من حق الشعب الفلسطيني أن يثور ضد الإسرائيلي الذي اغتصب أرضه ومقدساته وشرده في المنافي وأعتقل خيرة شبابة وقتل ابنائه وضيق عليه حياته وعاش الويلات تلو الويلات من عذباته، وفي الجانب الآخر من حقه أن يغير من يحكمه سواء كان ذلك في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، فله الحرية أن يعيش حياته بكرامة التي لا تقدر بشي فهو يريد قيادة محترمه تحترمه، وتتطلع لإرادته وتقوده نحو تحرير أرضه بشتى الطرق المتاحة.
لا أحد منا ينسى أرضه ووطنه ولا ينسى دماء اخوانه المدافعين والحاميين لقضينا ولمشروعنا الوطني، الذين استشهدوا جراء الإعتداءات من قبل المحتل الإسرائيلي الذي لا يعرف سوى إراقة دماء الأبرياء، فكان لزاما على شبابنا بعد أن تخلى عنهم قيادتهم أصحاب المنافع الذين يلهتون سباقا وراء مسميات حزبية دون كلل وملل، وتتجدد طاقة هؤلاء للعمل بعد حصولهم على مكسب نفعي جديد فيشعر بلذة الحياة، وهو لم يخدم سوى حاشيته، طبعا ليس حبنا بهم ولكن لكسب التأييد والرضى والسكوت عليه.
لا تلوموا الشباب الثائر إذا ما بدأ يبحث عن قوته ورزقه وحريته التي فقدها بعد أن تخلى عنه الجميع، ووجد نفسه منفرداً في مواجهة التحديات وغطرسة المحتل، حينها باشر بفكرة المطالبة بحقوقه بداية بفكرة أنا راجع التي لاقت قبول شعبي فكانت شرارة مسيرة العودة التي لها ما بعدها من مطالبات أخرى سيكون الجميع مدهوشين ومنبهرين أمام مطالب الشباب الثائر.
فهم من خيرة شباب الوطن، وكان ممن يواصل الليل والنهار في ترتيب المسيرات وصناعه أدوات الدفاع من مقلاع وطائرة ورقية وغيرها من أدوات التعبير السلمي عن إرادتهم في التحرر والعودة ، فكثير ترك منزله وعمله لأجل تلك المسيرة والعمل في ظلها، وهم ممن قدم وقته وماله وجهده في سبيل استمرار ونجاح المسيرات وتحقيق أهدافها.
كثير من هؤلاء الشباب لم يكن همّه الأول رزقه أو المال الذي يعتاش به، وإنما كان يشغله حال أهله ووطنه بعد أن لقوا تخاذل غير مسبوق وعدو ضرب المواثيق الدولية بعرض الحائط، ومغص عليهم الحياة فكان يفكر بطريق يمدّ به يد العون إلى ابناء شعبه.
أن العمل الرسمي غير المنظم هو من أوصل هؤلاء الشباب إلى هذه الحالة، وترك كثيراً منهم حائرين بين خيارين أحلاهما مرّ، إما الاستمرار في قتال الاحتلال بدون مورد مادي ومستقبل غير واضح المعالم، وإما إسقاطهم وسهولة ابتزازهم من الاحتلال الاسرائيلي.
بالتأكيد شبابنا لا تعرف الكلل أو الملل، ولم يكن يهدأ لها بال فهؤلاء دوما بالعطاء يمنحون الوطن، يستحق الشباب الثائر أن يجد من يستفيد من خبراته ويوظفها لصالح العمل العام، لا لمصالح شخصية ضيقة.
وليس العيب في أن يبحث الشباب الثائر عن رزقه وتأمين مستلزمات حياته، ولكن العيب هو في عدم قدرتنا على التوحد حتى اللحظة، واستمرارنا في تداول الاتهامات وتقاذف والتراشق الإعلامي واضاعة سنين من عمر هؤلاء الشباب، بدل البحث عن منفذ وحل لهذا الشعب العظيم، والعيب هو في بخس الناس أعمالهم، وتحقير مساعيهم، بدل الاحتفاء بها، وتقديرها، بغية الاستفادة والاستزادة منها.
يستحق هذا الشعب العظيم بعد مرور أكثر من سبعين عاما على هجرته وألامه أن تكون له قيادة حكيمة ذات مستوى عالٍ تتطلع إلى آلامه وتضحياته وتستفيذ من خبراته.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف