مع انها لا تزال في مراحل الانشاء، فان من شأن حكومة بنيامين نتنياهو الخامسة ان تكون اكثرها هدما. فبينما يقف وظهره الى الحائط، بانتظار القرار النهائي للمستشار القانوني للحكومة في موضوع تقديمه للمحاكمة بمخالفات الرشوة، الغش وخرق الثقة – يعمل رئيس الوزراء، في اطار المفاوضات الائتلافية بين الليكود وكتلة اتحاد اليمين، على خطوة تشريعية بعيدة الاثر، احدى غاياتها هي منح حصانة لنفسه ضد تقديمه الى المحاكمة.
ان غاية مبادرة التشريع الجديد تخرج جدا عن تقليص قدرة استيضاح تهمة السياسيين المشبوهين بالفساد بشكل عام، وتنظيم افق فرار من القانون للمتهم من بلفور بشكل محدد. لا يدور الحديث فقط عن تغيير قانون الحصانة في ظل اعادته الى حالته قبل 2005 بحيث يستوجب رفع حصانة النائب، الذي يطلب المستشار القانوني للحكومة تقديمه الى المحاكمة قرارا فاعلا من النواب؛ بل يدور الحديث عن تخريب لقدس اقداس سلطة القانون في اسرائيل – القانون الاساس: القضاء. وبموجب التغيير المخطط له، لن تكون لمحكمة العدل العليا صلاحيات للبحث بدستورية القرارات التي تتخذ في الكنيست، سواء في مجال التشريع أم في مجالات اخرى تتخذ فيها الكنيست القرارات – مثل رفع حصانة النائب. لن تكون لمحكمة العدل العليا الصلاحيات بالبحث في دستورية القرارات التي يتخذها الوزراء، اللجان الوزارية والحكومة. كما ستلغى امكانية رفع “التماسات جماهيرية” في الحالات التي لا يكون فيها مواطن معين تضر بالقرارات السلطوية، بل تضر بالجمهور باسره.
ان تشريع مثل هذا القانون سيخصي عمليا محكمة العدل العليا وينزع منها قدرتها في الحفاظ على المباديء الاساس لسلطة القانون، مباديء حقوق الانسان الاساسية، وعمليا اسس النظام الديمقراطي. فمثلا، اذا قررت الكنيست ان تسن باغلبية 61 نائبا قانونيا تجرى فيه الانتخابات كل ثماني سنوات، لن تكون أي جهة يمكنها أن توقف الاغلبية الحاكمة من تحقيق امانيها في الحكم الاستبدادي، عديم المؤشرات الديمقراطية. كل وزير يمكنه أن يحمي قرار الموظف في مكتبه و “تحصينه” من كل رقابة قضائية. وستكون النتيجة قرارات ضارة، كاسحة، بل وغير دستورية تكون محكمة العدل العليا غير قادرة على ان تهرع للنجدة مع ايديها المكبلة.
ان الديمقراطية الاسرائيلية التي ليس فيها دستور ويمكن للائتلاف فيها أن يغير القوانين الاساس بتشريع عاجل، بحاجة الى محكمة عدل عليا كي تحافظ على التوازنا والكوابح بحدها الادنى وتمنع الحكم من أن يصبح كلي القدرة. أما خصيها بموجب مبادرة نتنياهو وسموتريتش فسيشكل نهاية اسرائيل الديمقراطية. ان من واجب كل محبي الديمقراطية الاسرائيلية – في المعارضة وفي الائتلاف على حد سواء، في الساحة السياسية وفي الساحة العامة – العمل على احباط مبادرة التشريع هذه.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف