قرابة 300 كيلو متر تفصل بين موقع نهرايم شمالي الموشاف تسوفر في الجنوب. والخط الذي يربط بينهما يسميه الجيولوجيون “الشرخ السوري – الافريقي”، وهم يرون فيه منطقة مرشحة لهزات أرضية شديدة. هذا الخط بالضبط تعرض أمس لشرخ وهزة أرضية اخريين، لا يقلان اثارة للقلق: سياسيين. فاتفاقية السلام مع الاردن، التي تنجو منذ 24 سنة من هزات الشرق الاوسط وتوفر لنا هدوءا نفسيا على الحدود الشرقية، تلقت ضربة مفاجئة – فقد أعلن عبدالله ملك الاردن بان على اسرائيل أن تعيد الى بلاده في غضون سنة اراض اجرت لها منذ 1994.
في اتفاقية السلام يوجد ملحقين يتناولان جيبين خلف الحدود الاردنية: اراض زراعية شرقي موشاف تسوفر في العربا، واراض في منطق نهرايم، بين اليرموك ونهر الاردن في الشمال. وحسب الاتفاقية، فان هذه الاراضي اجرت لاسرائيل لـ 25 سنة. لكل طرف من الطرفين مسموح الغاء الاتفاق، باشعار سنة مسبقة. والان، قبل سنة بالضبط من انتهاء موعد الـ 25 سنة، نقل الاردن رسميا قراره سواء في بلاغ رسمي نشر في عمان ام في بلاغ نقلته السفارة الاردنية الى وزارة الخارجية في القدس.
وشرح الملك عبدالله بان هذه “ارضين اردنيتين، وهما ستبقيا كذلك كون الاردن سيبسط سيادته عليهما”. وعلل الملك قراره بـ “الظروف الاقليمية الصعبة”، دون أن يفصل. واتخذ القرار بمفاجأة كاملة في القدس، إذ أنه يشكل من ناحية اسرائيل مسا باتفاقية السلام بين الدولتين. فالمزارعون الاسرائيليون في العربا فلحوا الاراضي التي في جيب تسوفر لسنوات طويلة ومن شأنهم الان ان يفقدوا مصدر رزقهم. سطحيا، ليس لاسرائيل الكثير مما تفعله: فالخطوة التي اتخذها الاردن هي بموجب الاتفاق. والمعنى هو أن اسرائيل ستضطر الى ان تسلم للاردنيين الارضين الا اذا نجحت في اقناع الاردنيين في الوصول الى اتفاق متجدد. اما أمس فقدرت مصادر في الاردن بان الاردنيين غير معنيين بذلك.
جزيرة السلام ستبقى
في موقع نهرايم بنيت قبل قيام الدولة محطة هيدرو-كهربائية انتجت الكهرباء من تدفق نهري اليرموك والاردن. وفقدت اسرائيل المنطقة في حرب التحرير. وبالتالي كان لاستئجارها بعد اتفاق السلام معنى رمزي. قسم من الموقع يضم جزيرة السلام – المكان الذي وقعت فيه في اذار 1997 مذبحة الفتيات السبعة من بيت شيمش. وقد حصل هذا عندما فتح جندي اردني النار على مجموعة من تلميذات الصفين السابع والثامن كن يتنزهن في الموقع. وبعد القتل جاء الملك حسين الراحل، والد عبدالله، لزيارة عزاء في منازل عائلات المغدورات وجثم امام الامهات. من الاهمية بمكان الاشارة الى أن جزيرة السلام نفسها لا تندرج ضمن قرار عبدالله والاردن لن يطلب من اسرائيل اعادتها.
وحسب التقديرات، فقد تأثر الملك بالانتقاد الشديد في الشارع الاردني على استمرار العلاقات مع اسرائيل والاحساس في اوساط العديد من الاردنيين بان اسرائيل “تدوس عليهم”. سبب آخر هو ان الاردنيين محبطون من أن اسرائيل تعرقل منذ ثلاث سنوات ونصف تنفيذ اتفاق المياه بين الدولتين. وحسب مصادر ضالعة في العلاقات بين الاردن واسرائيل، فان رئيس سلطة المياه في الاردن، سعد ابو الحمور، قال لنظرائه الاسرائيليين قبل نحو سنتين ان الملك سيطلب وقف الايجار، ولكنه بقي دون جواب من القدس.
​“اغلاق البسطة
عقب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على البلاغ الاردني في خطاب الذكرى الرسمي لاسحق رابين – الرجل الذي وقع على اتفاق السلام مع الملك حسين. فقال انه “في اتفاق السلام ابقى الاردن على خيار استعادة الاراضي. بُلغنا اليوم بانه يطلب تنفيذ هذا الخيار في السنة الـ 25. سندخل معهم في مفاوضات على امكانية تمديد التسوية القائمة. لا شك انه في رؤية شاملة فان الاتفاق كله هو ذخر هام، هام وغالٍ للدولتين”.
هذا وتلقى مزارعو تسوفر بالصدمة والقلق هذا النبأ. فقد قال رئيس المجلس الاقليمي العربا الاوسط ايال بلوم ان “الاراضي الزراعية في جيب تسوفر هامة جدا. والمعنى هو انهيار 30 مزرعة في مساحة نحو 1.400 دونم. ادعو رئيس الوزراء الى حل الازمة”.
في موشاف تسوفر تعيش 93 عائلة، 38 منها تعيش من الاراضي الزراعية التي في الجيب الاردني. ويزرع في هذه الاراضي الفلفل، التمور والزهور. ايرز جيبوري، متزوج واب لثلاثة ابناء، يزرع 80 دونم من الفلفل في الجيب. قال امس: “هذه كارثة. كل أرضي في الجيب الاردني. عمل يعود لعشر سنوات سيصفى تماما”.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف