هآرتس – بقلم نيتع احيتوف – 15/3/2019
تلك كانت ساعات ما بعد الظهر باردة جدا في بلدة بيت أمر. الجو يتناسب مع نهاية شهر شباط. هذا لا يزعج أطفال عائلة ابو عياش من اللعب خارج البيت. أحدهم يلبس قناع سبايدرمان، قفز من مكان الى مكان انه رجل العنكبوت. فجأة لاحظ الاطفال مجموعة من الجنود تتقدم نحوهم مرة واحدة تغيرت نظرة وجوههم من الفرح الى الذعر. وسارعوا بالدخول داخل البيت. هذه ليست المرة الاولى التي يردون فيها هكذا، يقول الوالد. هذا يتكرر منذ اعتقال عمر ابن العاشرة من قبل الجنود في بيته.
عمر، هو واحد من مئات الفتيان الفلسطينيين الذين تعتقلهم اسرائيل كل عام (ما بين 800 الى 1.000). جزء منهم اعمارهم أقل من 15 عام. يوجد من بينهم لم يصلوا الى سن الثالثة عشرة. خارطة الاعتقالات تظهر صيغة ما: كلما كانت القرية الفلسطينية اقرب الى المستوطنات تزداد احتمالات اعتقال القاصرين الذين يسكنون فيها. مثلا في عزون الموجودة غربي كارنيه شومرون ليس هناك بيت لم يعرف الاعتقال. السكان يقولون ان أكثر من 150 من طلاب المدرسة الثانوية الوحيدة في البلدة اعتقلوا خلال الخمس سنوات الاخيرة.
ولكن عزون ليست فقط مثالا وهي وحدها لا تفسر كيف أنه في كل لحظة معينة هنالك تقريبا 270 فتى فلسطيني موجود في السجون الاسرائيلية. أيضا سبب الاعتقال الشائع – القاء حجارة – لا يكمل الصورة. محادثات مع العديد من الفتيان، مع المحامين ونشطاء حقوق الانسان مثلا من قبل “بتسيلم” تظهر نمطا للاعتقال، ولكنها ما تزال تترك أسئلة مفتوحة. مثلا لماذا يبرر الاحتلال اعتقالهم العنيف ولماذا توجه تهديدات ضد القاصرين.
عدد من الاباء الاسرائيليين والذين اعتقال الاطفال الفلسطينيين هز مشاعرهم قرروا التجند للنضال من أجلهم. في ظل منظمة “آباء ضد اعتقال الاطفال” هم يعملون في الشبكات الاجتماعية ويعقدون المؤتمرات في أماكن عامة من أجل زيادة الوعي بحجم الظاهرة وبخرق حقوق الاطفال القاصرين الفلسطينيين ومن أجل تشكيل مجموعة ضغط تعمل من أجل وقف هذه الظاهرة”، كما يشرحون. بشكل عام يبدو أنه لا ينقص انتقادات على ما يجري. الى جانب منظمة “بتسيلم” التي تنشغل كثيرا في الموضوع أيضا خلف البحار يظهرون غضبا. “اليونسيف” سبق ورفعت صوتها بشأن “التعامل التنكيلي الممنهج والمؤسس”، تقرير لقانونيين بريطانيين قال بان ظروف احتجاج الفتيان الفلسطينيين “يستجيب لتعريف التعذيب” وفقط قبل خمسة شهور أدان المجلس الاوروبي سياسة اعتقالات القاصرين من قبل إسرائيل وقال: “واجبنا ان نتأكد من أن جهاز القضاء الاسرائيلي لا يتحول الى أداة انتقام أو قمع لحقوق الانسان”.
الاعتقال
نصف الشبان الفلسطينيين يعتقلون من بيوتهم. هذا يحدث في منتصف الليل وبعد أن يتم اقتحام البيت بأيدي الجنود – هكذا تقول الشهادات. للعائلة يعطون وثيقة تفصل أين سيؤخذ الطفل وبسبب أي تهمة. الوثيقة مكتوبة بالعربية والعبرية ولكن في معظم الحالات قائد القوة يملأ البيانات بالعبرية فقط ويترك خلفه والدين لا يستطيعان القراءة وفهم ماذا يريدون من ابنهم.
المحامي فرح بيادسة يستغرب لماذا يتوجب اعتقال الاطفال بهذه الصورة، وليس استدعاءهم للتحقيق بصورة منظمة (المعطيات تظهر أن فقط 12 في المئة من الشبان يتلقون استدعاء للتحقيق). “من التجربة، في كل مرة يطلبون من أحد ما الحضور الى المركز، يأتي”، يقول بيادسة، نشيطة في منظمة الدفاع عن الطفل الدولية وهي جمعية دولية تعنى باعتقال القاصرين وانتهاك حقوقهم. “الرد بشكل عام هو (أن هذا يتم بهذه الصورة لاسباب امنية)”. هذا يعني أن الامر يتعلق بطريقة محسوبة، ولا تستهدف تطبيق حقوق القاصر بل التسبب له بصدمة طوال حياته.
وهكذا، المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي اعطى الرد التالي: “معظم الاعتقالات، للبالغين وكذلك للقاصرين، تتم في الليل وذلك لاعتبارات عملياتية ورغبة في الحفاظ على نسيج حياة سليم وتنفيذ نشاطات محددة بقدر الامكان”.
وهنالك ايضا من يعتقلون في الخارج (40 في المئة)، غالبا حول أحداث رشق حجارة على الجنود، هكذا حدث لادهم احسون من سكان عزون. هذا حدث قبل عام، كان حينها عمره 15 عام، وكان في طريق عودته الى البيت من البقالة في وسط البلدة. ليس بعيدا عنه بدأت مجموعة اطفال برشق حجارة على الجنود وهربت. نظرا لان احسون لم يهرب، تم اعتقاله وأخذ من قبل الجنود الى الجيب العسكري. عندما ادخل داخله قام احد الجنود بضربه. عدد من الاطفال الذين رأوه ركضوا الى بيته لابلاغ والدته. امه قامت باخذ شهادة ميلاده وركضت الى مدخل المستوطنة من أجل اقناع الجنود بانه مجرد طفل. لقد كان ذلك متأخرا جدا. الجيب كان قد غادر المكان.
طريقة المعابر
حسب القانون الجنود يجب ان يقيدوا الاطفال وايديهم الى الامام. ولكن في حالات عديدة الايدي تقيد من الخلف واحيانا مقاسات جسم الطفل يمكن أن تشكل عائقا. كما تحدث لكاسري الصمت جندي من وحدة “عوريف ناحل”: في احد المرات اعتقلت وحدته طفلا عمره 11 سنة تقريبا. القيود كانت اكبر من أن تقيد يديه الصغيرتين. المرحلة التالية هي السفر. القاصرون يؤخدون الى قاعدة عسكرية او الى مركز للشرطة في مستوطنة مجاورة حيث تغطي عيونهم عصبة. العصبة لا تستهدف اخفاء الطريق حيث أن الفتى المعتقل يعرف الى أين يأخذونه. الهدف مختلف – “عندما تكون الاعين مغطاة خيالك يأخذك الى اماكن مخيفة جدا”، وصف أحد محامي الفتيان. معظمهم لا يفهمون العبرية، وهكذا فانهم في الجيب يكونون معزولين تماما عن كل ما يحدث حولهم.
في أغلب الحالات الشاب المقيد ومعصوب الاعين يتم أخذه من مكان الى أخر قبل أن يصل الى القاعدة العسكرية للتحقيق معه. احيانا يبقونه في الخارج، في منطقة مفتوحة لفترة الى جانب عدم الراحة والتشويش هنالك مشكلة اخرى في عمليات النقل المتكررة. حينئذ تحدث حالات عنف كثيرة وفيها يقوم الجنود بضرب المعتقلين – وهم غير موثقين.
عندما يصل الشاب الى الهدف يجلسونه مقيدا ومغطى الاعين على كرسي أو على الارض لمدة عدة ساعات وبشكل عام بدون أكل. بيادسة يصف هذه الرحلة برحلة الجحيم الذي لا ينتهي. “هذه عملية لا تنتهي ابدا. هكذا تشرح بيادسة. “هذا اسم يستمر لسنوات طويلة بعد اطلاق سراحه. هذا يزرع في الطفل شعور متواصل من انعدام الامن الذي يرافقه طوال حياته”.
في حالة فوزي الجنيدي مرت سنتان. كان ابن 16 عام عندما اعتقل بايدي الجنود اثناء سيره الى بيت عمته. تم تقييده وتغطية عينيه واخذ الى مكان مفتوح. كما يبدو ساحة قاعدة عسكرية قريبة. الجنود اجلسوه على الارض وفجأة شعر بتيار من الماء سكب عليه. احد الجنود أو عدد منهم سكبوا عليه ماء، كان ذلك في شهر كانون الاول.
شهادة جندي بدرجة رقيب والذي خدم في الضفة الغربية واعطى شهادة لكاسري الصمت عن حادثة حدثت منذ فترة ليست بعيدة تجسد هذه المسألة ايضا من الجانب الاخر. “كان ذلك في اليوم الاول من عيد الانوار في 2017 . كان هنالك طفلان رشقوا حجارة على شارع 60. عندها القوا القبض عليهم واخذوهما الى القاعدة. كانا معصوبي الاعين ومقيدان من الامام بقيود بلاستيكية. كان يبدو عليهما انهما قاصران ليس اكثر من 16 ولا اقل من 12. حسب اقواله، عندما اجتمع الجنود لاشعال الشمعة الاولى الاطفال بقوا في الخارج. نحن نصرخ ونعمل ضجة ونستخدم الطبول لان هذا ما يحدث عادة في فصيلنا. هكذا وصف. لقد قدر ان الاطفال لم يعرفوا ا لعبرية ولكن ربما الشتائم التي سمعوها فهموها. نقول شرموطات وكلمات مثلها يمكنهم فهمها بالعربية. من أين لهم ان يعرفوا اننا لا نتحدث عنهم؟ بالتأكيد هم يعتقدون اننا بعد لحظة سنطبخهم. ​
غرفة التحقيق
الكابوس، يقول الاطفال، ليست له فترة زمنية محددة. بعد مرور 3 – 8 ساعات على الاعتقال حيث يكون الطفل قد تعب وجائع واحيانا متألم من الضرب أو مذعور من التهديد الذي وجه اليه، احيانا بدون أن يعرف لماذا هو موجود هناك – يتم ادخاله الى التحقيق. احيانا تكون هذه المرة الاولى التي يتم فيها رفع العصبة عن عينيه، وفك قيوده. بشكل عام هذا يبدأ بسؤال عام مثل “لماذا ترشق الحجارة على الجنود؟”. بعد ذلك يكون التحقيق كثيف اكثر ويتضمن عدد من الاسئلة والتهديدات التي تستهدف توقيعه على اعتراف بالعمل المنسوب اليه. احيانا يتم وعده بأنه اذا اعترف فسيقدمون له الطعام أخيرا.
حسب الشهادات، التهديدات موجهة مباشرة نحو الطفل (ستبقى طول حياتك في السجن)، جزء منها موجه لعائلته (سأحضر أمك الى هنا وأقوم بقتلها أمامك)، أو موجه لمصدر الرزق (اذا لم تعترف سنسحب تصريح عمل والدك في اسرائيل ولن يكون له عمل بسببك والعائلة ستجوع)، احيانا يستخدم ضغط نفسي (صديقك قال لنا إنك رشقت الحجارة وتم اطلاق سراحه. أنت يمكنك التوقيع هنا وأن يطلق سراحك). “هذه الطريقة تعلم أنه توجد هنا نية لاظهار السيطرة اكثر من تطبيق القانون”، قالت بيادسة، “الطفل يعترف – يوجد ملف. اذا لم يعترف – هو على كل الاحوال يكون قد دخل الى دائرة الاجرام وحظي بتخويف جدي، السجن”.
السجن
سواء اعتبر أو وقع الشاب على افادة أم لا، الهدف القادم هو السجن. مجدو أو عوفر. خالد محمود كان عمره 15 سنة عندما وصل الى السجن وطلب منه خلع ملابسه للتفتيش (مثلما في 55 في المئة من الحالات). خلال عشر دقائق طلب منه الوقوف عاريا مع شاب آخر وكان الوقت شتاء.
شهور الاعتقال (والسجن، لمن يصل الى ذلك) يقضيها الشباب في قسم الفتيان في السجون الامنية. مثل البالغين هم يرتدون الزي البني ويأتون الى المحاكمة في المحاكم وهم مكبلي الارجل، “يمنع على المعتقلين والسجناء الامنيين استخدام الهواتف، وهكذا الامر بالنسبة للقاصرين”، اضافت بيادسة، “هم لا يتحدثون مع عائلاتهم طوال شهور ويسمح لهم الزيارة مرة في الشهر من خلف الزجاج”. فتيات فلسطينيات يعتقلن اقل من الشباب، اقل بكثير. ولكن ليس لهن اقسام خاصة ويتم حجزهن في سجن النساء في الشارون مع البالغات.
المحاكمة
النقاشات في المحكمة في مرات كثيرة هي الفرصة الاولى للاهل لرؤية ابنائهم. إن رؤية ابنهم وهو يرتدي ملابس السجين ومقيد بعد عدة ايام من عدم رؤيته وتحوم فوقه غيمة عدم اليقين، تثير عادة البكاء. رجال مصلحة السجون الذين يحرسون الفتى لا يسمحون للاهل من الاقتراب ويأمرونهم بالجلوس على المقعد المخصص للزوار.
في احد تمديدات الاعتقال الاخيرة جلس على مقعد المعتقلين فتى لم يتوقف عن الابتسام لرؤية امه. بعد أن انزل عينيه وربما اخفى دموعه. معتقل آخر همس لجدته التي جاءت لرؤيته “لا تقلقي، قولي للجميع إنني بخير”. من جاء بعده صمت ولم يصغ لأمه وفقط سمع أمه تهمس له “عمري، أنا احبك”. في الوقت الذي يكون فيه الاطفال وابناء العائلة يحاولون تبادل بعض الكلمات والنظرات يجري النقاش (غالبا تمديد الاعتقال) وكأنه عالم موازي.
الصفقة
غالبية ساحقة من محاكمات الاطفال تنتهي بصفقة ادعاء؛ صفقة بالعربية، كلمة دارجة في اوساط الاطفال الفلسطينيين. حتى عندما لا يكون هناك بينات تربط الطفل برشق الحجارة، في مرات كثيرة تكون هذه هي الخيار المفضل. اذا لم يوقع، المحاكمة يمكن أن تجري لفترة طويلة والشاب يعتقل حتى نهاية اجرائها.
​“الادانة مرتبطة تقريبا تماما ببينات الافادة”، قال المحامي جيرارد هورتون من المنظمة البريطانية – الفلسطينية “مراقبة المحاكم العسكرية”، الذي يحقق في قضايا اعتقالات الاطفال الفلسطينيين. “اذا اردت أن يعترف الاطفال، من المهم أن لا يعرفوا حقوقهم، أن يكونوا خائفين، أن لا يكون لديهم أي دعم أو تسهيل الى أن يعترفوا”. حسب اقواله، اذا لم يعترف الطفل يحددون له جلسة والمزيد من الجلسات للمحاكمة. “في مرحلة معينة حتى الطفل العنيد جدا يصاب باليأس”. وشرح “هو معتقل منذ ثلاثة اشهر وعندها يعرض عليه النائب صفقة في اطارها يعترف وتكون العقوبة ثلاثة اشهر، الامر الذي يعني أنه يمكنه الذهاب الى البيت اليوم أو الانتظار للجلسة القادمة التي حددت بعد شهر. ماذا كنت ستختارين؟”.
ذاهبون وعائدون
حسب بيانات “مراقبة المحاكم العسكرية” 97 في المئة من الاطفال الفلسطينيين الذين يعتقلون من قبل الجيش يعيشون في قرى صغيرة نسبيا تقع على بعد لا يزيد عن 2 كم من مستوطنة ما. يوجد لذلك عدة اسباب. احدها هو الاحتكاك المستمر مع المستوطنين والجنود. “ولكن هناك طريقة مهمة اخرى للنظر الى هذا الرقم، حسب رأي ضابط في الجيش الاسرائيلي الذي تولى مهمة أن “لا يصاب” المستوطنون، قال هورتون، حسب اقواله عندما يتم تلقي تقرير عن رشق الحجارة الافتراض هو أن من رشقوها هم شباب اعمارهم 12 – 30 سنة، وانهم جاءوا من القرية الفلسطينية القريبة. ماذا يفعل الضابط؟ يستخدم عميل من القرية، يخبره باسماء بعض الشباب.
​“العملية القادمة لك هي الدخول الى القرية في الليل واعتقالهم”، قال هورتون، “سواء كانوا هم الذين رشقوا الحجارة أم لا – تكون قد أخفت كل القرية. هذه وسيلة ناجعة لادارة السكان. عندما يعتقلون شباب بصورة منهجية كهذه، من الواضح أن يكون هناك ايضا ابرياء. الهدف هو أنه يجب القيام بذلك طوال الوقت لأن الفتيان يكبرون ويأتي ابطال جدد، كل جيل يجب أن يتعلم قوة ذراع الجيش”.
خليل زعاقيق اعتقل في سن الـ 13
الساعة الثانية فجرا سمعت طرقات على الباب، استيقظت وشاهدت كثير من الجنود داخل البيت. طلبوا منا الجلوس على الأريكة في الصالون دون أن نتحرك. والضابط نادى عدي، أخي الاكبر، وقال له أن يرتدي ملابسه وقال له إنه معتقل. هذه هي المرة الثالثة التي يعتقلونه فيها. ايضا والدي كان معتقل ذات يوم. فجأة قالوا لي إن علي أنا ايضا أن البس حذائي وأن اذهب معهم.
​“اخرجونا من البيت وهناك كبلوا ايدينا وغطوا عيوننا. هكذا ذهبنا مشيا على الاقدام حتى الموقع العسكري في كرمي تسور، هناك اجلسونا على الارض وايدينا مكبلة وعيوننا مغطاة حوالي ثلاث ساعات. في الخامسة صباحا نقلونا الى عصيون، في الطريق الى هناك في الجيب قاموا بضربنا وصفعنا. في عصيون ارسلوني كي يفحصني الطبيب. سألني اذا كانوا ضربوني. قلت له نعم. وهو لم يفعل شيء، فقط فحص الضغط وقال إنه يمكن التحقيق معي.
​“في الثامنة صباحا بدأ التحقيق معي. طلبوا مني عد الاطفال الذين رشقوا الحجارة. قلت إنني لا أعرف. عندها صفعني المحقق واستمر التحقيق اربع ساعات وبعد ذلك نقلوني الى غرفة مظلمة مدة عشر دقائق. عندها اعادوني الى غرفة التحقيق. لكن الآن فقط اخذوا بصماتي ونقلوني الى غرفة اعتقال مدة ساعة. بعد ساعة نقلوني أنا وعدي الى سجن عوفر. لم اوقع على افادة، لا على نفسي ولا على الآخرين.
​“تم اطلاق سراحي بعد 9 ايام لأنني لم أتهم بشيء، ووالدي كان عليه دفع ألف شيكل غرامة. أخي الاصغر، 10 سنوات، يخاف جدا منذ ذلك الحين في كل مرة يطرق فيها الباب، ويتبول على نفسه”.
طارق شطاوي اعتقل في سن الـ 14
​“كان هذا في نهاية اسبوع، الساعة الثانية ظهرا. في ذلك اليوم كانت حرارتي مرتفعة، عندها والدي الى ابن عمي في المبنى المجاور لأنه المكان الوحيد في القرية الذي يوجد فيه تكييف. فجأة جاء الجنود. شاهدوني أنظر اليهم من النافذة، عندها اطلقوا النار على بوابة المبنى. الباب وقع وبدأوا يصعدون الى أعلى. اصبت بالفزع، عندها ركضت من الطابق الثاني الى الثالث، ولكنهم اعتقلوني اثناء صعودي واخذوني للخارج. الجنود لم يوافقوا على أن آخذ معي معطفي. رغم أن الطقس كان بارد وكنت مريض. اخذوني مشيا على الاقدام الى مستوطنة كدوميم وأنا مكبل ومعصوب العينين. هناك اجلسوني على كرسي وسمعت ابواب ونوافذ تطرق بقوة، اعتقدت أنهم حاولوا تخويفي.
​“بعد وقت ما نقلوني من كدوميم الى اريئيل وهناك قضيت 5 – 6 ساعات، واتهموني بأنه قبل بضعة ايام قمت برشق الحجارة أنا وصديقي. قلت لهم أنا لم ارشق الحجارة. في المساء نقلوني الى معتقل حوارة، احد الجنود قال لي إنني لن اخرج من هناك في أي يوم. في الصباح نقلوني الى سجن مجدو. في السجن لم يكن ملابس سجناء على قياسي، عندها اعطوني ملابس لاطفال فلسطينيين كانوا هناك وابقوها لمن سيأتي بعدهم. كنت الاصغر في السجن. كانت لي ثلاث جلسات في المحكمة، وبعد 12 يوم، في الجلسة الاخيرة، قالوا لي هذا يكفي. على والدك دفع الف شيكل غرامة وأن يحكم علي بثلاث سنوات مع وقف التنفيذ. القاضي سأل ما الذي أنوي فعله بعد اطلاق سراحي. قلت إنني ساعود الى المدرسة ولن اصعد مرة اخرى الى الطابق الثالث. منذ اعتقالي، اخي الاصغر ابن السابعة يخاف النوم في غرفة الاطفال وانتقل للنوم مع والدي”.
أدهم احسون اعتقل في عيد ميلاده الـ 15
​“في عيد ميلادي الـ 15 ذهبت الى البقالة في وسط القرية لشراء بضعة اشياء للبيت. الساعة السابعة والنصف مساء دخل الجنود الى القرية وبدأ الاطفال برشق الحجارة. في طريقي الى البيت وأنا احمل كيس فيه الاغراض. القوا القبض علي، اخذوني الى مدخل القرية وهناك وضعوني في جيب. واحد الجنود بدأ بضربي. بعد ذلك كبلوني وغطوا وجهي واخذوني الى موقع عسكري في كرنيه شومرون. هناك قضيت ساعة، لم أر أي شيء لكنني شعرت بوجود كلب يقوم بشمي. خفت. من هناك اخذوني الى موقع عسكري آخر وبقيت في الليل. لم يعطوني طعام أو شراب.
​“في الصباح نقلوني الى منشأة تحقيق في اريئيل. المحقق قال لي إن الجنود القوا القبض وأنا ارشق الحجارة. قلت إنني لم ارشق الحجارة، وكنت عائد من البقالة. عندها استدعى الجنود الى الغرفة وقالوا “هو يكذب. لقد شاهدناه وهو يرشق الحجارة”، قلت له أنا حقا لم ارشق الحجارة. عندها هددني بأنه سيعتقل أبي وأمي. ذعرت. سألته، ماذا تريد مني؟ قال: اريدك أن توقع على أن أنك رشقت الحجارة على الجنود. عندها وقعت. طوال هذا الوقت لم التق ولم اتحدث مع محامي.
​“صفقتي كانت أن اعترف وأن يحكم علي خمسة اشهر سجن. بعد ذلك خفضوها الى ثلاثة اشهر بسبب سلوكي الجيد واطلق سراحي بعد ثلاثة شهور ودفع 2000 شيكل غرامة. في السجن حاولت استكمال دراستي التي خسرتها في المدرسة. المعلمون قالوا لي إنهم سيحسبون علامات الفصل الاول من اجل أن لا يضر ذلك بمستقبلي التعليمي من اجل القبول لدراسة الهندسة في الجامعة”.
مؤمن الطيط اعتقل في سن الـ 13
​“الساعة الثالثة فجرا سمعت طرق على الباب، عندها والدي دخل الى غرفتي وقال إن الجنود في الصالون وهم يريدون ان نعطيهم الهويات. القائد قال لوالدي بأنهم سيأخذوني الى التحقيق في عصيون. خارج البيت كبلوني وغطوا عيني ووضعوني في سيارة عسكرية. ذهبنا الى بيت ابن عمي الذي اعتقلوه ايضا. ومن هناك سافرنا الى كرمي تسور وبقينا مكبلين حتى الصباح.
​“في الصباح أخذوا فقط ابن عمي الى التحقيق وأنا لا. بعد التحقيق معه اخذونا الى سجن عوفر. بعد يوم واحد هناك اعادوني الى عصيون وقالوا انهم سيحققون معي الآن. قبل التحقيق ادخلوني الى غرفة وهناك قام جندي بصفعي. بعد أن ضربني في احدى الغرف نقلني الى غرفة التحقيق. المحقق قال إنني مسؤول عن اشعال الاطارات الذي ادى الى احراق الحرش المجاور لبيتي. قلت أنا لم افعل ذلك ووقعت على وثيقة اعطاني اياها المحقق. الوثيقة نفسها مكتوبة بالعبرية ايضا، لكن المحقق قام بملئها بالعربية. واعادوني الى سجن عوفر.
​“كانت لي سبع جلسات في المحكمة. لأنه في الجلسة الاولى قلت بأنني لا انوي الاعتراف. ببساطة لم افهم ما وقعت عليه وأن هذا لم يكن صحيحا. عندها ارسلوني مرة اخرى الى التحقيق، وثانية لم اعترف. وهكذا ثلاث مرات تحقيق. في النهاية المحامي عمل صفقة مع النائب العام بأنه اذا اعترفت في المحكمة – الامر الذي فعلته – وبعدها تدفع عائلتي 4 آلاف شيكل ويطلقون سراحي.
​“أنا طالب جيد، أحب كرة القدم، اللعب والمشاهدة. منذ اعتقالي أنا تقريبا لا أتجول في الخارج”.
خالد محمود الصليبي اعتقل في سن الـ 13
​“اعتقلت عندما كان عمري 14 سنة، اعتقلوا كل الاولاد في العائلة في تلك الليلة. بعد سنة اعتقلوني مرة اخرى أنا وابن عملي وقالوا إنني اشعلت الاطارات. هذا حدث عندما كنت نائما. امي ايقظتني، اعتقدت أن الوقت حان للذهاب الى المدرسة ولكن عندما فتحت عيني شاهدت الجنود فوق سريري وطلبوا مني ارتداء ملابسي وكبلوني واخرجوني للخارج. كنت ارتدي قميص قصير وكان الطقس بارد في تلك الليلة. عندما توسلت امي بأن يسمحوا لي بارتداء معطف لكنهم لم يوافقوا. في النهاية رمت المعطف علي ولكنهم لم يسمحوا لي بادخال يدي في الاكمام.
​“قادوني الى مستوطنة كرمي تسور بعيون معصبة وشعرت أنهم يأخذوني لمجرد انهم يدورون بي. عندما مشيت كانت حفرة في الشارع وقاموا بدفعي الى داخلها فوقعت. من هناك نقلوني الى عصيون. وهناك وضعوني في غرفة وطوال الوقت دخل جنود وركلوني. شخص ما مر قربي وقال اذا لم اعترف فهو سيبقيني في السجن طوال حياتي.
​“في السابعة صباحا قالوا لي ان التحقيق سيبدأ وطلبت الذهاب الى الحمام. عيوني كانت معصوبة واحد الجنود وضع كرسي امامي فوقعت. التحقيق استمر ساعة وقالوا لي إنهم شاهدوني وأنا اشعل الاطارات وهذا يشوش على الطائرات. قلت انني لم افعل ذلك. المحامي التقيت معه فقط بعد الظهر وطلب من الجنود أن يعطونا الطعام. كانت هذه المرة الاولى التي اكلت فيها منذ اعتقالي في الليل. في السابعة مساء نقلوني الى سجن عوفر. هناك قضيت ستة اشهر. في هذه الفترة حضرت اكثر من عشر جلسات في المحكمة وكان هناك تحقيق آخر ايضا. لأنهم قالوا لصديقي في التحقيق انه اذا لم يعترف وأن يقوم بالوشاية علي فسيحضرون امه وسيطلقون النار عليها امامه. عندها اعترف ووشى بي. انا غير غاضب منه، هذا هو اعتقاله الاول. وقد كان خائفا”.
من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي جاء: “القاصرون يحق لهم أن يكونوا ممثلين من قبل محامي، مثل أي متهم آخر، وهم يحق له ادارة الدفاع عنهم بأي طريقة يختارونها. احيانا يختارون الاعتراف بالتهمة في اطار صفقة. ولكن اذا انكروا التهمة تجري محاكمة لسماع البينات مثلما في الاجراءات التي تجري في اسرائيل وفي نهايتها يتم اصدار حكم قضائي على اساس البينات التي قدمت للمحكمة. الجلسات تحدد خلال فترة قصيرة وتجري بنجاعة مع الحرص على حقوق المتهمين.
​“في السنوات الاخيرة هناك قاصرين كثيرين، واحيانا في اعمار صغيرة جدا، متورطين في احداث عنف وتحريض وحتى ارهاب. في حالات كهذه لا مناص من اتخاذ خطوات، بما فيها التحقيق والاعتقال والتقديم للمحاكمة بقيود وحسب الانظمة المحددة في القانون. في هذه العمليات الجيش الاسرائيلي يعمل من خلال حرصه وحفاظه على حقوق القاصرين. في تطبيق القانون مع القاصرين يتم اخذ عمرهم في الحسبان. هكذا وبدء من العام 2014، في الحالات المناسبة، يتم استدعاء القاصرين الى مراكز الشرطة ولا يتم اعتقالهم من بيوتهم. اضافة الى ذلك، قضايا القاصرين تجري في المحاكم العسكرية للشباب، التي تفحص خطورة التهمة المنسوبة للقاصر والخطر الماثل منها من خلال اخذ عمر الفتى بعين الاعتبار وكذلك ظروفه الخاصة. كل ادعاء بشأن عنف من جانب جنود الجيش يتم فحصه. وفي الحالات التي يوجد فيها خلل في سلوك الجنود يتم التعامل معه بشدة”.
ومن الشباك جاء ردا على ذلك “الشباك والجيش الاسرائيلي وشرطة اسرائيل يعملون ضد كل جهة تهدد بالمس بأمن اسرائيل وأمن مواطنيها. التنظيمات الارهابية تستخدم بشكل كبير القاصرين وتجندهم لتنفيذ عمليات ارهابية. وهناك توجه كبير لمشاركة قاصرين في عمليات ارهابية من خلال مبادرات محلية. التحقيق مع المتهمين بالارهاب يتم من قبل الشباك حسب القانون وهو يخضع للاشراف والى رقابة داخلية وخارجية، بما في ذلك المحاكم بكل مستوياتها. التحقيق يجري مع القاصرين بحساسية عالية ومن خلال الاهتمام بعمرهم الصغير”.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف