وزارة العدل استئناف تسجيل الاراضي في شرقي المدينة. ظاهرا، تعد هذه خطوة ايجابية يمكن أن تساهم كثيرا لصالح السكان. ولكن الشكل الذي تتم فيه هذه الخطوة يثير شكوكا في أن مصلحتهم ليست هي الماثلة أمام ناظر اصحاب القرار، بل مصلحة منظمات المستوطنين، التي تنال اذنا صاغية في وزارة العدل التي تقف على رأسها الوزيرة آييلت شكيد.
بخلاف توصية تقرير معهد القدس، لا تعمل الوزارة بالتعاون مع الجمهور الفلسطيني. والاخطر من ذلك هو أن الوزارة تمتنع عن نشر اعلان يوضح بان التسجيل لن تستخدمه الدولة للاستيلاء على عقارات مالكوها يوجدون اليوم أو كانوا يمكثون في الماضي في دولة عدو. هكذا مثلا، اذا كان اب ورث بيتا لثلاثة اخوة، اثنان منهم يتواجدون في دولة عربية، فان القيم يمكنه أن يستولي على ثلثي البيت. غير أنه يكاد يكون لكل عائلة في شرقي القدس قريب في احدى الدول العربية. والخوف هو ان تستغل الدولة الفرصة وتستولي على هذه البيوت والاراضي التي وفقا لتجربة الماضي تحول تلقائيا الى جمعيات المستوطنين.
لقد اكتسبت دولة اسرائيل بجدارة شكوك السكان الفلسطينيين في القدس. وخطوة تسجيل الاراضي يمكن أن تكون خطوة ايجابية تستخدم لتعزيز السكان وتحسين جودة حياتهم، او خطوة هدامة تؤدي الى استمرار بتر المجال الفلسطيني في المدينة من خلال المستوطنات، تصعيد العنف وهدم كل امكانية لتسوية سياسية في المدينة. على الحكومة أن تنشر في أقرب وقت ممكن ايضاحات حول الخطوة، وتعلن بان المجال في شرقي القدس يستهدف خدمة سكانها.


لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف