الى كل الساهرين في انتظار هذا الفجــر الجديد من شباط، انتظاراً صار جزءاً من ملحمة النضال والتاريخ. فقد كان ينبوع أمــل لكل الحالمين بالعودة الى الوطن، للعذارى وهن ينتظرن العريس على حصانه الأبيض، للأمهات العائدات من بيادر القمح بعد يوم قائظ في صيف حار.. وما زال الأمل أن تسير حياتهن وفق نواميس الطبيعة التي لا تعرف الظلم والاستغلال.. تفتحت عيوننا، وصرنا شباباً، ونحن نتطلع الى اشراقة جديدة فجاء فجر الثاني والعشرين من شباط، وخرج البواسل يحملون بنادقهم بيد، وآخرى تعزف للوطن، وتحوّل أغاني العشق للمحبوبة الى عشق لهذا الوطن، «وهم يهتفون راية اليسار يا راية الحرية، من غار لغار جبهة ديمقراطية»، وهم يتطلعون الى معشوقتهم فلسطين..
... في هذا اليوم الذي ظلّ يكبر ويكبر حتى امتدّ الى خمسة وأربعين عاما، ما وهنوا ولا ضعفت ارادتهم وعزيمتهم في أن النصر آت آت لا محالة.. كان القائد يمدهم بكل معاني الأمــل، ويبعث فيهم صحوة الروح، كان كبيراً في حبه للوطن، للشباب ولأطفالنا، ولكل صور الفداء والتضحية، القائد نايف حواتمـــة...
في هذه الذكرى، وفي كل مناسباتنا نظلّ نتمسك بفلسطين , وقد التصقنا بها نحن أبناء المنافي والشتات، تلمّسنا طريقها على خارطة القلب والذاكرة والأمــل، وكان علينا ان نعيد التاريخ لأولادنا وأحفادنا، ونحفر أخاديد الذاكرة بأن فلسطين وطن الفلسطينيين، كل فلسطين غير منقوصة، بل خارطة من ذهب يعلقها الجميع على صدورهم غير منقوصة، وتحفظ في القلوب.. وتظل أحرفها منقوشة الى الأبد في ذاكرتنا.. الطريق ما زال طويلاً والمؤامـرة كبيرة ضد شعبنا وثورتنا، وما زال الانقسام ينخـر في داخلنا كالسوس، والخروج من هذا النفق الضيق علينا باستعادة وحدتنا والالتفاف حول منظمة التحرير، واحياء مؤسساتها بعيداً عن الهيمنة والتفــرد والمصالح الحزبيـة والمنافع الشخصية.. فالوحدة الوطنية هي الالتقاء على برنامج سياسي وكفاحي واحد، وممارسة كل أشكال النضال بما فيه الكفاح المسلح، وذلك لوقف المؤامـرة، ووقف الاستيطان ونهب الأرض، والتصدي لكل مشاريع أمريكا والصهيونية في فلسطين والمنطقة العربية..
... ذكــرى تـتجدّد كل سنة، وما زلنا على العهد نستذكر العبر والدروس، أين أصبنا ؟ وأين أخطأنا كيف نـنطلق لنرسم طرق نضال جديدة في زمن الردّة والانتهازية من موقع الى موقع، ولكن هناك من الذين لم يبدلوا تبديلاً، لم تؤثّر فيهم بهارج الحياة وزخارفها وظلوا رابضين في خنادق الثورة بالأمس واليوم وغداً حتى يتحقّق النصــر، وترتفع كل الرايات على مآذن وكنائس القدس وعلى كل شبر من فلسطين..
وعندما يطلّ علينا فجر الثاني والعشرين من شباط تغرد الطيور في جميع أرجاء الوطن وتستمر الحياة، وتستعيد سهراتنا على البيادر، ونغني للمحبوبة و«الميجنا والعتابا»، و«ظريف الطول وقف تقولك. يا رايح ع الغربة بلادك أحسن لك».
ويكبر الصغار مع كل فجر جديد من شباط، ونكون قد بعثنا النموذج الأفضل لحياة شعبنا الذي قاسى ويلات التشرد والعذاب، وتحمّل ككل ظلم من ذوي القربى وغيرهم.. أسجّل في هذه الذكرى تجربة عشتها منذ انطلاقة الفجــر الأول إلى اليوم، تجربة مليئة بالصور الانسانية، وحركة الجبهة لا تتوقف، تقدم الجديد والواقعي عند كل محطة نضال، بينما يتقاعس الكثيرون عن طرح آرائهم، والسفينة في عباب البحر، ورغم كل المصاعب والأهوال كان الرفاق يسطرون انتصاراتهم، يأخذون العبر والدروس يلتفون حول القائـــد الكبير أبي النوف، ونوجّه تهانينا له ولكل الرفاق في هذه الذكرى.
... نوجّه تحياتنا ووقوفنا للقابعين في سجون الاحتلال يقارعون ظلم الاحتلال وغطرسته، ونوجه كذلك التحية لشعبنا في فلسطين المحتلة، ومخيم اليرموك الذي يتعرض لمـؤامرة كبيرة تستهدف القضية الفلسطينية، وشطب نضال شعبنا عبر مراحل التاريخ القديم والحديث.. اسمحوا لي أيها الرفاق، وأنا أسجّل كلمات عشق وحب مع أن قلبي حزين في هذه الغربة التي طالت بعيداً عن فلسطين، ولكن صورها ما زالت تتراءى في ذاكرتي..
الجـــزائــر في / 01/03/2014

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف