في أحد أزقة حارة التوباني بالبلدة القديمة بنابلس يتربع فرن منى العربي، الذي ما زال يحافظ على تراثه وتراث المخابز العربية القديمة حيًّا، وبالرغم من تسارع الحياة اليومية ووجود عشرات الأفران الحديثة بمدينة نابلس، إلا أن أهالي البلد القديمة يتمسكون بالفرن، ويقبلون عليه باستمرار.
مع بداية ساعات الصباح الباكر يبدأ أهالي البلدة القديمة بالتوافد على الفرن للحصول على فطور الصباح مما يحضره الفرن من المعجنات والفطائر التي يجهزها المعلم هلال منى وأشقاؤه، وخلال قيامهم بتجهيز المعجنات يتجاذبون أطراف الحديث مع الزبائن الذين أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية لآل منى؛ فغالبية الزبائن هم من زبائن الفرن أبًّا عن جد.
يقول هلال منى، بينما كان منهمكًا في خبز الفطائر، إن هذا الفرن كان يملكه جده ومن ثم والده الحاج أبو أنور منى والذي توفي قبل 23 عامًا؛ حيث أصر هو وأشقاؤه على إبقاء الفرن مفتوحًا واستمرار العمل فيه كمصدر رزق لهم، وللحافظ على تراث المهنة التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، مشيرًا إلى أن الفرن نفسه عمره أكثر من مائتي عام، بينما تعمل فيه عائلة منى منذ حوالي 60 عامًا.
ويضيف أن الفرن ما زال يعتمد على الأدوات التقليدية في إعداد الخبز، ويستخدم الحطب في الوقود، ما يجعل الخبز يحافظ على نكهته، ويجعله ذا نكهة محببة للزبائن، بينما تستخدم المخابز الحديثة الغاز وغيره من الوسائل.
وأشار منى إلى أن الفرن استطاع بفضل الله المحافظة على زبائنه جيلاً بعد جيل؛ فزبائن الفرن اليوم هم أبناء وأحفاد الزبائن القدامى، مؤكدًا أنهم لا يفكرون بتغيير مكان الفرن أو الانتقال لمكان آخر للمحافظة على تراث العائلة الذي ارتبط بهذا المكان، كما أن رزق العائلة ارتبط بالمكان، كما يقول منى.
ويفتخر آل منى بفرنهم وتاريخه العريق الممتد من آبائهم وأجدادهم؛ حيث يعلقون على جدران الفرن صورًا لوالدهم وجدهم، ومن الملفت للنظر إحدى الصور التي تجمعهم بوالدهم في الفرن بينما كانوا أطفالاً صغارًا.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف