آفي غباي نجح في أن يجعل نفسه مكروها تقريبا على كل رؤساء الاحزاب. بخصوص موشيه كحلون، هذا مفهوم. غباي يتحدث في كتابه عن الطريقة التي عين فيها كوزير من قبل كحلون. قصة مدهشة. كحلون وعد غباي بأن يعينه وزير. ولكن في مرحلة ما العلاقة كانت فاترة. “كحلون هو شخص تقليدي ومؤمن، وقد عرفت أنه اذا وعدني فهو سيشعر بعدم الراحة اذا لم يف به. اتصلت مع حاخام من أبناء عائلتي وسألته كيف يمكن تحرير شخص مؤمن من نذر نذره لي. أخبرني أنه يجب علي القول له بأنني حصلت على ما وعدني به. وهذا سيحرره من النذر وكأنه أوفى به”.
هكذا، كحلون لم يقتنع من الحاخام وبعدم رضى بارز عين غباي وزيرا. انسحاب غباي بعد ذلك من الحكومة ومن الحزب اعتبر من ناحية كحلون أم كل الخيانات.
ولكن ماذا بالنسبة لباقي رؤساء الاحزاب؟ الخصومة الشديدة مع افيغدور ليبرمان الذي دخوله الى الحكومة أدى الى استقالة غباي، فقط يسجل لصالح غباي. ايضا النزاع الشديد مع تسيبي لفني يمكن تفهمه الى حد ما. ولكن كيف حدث أن غباي وتمار زندبرغ اصبحا متخاصمان الى هذه الدرجة؟ وكيف نجح غباي في أن يتخاصم بهذه الدرجة مع يئير لبيد؟.
لبيد وجد صعوبة في أن يغفر لغباي على الذين يشتمون في الانترنت، الذين استأجرهم بهدف مهاجمته. خاصة غضب من التعليق الكاذب الذي اتهمه بأنه تلاعب بخصوص تاريخ وفاة شقيقته.
بشكل عام، كرئيس لحزب العمل، عمل غباي تقريبا كل الاخطاء الممكنة. من خطاب الفوز الطويل ومرورا بتبديد الوقت والطاقة والمال السياسي على تغييرات في قانون حزب العمل (بهدف تمكينه من أن يحدد هوية الوزراء للحزب) وانتهاء بالمشاركة في احتفالات عديمة الجدوى، التي عدد منها تسبب بالضرر. ولكن العبرة السياسية الهامة للانتخابات هي الى أي درجة كان القناع زائد. المحاولة البائسة لغباي في أن يتقنع بقناع يميني لم تساعده. لبيد عمل اربع سنوات على قناع لسياسي من الوسط – يمين، أهان “نحطم الصمت” ودعا الى ضم هضبة الجولان وأكثر من مرة طوق بنيامين نتنياهو من اليمين. وفي لحظة الحقيقة نتنياهو تعامل معه على اعتبار أنه يساري وعبء انتخابي.
حتى لو أن لبيد وغباي لم يتقنعا، النتائج لم تكن ستكون مختلفة كثيرا. دخول بني غانتس الى الساحة كان سيبقي لهما غبار في كل الاحوال. صحيح أن غانتس ايضا متقنع، لكن لرئيس الاركان السابق هذا يفيده بشكل افضل؛ ماذا ايضا، أنه ضم الى الحزب يمين حقيقي. غانتس في الحقيقة نجح في أن يستخرج الحد الاقصى من معسكره السياسي. من يقارن نتائج الانتخابات الحالية بنتائج انتخابات 2015 يرى أن اليسار الصهيوني (يوجد مستقبل مع المعسكر الصهيوني وميرتس مقابل ازرق ابيض والعمل وميرتس) زاد من 40 مقعدا الى 45 مقعدا. ولكن انجاز غانتس أكبر من ذلك: فقط في تشرين الاول 2018 تحدثت الاستطلاعات عن 32 – 36 مقعد لنفس المعسكر. اورلي ليفي ابكاسيس كانت في الحقيقة لديها في حينه 6 مقاعد، التي معظمها تعود لمعسكر الوسط – يسار. ومع ذلك أن يزيد معسكره من 34 مقعد تقريبا الى 45 مقعد في خمسة اشهر، هذا انجاز دراماتيكي.
بالتحديد لأن الانجاز الدراماتيكي يجب أن نستنتج منه العبرة السياسية الصحيحة. لا يمكن الذهاب أبعد نحو اليمين اكثر مما ذهب غانتس. وهذا ما زال بعيدا عن أن يكون مرضيا. الطريق العملية الوحيدة كما يبدو للوسط – يسار من اجل تغيير السلطة هي رفع نسبة التصويت في الوسط العربي الى نسبة التصويت العامة وجلب 5 مقاعد عربية الى الاحزاب التي يمكنها أن تشكل حكومة وسط – يسار. لقد حان الوقت للتوقف عن استثمار طاقة في الـ 4 – 5 مقاعد لـ “اليمين اللين”، كما يبدو، هذا اذا كانت موجودة اصلا. ويجب استثمار الطاقة في 5 – 7 مقاعد اخرى للوسط العربي، الامر الذي يعني تغيير شامل في الطريقة التي يتبعها زعماء الوسط – يسار.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف