صواريخ، قذائف هاون، بالونات قليلة من شأنها أن تسقط من غزة في الايام القادمة. ايران تحول الى حماس 70 مليون دولار في كل سنة؛ للجهاد الاسلامي عشرات الملايين الاخرى. وهي تتوقع ان تحصل على مقابل لمالها. وهناك منظمات عاقة ومبادرة من الميدان ومطلقو طائرات ورقية علقوا مع مخزون فائض. بالنسبة لغزة، حتى عندما ينتهي هذا، فانه لا ينتهي بالضرورة.
ولكن بشكل عام، فان هذه الجولة باتت خلفنا. في الجانب الايجابي، فانها تتلخص في جملة من الاحداث المحملة بالمصائب التي لم تقع. فلم يكن اقتحام جماهيري للجدار، كما خططت حماس؛ لم يكن تسلل الى بلدة؛ لم يصب أي مواطن باذى؛ عدد القتلى في الجانب الغزي لم يتجاوز النقطة التي كانت ستلزم حماس بتوسيع القتال؛ معظمهم كانوا يرتبطون بمنظمات الارهاب؛ العنف لم ينتقل الى الضفة والى اسرائيل، وبالاساس لم يضطر الجيش الاسرائيلي الى الدخول الى غزة في حملة عسكرية باهظة وعقيمة.
111 يوما استمرت هذه الجولة. 156 فلسطيني قتلوا، ولحق بمنشآت حماس ضرر جسيم. جندي عسكري اسرائيلي واحد قتل، لشدة الاسف، واصيب ثلاثة. 25 الف دونم احترقت، معظمها مناطق بور. وتحقق الكبح.
أملت حماس بنتائج اخرى تماما. ومع ذلك، فقد سجلت انجازا في الوعي: البالونات والطائرات الورقية التي أطلقتها احتلت جدول الاعمال في اسرائيل، فتحت جدالا، فرضت رعبا، خلقت شروخا في الراي العام.
في اثناء المعركة كانت أعمال مبادر اليها من قيادة حماس وكانت أعمال انصارية في الميدان. في الجيش الاسرائيلي حددوا مؤشرات لها: اذا خلت مواقع حماس قبل العملية، فهذا مؤشر على أن التعليمات جاءت بشكل مرتب، من فوق. اما اذا كانت المواقع مأهولة، فهذا مؤشر على ان احدا ما اتخذ مبادرة من جانبه.
نار القناص يوم الجمعة، والتي كلفت حياة مقاتل، وقعت عندما كانت مواقع حماس مليئة. برد النار من جانب الجيش الاسرائيلي على مواقع حماس قتل أربعة مسلحين.
في الجانب السلبي، انتهت الجولة في النقطة ذاتها التي انتهت فيها حملة الجرف الصامد قبل أربع سنوات، كل المشاكل الاساسية التي أدت الى المواجهة اياها والى المواجهة الحالية بقيت على حالها. لم يحل شيء، لم يتحقق شيء: عمليا، المشاكل تفاقمت. بقي على حاله ايضا الجدال بين قيادة الحكومة وقيادة الجيش بالنسبة لليوم التالي. في الجيش مقتنعون بانه اذا لم يبذل جهد أعلى لتغيير الواقع في غزة من الاساس، فان الحدث العنيف التالي سيأتي قريبا، وهو سيكون أخطر بكثير من الجولة الحالية.
في الجيش الاسرائيلي يخشون من أن تتحول غزة الى الصومالأزمة انسانية حادة ستكون الى جانب فوضى حكم. على الحدود سيلعب الطرفان كرة الطاولةهم يطلقون النار على اراضينا ونحن على اراضيهم. وفي النهاية لن يكون مفر من اعادة احتلال القطاع.
المعضلة التي يعرضها الجيش على القيادة السياسية حادة كالسيف. ماذا نريد نحن في غزة؟ هل نريد حماس مضعفة، عودة السلطة الفلسطينية الى غزة أم استمرار الازمة هناك حتى الانهيار؟ الحسم بين الامكانيات الثلاثة ليست فقط بيد اسرائيل، ولكنها لاعب مركزي.
يمكن التقدير بانه بين الامكانيات الثلاثة تفضل قيادة الجيش الاسرائيلي الثانيةعودة السلطة الفلسطينية الى غزة، ليس الى جانب حماس بل بدلا منها. صحيح أن ابو مازن قلص تحويل الاموال الى غزة، ولكنه لا يزال مصدر الدخل الاساس لها. فهو يحول لها 64 مليون دولار الشهر.
المشكلةاحدى المشاكلهي ان الحكومة تعرض ابو مازن كعدو لا يقل خطورة عن حماس. وعليه، ففي كل المداولات مع القيادة السياسية يحرص رئيس الاركان على الحديث عن السلطة الفلسطينية، وليس عن ابو مازن.
حماس ضعيفة اليوم اكثر مما كانت في أي وقت مضى. توجد هنا فرصة للحل، واغراء لعدم الحل. في القيادة السياسية يفضلون العزلة: سلطة مضعفة في الضفة، حماس مضعفة في غزة. بكلمات اخرى، مواصلة الوضع القائم. يوجد هنا رهان من شأنه ان يتفجر لاسرائيل في الوجهبانهيار غزة او باتفاق يجعل حماس قوة عسكرية وسياسية داخل السلطة، في شكل حزب الله في لبنان.
هناك في اسرائيل من يشتاق لكيسنجر او بيكر، وزيري خارجية امريكيين كانا يسافران من عاصمة الى عاصمة، يضغطان ويهددان وينثران الوعود الى أن توصلا الى حل متفق عليه. لا يوجد في الافق وسيط في هذا المستوى. بمدى معين الامريكيون هم المشكلة، وليس الحل: قرار ترامب تقليص 300 مليون دولار من المساعدات للوكالة فاقم أزمة الغذاء في غزة، وضع في علامة استفهام رواتب 13 الف موظف وكالة وبداية السنة الدراسية لـ 280 الف تلميذ.
مصر السياسي ضالعة، ولكن قوة تأثيرها محدودة. ويشارك ايضا نيكولاي ملدنوف البلغاري، مبعوث الامم المتحدة. هذا لا يكفي.
اسرائيل يمكنها أن تقترح على غزة جملة من العصي والشجر. في بند العصي، اغلاق شبه تام لقدرة غزة على العمل عسكريا: العتاد الذي يستخدمه الجيش الاسرائيلي يسمح بالعثور تقريبا على كل نفق. القبة الحديديةتمنع معظم اطلاق الصواريخ. كما أن لمشكلة البالونات سيتوفر حل في غضون اسابيع او اشهر. الحل حيوي ليس بسبب الطائرات الورقية بل بسبب تهديد الحوامات الذي يتركز في الجبهة الشمالية، في لبنان وفي سوريا.
الى جانب الجزر يتحدث الجيش الاسرائيلي عن الحاجة الى اعطاء اجوبة لخمس مشاكل عاجلة: الغذاء، الصحة، المياه، الكهرباء، المجاري. فضلا عن ذلك يجب العودة الى التفاهمات في نهاية حملة الجرف الصامد، والتي لم تنفذ: ميناء، مطار، استيعاب عمال من غزة في اسرائيل. بكلمات اخرى، رفع الحصار. كل هذا مشروط، بالطبع، بعودة جثماني هدار غولدن واورون شاؤول، واعادة الاسرائيليين اللذين اجتازا الحدود. حماس مستعدة لصفقة من نوع آخراعادة الجثمانين مقابل تحرير مئات من سجنائها. وهي تأمل بصفقة شاليط 2. “من اجل تحرير بضع مئات من الفلسطينيين من السجن يفضلون احتجاز مليوني فلسطيني في السجن”، يقول اسرائيلي كبير.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف