معاريف
- منذ سنين تنتهي كل زيارة لرئيس الوزراء الى قاعدة لسلاح الجو بتصريح مهدد تجاه ايران، مع وعد بان طائراتنا (التي توجد بالطبع في خلفية الصورة) “يمكنها ان تصل الى كل مكان”. بعد ذلك يذهبون لتناول وجبة الغداء مع قائد سلاح الجو وقادة الاسراب. نتنياهو لم يخترع هذا ولكنه رفعه الى مستويات عالية. جاء تهديد نتنياهو هذا الاسبوع بالذات في اسبوع ظهر فيه ان الرئيس الامريكي، على ما يبدو بتأثير من مستشاره للأمن القومي جون بولتون “ينضج” ويصبح أكثر عقلانية، حتى بعد اسقاط الطائرة المسيرة واعلان ايران بانها تجاوزت المستوى في تخصيب اليورانيوم – قرر (حاليا) الا يهاجم عسكريا، بل أن يشدد ويوثق العقوبات. هو محق ايضا في الجانب الدولي وبالقدرة على تجنيد ائتلاف واسع، وكذا في الجانب الاقتصادي وفي جانب الخطر في أن يستقبل
مثل هذا الهجوم في ظل انعدام التوافق الواسع في الجمهور الامريكي وربما ايضا في مجلسي النواب.

ايران ليست المشكلة الحصرية لاسرائيل. الولايات المتحدة قلقة منها ليس فقط بسببنا، بل بسبب المصالح الامريكية. مصر والسعودية هما ايضا قلقتان وكذا بعض دول اوروبا ايضا. وتوجه نتنياهو هذا الاسبوع الى قادة الدول الاوروبية للالتزام بتعهداتها بفرض العقوبات على ايران مبرر بحد ذاته، ولكن رئيس الوزراء يفوت الفرصة قليلا حين يضع اسرائيل علنا المرة تلو الاخرى في المقدمة ضد ايران. يجدر بمهامة الاولياء ان يقوم بها الاخرون وان تساعد اسرائيل بهدوء وتبقي في ايديها على كل الخيارات.

في العالم وفي الشرق الاوسط ايضا يعرفون جيدا بان دولة واحدة في العالم فقط نجحت في تصفية مفاعلين ذريين، واذا اضطررنا فسيكون بوسعنا ان نفعل ذلك مرة اخرى “صحيح، هذا اكثر تعقيدا، اكثر تركيبا، اكثر بعدا واكثر عمقا). إذن يجب التوقف عن التهديد العلني بطائراتنا “التي تصل الى كل مكان” وان نبدأ في أن نشرح للشعب الايراني كم يخسر ولماذا، من هناك على ما يبدو سيأتي الحل.

2- لا أدري اذا كان أزرق أبيض سينجح في تكرار النجاح الكبير المتمثل بـ 35 مقعدا، ولكنه سيكون في كل الاحوال الحزب الاكبر امام الليكود، وهو يعرض بني غانتس كبديل عن نتنياهو.

غانتس، الذي سيقود الحملة، جمع فريقا جديدا ومهنيا في معظمه، سيكون بالتأكيد اكثر تركيزا ولكن في القيادة قرروا مواصلة الحفاظ على لغة نقية ورسمية وعدم الانجرار الى معركة البيبيين التي تجري بين نتنياهو وابنه يئير وبين ايهود باراك. هم محقون. معظم الجمهور لا يحب هذه اللغة، وهذه الضحالة وهذا العنف اللفظي.

هذا لا يعني أن على رؤساء ازرق ابيض الا يستيقظوا من السبات الشتوي وان يهجموا على الناخب بحملة وثيقة، رسائل واضحة، حكومة ظلال وخطط عمل.

يخيل لي أن قدرة أزرق ابيض على تكرار النجاح وربما توسيعه يكمن في قدرة قادة الحزب على أن يجروا حوارا صادقا، حقيقيا وفي مستوى العينين مع عرب اسرائيل. اذ حان الوقت. السكان العرب يشكلون 20 في المئة من مواطني اسرائيل. القسم الكبير منهم، ولا سيما الشباب، تواقون للاندماج في الدولة وللشراكة الحقيقية. ويمكن لازرق ابيض ان يكون المنصة الصحيحة. في الانتخابات الاخيرة اراد غانتس ولبيد ولكنهما خافا. خافا من نتنياهو وتغريدات مقربيه ضد “التعاون” مع “العرب”. اما الان فتوجد لهم فرصة ثانية لخوض الحوار، لبناء شراكة وعرض خطط كل شاب عربي يمكنه أن يتماثل معها وان يندمج. ليس فقط من أجل الحصول على الاصوات – بل من اجل البناء اخيرا بشراكة ومستقبل واحد وللبحث عن الموعد، المشترك والباعث على التحدي، وليس على المفرق.

عرب اسرائيل لن ينشدوا ابدا “نفس يهودية هائمة”، ولكن مؤخرا فقط فهمنا بان نتنياهو كان مستعدا لان يعقد “صفقة” مع العرب كي يعين مراقب دولة، ولعله كان مستعدا لان يعطي عودة حقيبة الداخلية مقابل تأجيل الانتخابات. اذن لا تخافوا، سافروا الى المدن والى القرى، التقوا الناس، اسمعوا واسمعوا وابنوا الثقة. عمير بيرتس يفهم هذا على نحو ممتاز بل وسيفعل هذا ايضا. معا، ازرق ابيض، العمل وعرب اسرائيل يمكنهم ان يبنوا جسرا، وان يضمنوا مستقبلا آخر وان يصنعوا التاريخ.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف