لم يجرؤ مخططو صفقة القرن على نشرها علنا والتقدم بها كمشروع لهم. بل كل ما يجري هو تسريبات غير كاملة ومحاولات متعددة وعلى مختلف المستويات، السياسية والإعلامية لغسل الأدمغة وتشويه الوعي بها واشاعة الغموض والابهام عن مخاطرها التي لخصت في الكثير من وسائل الاعلام كخطة صهيو أمريكية تستهدف المنطقة العربية وخارجها أيضا وتعمل ضمنها بشكل رئيسي إلى توطين الفلسطينيين في وطن بديل، خارج فلسطين المحتلة، وإنهاء حق العودة لللاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين. اي تصفية القضية الفلسطينية وانهاء الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعودة والحرية والاستقلال، وتمرير تغيير المنطقة جغراسياسيا. وتشير التقارير الاعلامية ان الادارة الاميركية تعكف حاليا على وضع اللمسات الاخيرة لهذه الخطة من خلال المشاورات التي يقودها صهر الرئيس الامريكي ترامب ومساعده الخاص، أو ولي العهد كما سماه الكاتب الصحفي المعروف روبرت فيسك، جاريد كوشنير، ومبعوثه الخاص جيسون غرينبلات مع بعض الحكام العرب. اي أن واضعها يعرف انها صفقة لتدمير ما تبقى للفلسطينيين من قضية وعدالة وآمال وطنية، وبالضد من مصالح شعوب المنطقة وبلدانها في النهاية. فلهذا يسرب ويهيا الأجواء لها ويحاول تمريرها بقوة الضغط والرشوة والإذلال.. ولعل ما يتسرب منها لحد الان هو الأخطر في الصفقة، أو الصفعة الصهيوأمريكية الجديدة.
أمام ما عرف من هذه الصفقة وما نشر أو تسرب الى النشر مع غموضه وعدم التأكيد عليه يتوجب التصدي لهذه الصفقة ومقاومتها بكل الاشكال والسبل القانونية والسياسية، رسميا وشعبيا، ويتحمل الشعب الفلسطيني مع ما تحمله من كل السياسات الصهيوغربية التي واجهته أن يبدأ هو بالتحدي ورفض قبولها ومنع الخضوع لاشتراطاتها وما ستولده من اخطار فعلية على مصير قضيته وعلى المنطقة بكاملها، ليكون الشرارة الأولى والمحفز الاول لتوسيع الممانعة والشعور بالمسؤولية الجماعية لما تتضمنه الصفقة وما تستهدفه اساسا. وبعده وقبل كل شيء وقف عمليات التطبيع الرسمية والأهلية التي تقوم بها بعض الحكومات العربية، ومنعها من الإستهانة بالحقوق والنضالات الوطنية، ورفض الانصياع لأوامر الإدارات الغربية التي لم تكن في يوم من الايام بعيدة أو غير ضالعة في مخططات العدوان والحروب والدمار والتخريب في منطقتنا العربية خصوصا.
إن حركة التحرر الوطني الفلسطينية والعربية من بعدها في حالة كفاح تاريخي مستمرة حتى تحقيق أهدافها الوطنية في التحرر الكامل، وبناء الدولة الوطنية الحرة المستقلة، كاملة الحقوق والحريات الأساسية. ولعل في خطوات الانتفاضات الشعبية بكل وسائلها هي مؤشر على استعداد الشعب الفلسطيني وتقديم نموذجه النضالي الذي تقره القوانين الدولية والأعراف الإنسانية والتاريخ السياسي، ويستشهد به ويشهد له.
ما تم من مواقف فلسطينية ازاءها تصب في رفض الصفقة وتوابعها، وعدم الاستجابة للضغوط الشديدة التي توجه عليها، سواء من واضعي الصفقة أو مروجيها او داعميها وممولي جرائمها التصفوية، وهذا أمر يأخذ في الحساب، ويثمن في المشهد السياسي، واستمراره بعزيمة تصلب من أو تشد من ازر الكفاح الوطني الفلسطيني ونضاله المشروع وحقوقه العادلة.
ولعل ايضا مسيرة العودة الكبرى التي انطلقت من غزة تضع هي الأخرى في الواجهة موقف الشعب الفلسطيني، والذي عمده بدماء الشهداء من كل الأجيال ودون توقف أو انتظار. كما ان استمرار المسيرة وبطابعها السلمي وتزايد أعداد المشاركين فيها، وتوسعها ليس في غزة وحدها، بل في كل مدن فلسطين المحتلة، تأكيد اخر على إصرار الشعب الفلسطيني على استمرار نضاله التحرري وكفاحه الوطني وصموده المشهود له به وتضحياته الجسيمة التي يتوقف عندها كل من له ضمير انساني.
هذه المسيرات باستمرارها وبسلميتها وتضحياتها تحرض الضمير الإنساني لإعلان تضامنه مع الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، فانطلقت من جديد سفن التضامن العالمي من أغلب المدن أو عبرها معلنة وقوفها بصوت عال مع الشعب الفلسطيني وحركة تحرره الوطني ضد الاحتلال والحروب والعدوان والظلم والاضطهاد والعسف الإسرائيلي. كما تقدمت مواقف وتصريحات تعبر عن هذا التضامن الإنساني.
عربيا كانت صنعاء، عاصمة اليمن، المحاصر جوا وبحرا وبرا من تحالف يحمل اسم العربي، ويشن على شعبه حربا شعواء راح ومازال يروح آلاف الشهداء من كل اجياله فيها، من صنعاء هذه خرجت اولى تظاهرات يمكن القول عنها مليونية، ترفع شعار التضامن مع نضال الشعب الفلسطيني وتقول من هناك أن الشعب اليمني وصنعاء بالذات لا تتضامن فقط وانما تتحرق الى المشاركة مع الشعب الفلسطيني في نضاله اليومي وتدافع عن القضية المركزية للامة العربية. وفي هذه المناسبة ادعو الأخوة في قيادة أو تنسيق مسيرات العودة الكبرى اعلان يوم تضامن مع الشعب العربي في اليمن والدعوة لوقف الحرب والعدوان عليه فورا والعمل على إعادة الإعمار وحماية السكان من جرائم الحرب والإبادة الوحشية. وتأتي أهمية مثل هذه الالتفاتة تعبيرا عن روح التضامن والتحالف والمشاركة في معارك التحرر الوطني والقومي .
لقد تعلم الشعب في اليمن كما الشعب في فلسطين من تجاربه في محاربة الاستعمار واذياله ومروجي الحروب وممولي الدمار والخراب، كما أن الشعب الفلسطيني يواصل فعالياته الجديدة وهو منطلق من تجاربه والعالم في التخلص من الاحتلال والاستعمار الاستيطاني.
اختار الشعب الفلسطيني بوعي وإرادة كاملة طريق التحرر الوطني ويعلم مهماته ومنجزاته. وخاض ومازال يواصل تجربته منذ هبات وانتفاضات وثورات اعوام 1919 و 1929 و 1936 وما تلاها والى اليوم، دفاعا عن حقوقه المشروعة وعدالة قضيته وصراعه الوجودي.
عبرت مسيرات العودة، أو قدمت الرسالة والدرس في التأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني، وأهميتها في مواجهة التحديات والانتصار فيها. وما تجسد منها في المسيرات وكسر الحصار يضمن قوة الإرادة الشعبية ويكون الحصن الحصين للوحدة الوطنية والمقاومة الموحدة. وبها يقوم الشعب الفلسطيني في صفع الصفقة وردها إلى أصحابها واركانها واعتبارها جريمة أخرى ضد حقوق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة وخياراتها التحررية المشروعة. وما رفع من شعار في مسيرة يوم الجمعة (2018/7/6 ) " اسقاط الصفقة" الا دليل واضح.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف