هآرتس – بقلم اوريت كمير – 10/7/2019
لا يوجد أمر عزيز أكثر على قلوب حكومات اليمين ووزراء العدل فيها من اعادة المجد السابق والشرب من مياه الشريعة اليهودية. ولكن كل شيء يتغير عندما يتعلق الامر بضم اراضي فلسطينية خاصة الى المستوطنات في الاراضي المحتلة. من اجل هذا الهدف، المحظور حسب القانون الدولي والمكروه حسب كل رؤية انسانية، يوافق اليمين على أن تقوم المحكمة ووزارة العدل بقلب القانون العبري رأسا على عقب والتشهير به.
ماذا هو معنى هذا الامر؟ المحكمة المركزية في القدس وافقت في شهر أيار على خط العمل الجديد الذي حددته لها وزارة العدل. وحسب هذا الخط، المستوطنون الذين قاموا بشراء اراضي فلسطينية خاصة، والتي بيعت لهم من قبل سلطات الدولة وكأنها تعود للدولة، يمكنهم أن يصبحوا أصحابها. الوزارة تستند الى “اجراء السوق“، الذي هو نتاج قانوني اسرائيلي يتفاخر باستناده للقانون العبري. في الوقت الحالي تم انفاد “اجراء السوق” على اراضي توجد خارج دولة اسرائيل وخارج سريان قوانينها.
القضاء العبري القديم يدافع عن الشخص الذي اشترى بحسن نية ممتلكات من شخص قام بسلبها من اصحابها الشرعيين. مقاربة القضاء العبري هي حق المالك في العقار هو الاهم. ولكن يجب الاهتمام ايضا بالمشتري حسب النية. الاهتمام ينبع من أنه اذا تم الزام الشخص الذي اشترى ممتلكات بحسن نية باعادتها الى اصحابها ولم يتم تعويضه، فان الناس سيخافون من أن يشتروا من بعضهم ممتلكات، والأداء السليم للسوق سيتضرر. يجب الاهتمام بالسوق، لذلك تم تشريع “اجراء السوق”.
القاعدة العبرية القديمة نصت على أن الممتلكات تعاد الى صاحبها القانوني الاصلي، الذي يقوم بالدفع للمشتري حسب النية ما دفعه للسالب. احد استثناءات هذا الاتفاق هو اذا كان المشتري بحسن النية قد اشترى الممتلكات محل البحث من “سالب مشهور”، أي من هو معروف بأنه شخص يتاجر بممتلكات ليست له، فلن يكون له الحق بأي دفعات من المالك القانوني.
حسب منطق “اجراء السوق” فان حق المالك الفلسطيني الاصلي على ارضه هو الاهم. لذلك فان المشتري (المستوطن) ملزم بأن يعيد له الارض. اذا كان المشتري (المستوطن) حسن النية في الوقت الذي اشترى فيه الارض واعتقد أنها تعود لمن باعها له (الدولة)، فان المالك الاصلي ستعاد له ارضه، ويعوض المشتري. ولكن اذا اشتري المشتري الارض من “سارق مشهور”، أي ممن يتاجر باراضي معروف أنها ليست له، يتم الزامه باعادة الارض ولا يستحق التعويض، ببساطة.
كيف يستخدمون “اجراء السوق” في القضاء العبري من اجل التوصل الى نتائج معاكسة وشرعنة ضم اراضي فلسطينية خاصة للمستوطنات. المادة 10 من قانون الاراضي الاسرائيلي تبنت كما يبدو “اجراء السوق”، لكنها فعليا انحرفت عنها. هو ينص على أن “من اشترى حق على اراضي منظمة بمقابل وبالاستناد بحسن نية على التسجيل” يصبح مالك الارض. وحقه هذا يتفوق على حق المالك الاصلي: هو لن يضطر الى اعادة الارض التي اشتراها بحسن نية.
القانون الاسرائيلي ملأ تعبير الزبون في القضاء العبري القديم، “اجراء السوق”، بمضامين جديدة ومستقلة، تناسب نظام قانوني جديد يرغب في اظهار التزام رمزي بالارث القانوني القديم. مع ذلك، من اجل تقليص سريان القاعدة التي تفضل المشتري حسن النية على المالك، المادة 10 توضح أن الامر يتعلق فقط بوضع فيه المشتري اشترى حق “على اراضي تمت تسويتها”، أي ممتلكات مسجلة بشكل قانوني في الطابو. القاعدة تطبق بحذر وبصورة مقلصة.
ولكن لأن القانون الاسرائيلي لا يسري على المستوطنات والاراضي فيها “غير منظمة”، كما يقتضي قانون الاراضي، فانهم يبثون روح الحياة في المادة 5 من الامر بشأن الاملاك الحكومية (يهودا والسامرة، رقم 59 من العام 1967). المادة 5 يمكن تفسيرها بأنها تعطي افضلية للمشتري (المستوطن) على المالك الاصلي (الفلسطيني)، ليس فقط بخصوص “اراضي منظمة”، مثلما في اسرائيل، بل على أي ممتلكات اعتبرها المسؤول عند اجراء الصفقة بأنها أملاك حكومية. أي يخلقون “اجراء سوق” يقلب مباديء القانون العبري رأسا على عقب.
هذا هو التفسير الذي هندسته وتبنته وزارة العدل والمحكمة المركزية من اجل شرعنة سرقة الاراضي الخاصة الفلسطينية في المناطق المحتلة. اليمين والايديولوجيون فيه يغفرون المس بالقانون العبري لأن خصيه يخدم حسب رأيهم هدف أسمى. وإلا سيضطرون الى تفعيل قانون التسوية، الذي يسرق ويضم بصورة واضحة وعلى رؤوس الاشهاد. والعالم يمكنه أن ينتبه لذلك ويغضب. لا يوجد قانون عبري ولا بطيخ: الهدف يبرر كل الوسائل.
من المثير للاهتمام حول نفس الموضوع، أنه في السبعينيات لم يكن أمر مكروه على اليمين أكثر من برك السباحة في الكيبوتسات، التي كانت مغلقة امام سكان البلدات المجاورة، ولا سيما امام سكان بلدات التطوير. برك السباحة للاشكناز، أبناء “النخبة القديمة”، تحولت الى رمز للانفصال والتعالي والعنصرية ضد الاسرائيليين الشرقيين. مناحيم بيغن عرف كيف يؤجج المشاعر حول هذه الكراهية وأن يعصر منها الاصوات التي رفعته الى السلطة.
آفي الكبيتس، الذي بالتأكيد اصيب بالاشمئزاز من برك السباحة المغلقة لابناء الكيبوتسات لم يرتدع عن أن يعد سكان مدينته العفولة بأنه اذا تم انتخابه لرئاسة البلدية فسيقوم باغلاق المتنزه البلدي في وجه العرب في البلدات المجاورة. الآن سوية مع مجلس البلدية هو يطبق وعده العنصري ويقوم باقصاء العرب عن المتنزه البلدي. الكبيتس يتصرف خلافا للقانون، وخلافا لقيم المساواة واحترام الانسان، وخلافا للاشمئزاز العلني من العنصرية عندما ينظر اليها على أنها موجهة من الاشكناز ضد الشرقيين. ولكن العملية التي اتخذها تتناسب مع الرغبة الانفصالية لعدد من سكان العفولة الذين لا يريدون الاستجمام في المتنزه بوجود مواطنين اسرائيليين عرب.
ما هي الصلة بين الامرين؟ على المستوى الاول، هما يدلان على أن الاستعداد المتزايد لاسرائيليين يهود للمس بالسكان العرب سواء داخل الخط الاخضر أو في المناطق المحتلة. ويكفي الضريبة الكلامية من اجل التغطية على المس “المادة 5 من الامر بشأن الاملاك الحكومية تنص على اجراء سوق يشرع الصفقات”؛ “متنزه بلدي استهدف بطبيعته سكان المدينة فقط”. على المستوى الثاني، هما يدلان على ابتعاد الاخلاق العالمية، الذي لا يميز بين البشر ويلزم، كما يقول عمانوئيل كان، بفحص كل سلوك لي أنا نفسي على ضوء مسألة كيف اشعر لو أن كل البشر تبنوه واستخدموه ضدي. في المستوى الثالث، هما يدلان على ادارة الظهر للأمر الاخلاقي الرئيسي الذي عليه كما هو معروف أسس هيلل العجوز الثقافة اليهودية: ما تركهه لنفسك لا تفعله لصديقك.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف