لم يطرح ترامب بعد برنامجاً انتخابياً محدّداً يتضمن رؤيته لولاية ثانية له، مكتفياً بشعار «القانون والنظام»، ومتوعداً باعتماد «خط حازم ضد تزايد العنف»!

مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، تتزايد المؤشرات حول احتمال تلقي الرئيس دونالد ترامب هزيمة أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن، في ضوء استطلاعات الرأي التي تعطي أفضلية لبايدن الذي يتقدم منذ أكثر من ستة أسابيع بفارق يتراوح بين 8 و10 نقاط مئوية، إضافة إلى ارتفاع أعداد المتبرّعين له. علماً أن الرئيس كان مطمئناً قبل أشهر قليلة لإعادة انتخابه، غير أن تدهور الأوضاع الاقتصادية، وسوء تعامل إدارته مع فيروس كورونا، ولجوئه إلى قمع التظاهرات ضد العنصرية، التي اتخذت منحى عنيفاً في الأيام الأخيرة، أضعفت حظوظه.

ووفق تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، حصل بايدن على تبرّعات من 1,6 مليون شخص في مقابل 1,2 مليون لترامب، وذلك في الأشهر الثلاثة الأخيرة. وتقدّم بايدن في التبرّعات في 26 ولاية، من بينها بنسلفانيا وكارولاينا الشمالية، أما ترامب فحصل على تبرّعات أكثر في 24 ولاية، منها فلوريدا وأريزونا. كما تصدّر بايدن لوائح متبرّعي السواحل الشرقية والغربية للبلاد، فيما نال ترامب دعم متبرّعين من المناطق الريفية.

وحسب هذه المعطيات، بات ترامب في وضع صعب حالياً ويواجه خطر الهزيمة فعلاً، إلا إذا استطاع تحقيق مفاجآت تعكس التوجه الحالي للناخبين خلال الأشهر المتبقية، في وقت تُوجّه إليه انتقادات شديدة حتى من داخل معسكره الجمهوري، لتعاطيه الفوضوي مع أزمة تفشي وباء كورونا. وأظهر استطلاع أخير للرأي، أنّ ثلثي الأميركيين يعارضون أسلوب تعاطيه مع الفيروس الجديد، الذي يعتبر هؤلاء أنه أدى إلى استفحال الوباء، ووصوله إلى نقطة التحكّم بالسياسات والأجندات، فضلاً عما يثيره من مخاوف ورعب.

أما الرئيس ترامب فإنه «يُشدّد على صوابية تعامله مع الجائحة»، على رغم جنون الأرقام التي تقترب من 4 ملايين إصابة، وأكثر من 140 ألف وفاة، في ما الوضع الاقتصادي يزداد تفاقماً. ويرى مراقبون أنه يجد نفسه في مأزق مزدوج؛ فإن أقرّ بالخطأ والتقصير لترتب عليه دفع فاتورة ذلك انتخابياً، وإن استمر في المكابرة، لترتب عليه دفع ثمن الإصرار على الغلط وتحمّل تبعاته أيضاً!.

وتتحدث بعض المصادر عن أنّ بعض الجمهوريين شرعوا بالابتعاد عن الرئيس، (وكأن سفينته قد بدأت بالغرق)، في ضوء «هبوط رصيده» وخشيتهم من انعكاس ذلك على أوضاعهم الانتخابية. وتصاعدت الخشية مؤخراً من تزايد نسبة الجرائم والعنف، وخاصة في بعض المدن الكبرى بنتيجة ارتفاع البطالة وانتهاء مفعول مخصصات الدعم والتحفيز، في وقت يسود فيه الاعتقاد بأن التعافي الاقتصادي ما زال بعيداً.

برنامج انتخابي ضبابي

كما أنّ ترامب لم يطرح بعد برنامجاً انتخابياً محدّداً يتضمن رؤيته لولاية ثانية له. مكتفياً بالتمسك بشعار «القانون والنظام»، ومتوعداً باعتماد «خط حازم ضد تزايد العنف» في العديد من المدن الأميركية الكبرى. ويتهمه منتقدوه بتحويل الأنظار عن إخفاقاته، مُذكّرين بأنه لعب الورقة نفسها مع كلّ استحقاق انتخابي.

وإلى ذلك، تُضاف تساؤلات أخرى حول سير الانتخابات، فترامب يردّد منذ أسابيع عدة أنّ التصويت عبر البريد، الذي سيتخذ حجماً كبيراً هذه السنة وسط تفشي فيروس كورونا، قد يؤدي إلى عمليات تزوير واسعة النطاق، ولكن من دون أن يقدّم أي دليل على مزاعمه!.

لكن، وعلى رغم المعطيات السابقة، فإنّ كثيرين ما زالوا يعتقدون أنّ الأمور لم تحسم بعد. وأنه يمكن لأيّ حدث أن يقلب التوقعات الانتخابية؛ مثل هفوة كبيرة يرتكبها بايدن؟ أو الإعلان عن لقاح ضد فيروس كورونا الجديد يوظفه ويستثمره ترامب لصالحه؟ أو واحدة من مفاجآت أكتوبر/ تشرين الأول، كما يحصل عادة في الشهر الأخير قبل الانتخابات؟!.


«الديمقراطيون» يتعهدون التخلي عن «إرث ترامب» في الشرق الأوسط!

رسم الحزب الديمقراطي الأميركي سياسته الخارجية تجاه الشرق الأوسط لانتخابات عام 2020 على أساس التخلي الكامل عن إرث وسياسات الرئيس ترامب، محدّداً لسياسته مبدأين اثنين: الانسحاب العسكري الأميركي، وإعادة النقاش والحوار بشأن الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحبت منه إدارة ترامب.

مسودة برنامج الديمقراطيين للسياسة الخارجية، (التي تُعدّ بمثابة «خارطة طريق» لما سترتكز عليه سياسة البيت الأبيض إذا فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن)، لا زالت حتى الآن قيد التعديل والتغيير، حتى يتم طرحها للتصويت في نهاية آب/ أغسطس، في المؤتمر العام للحزب قبل بداية الانتخابات الأميركية.

وعلى نحو مخالف لسياسة الإدارة الحالية القائمة على ممارسة سياسة الضغوط القصوى والعقوبات المفروضة على النظام الإيراني، ورد في المسوّدة «الديمقراطية»: «سوف يلغي الديمقراطيون سياسة إدارة ترامب للحرب مع إيران، ويعطون الأولوية للدبلوماسية النووية، وخفض التصعيد، والحوار الإقليمي. كما نعتقد نحن الديمقراطيين أنّ الولايات المتحدة يجب ألا تفرض تغيير النظام على دول أخرى..».

كما ترى الوثيقة أنه كان من الخطأ أن ينسحب ترامب من الاتفاق النووي المبرم مع إيراني، معربة عن اعتقادها أن الرئيس ترامب، بسلوكه هذا، «عزل واشنطن عن حلفائها الأوروبيين، وفتح الباب أمام إيران لاستئناف مسيرتها نحو الحصول على أسلحة نووية».

وتؤكد الوثيقة أنه حان الوقت لقلب صفحة عقدين من الزمان على «الانتشار العسكري الواسع النطاق والحروب المفتوحة في الشرق الأوسط»، وهذا لا يعني أن الولايات المتحدة ستتخلى عن منطقة لا يزال لديها فيها شركاء ومصالح دائمة؛ لكنه حان الوقت، كما تضيف الوثيقة، لـ«إعادة موازنة أدواتها ومشاركتها، وعلاقاتها في الشرق الأوسط، بعيداً عن التدخل العسكري»، وستنتج عن ذلك «دبلوماسية براغماتية»، تسعى إلى إرساء الأساس لمنطقة أكثر سلاماً، واستقراراً، وحرية.

وفيما يختص بالعلاقة بدول مجلس التعاون الخليجي، أشارت الوثيقة إلى دعم ما سمّته «التحديث السياسي» لدى شركاء الولايات المتحدة الخليجيين، إضافة إلى التحديث الاقتصادي، وتشجيع الجهود المبذولة للحد من التوترات الإقليمية، ولكن لم تشرح ما هو المقصود بالتحديث السياسي المشار إليه!.

وعلقت على تعامل الإدارة الأميركية الحالية مع دول الشرق الأوسط بـ«عصر الشيكات الفارغة»، أو الانغماس في الاندفاعات الاستبدادية والخصومات الداخلية، وإنهاء حروب الوكالة، والجهود الرامية إلى دحر الانفتاحات السياسية عبر المنطقة، معتبرة أن «العلاقات الفعالة مع دول الخليج، ستساعدها على إعادة ربط العراق بجيرانه، وحماية استقرار البلاد وأمنه وسيادته».

أما فيما يختص بالجانب الإسرائيلي، فيعتقد الديمقراطيون أن «وجود إسرائيل قوية وآمنة وديمقراطية هو أمر حيوي لمصالح الولايات المتحدة»، مؤكدين التزامهم بما أسموه «أمن إسرائيل، ووحدتها العسكرية، وحقها في الدفاع عن نفسها».

وأضافت الوثيقة: «فيما يخصّ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، سنعمل على المساعدة في إنهاء الصراع الذي جلب كثيراً من الآلام، ودعم حل الدولتين المتفاوض عليه، والذي يضمن مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية ذات حدود معترف بها، ويدعم بالمقابل حق الفلسطينيين في العيش بأمان وحرية، في دولة قابلة للحياة خاصة بهم». ويعارض الديمقراطيون أي خطوات أحادية الجانب من قبل أي من الجانبين، مثل عمليات الضم والتوسع الاستيطاني، معتبرين أنها تقوض احتمالات قيام دولتين.

لكن الوثيقة لم تعلق على خطوة الرئيس ترمب فيما يخص القدس، حيث قالت إن «القدس ستظل عاصمة إسرائيل، وستكون هناك مفاوضات على الوضع النهائي لها، بوصفها مدينة غير مقسمة في متناول الناس من جميع الأديان». وتعهدت الوثيقة الديمقراطية، بـ«عودة العلاقات الدبلوماسية الأميركية – الفلسطينية، والمساعدة الحيوية للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة، وذلك بما يتفق مع القانون الأميركي»، كما أعلنت معارضة أي جهد لما وصفته «تمييز إسرائيل ونزع الشرعية عنها بشكل غير عادل، بما في ذلك في الأمم المتحدة، أو من خلال حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات»!.

تجدد الاحتجاجات الأميركية ضد العنصرية

تجدّدت الاحتجاجات في عدد من المدن الأميركية ضد العنصرية وممارسات الشرطة. وقُتل شخص خلال احتجاج لحركة «حياة السود مهمة» بوسط مدينة أوستن في ولاية تكساس (25/7)، إثر إطلاق نار، بالتزامن مع مواجهات في سياتل، وكذلك في بورتلاند، كبرى مدن ولاية أوريغون، التي تجري فيها احتجاجات منذ نحو شهرين.

وقد بدأت الحركة الاحتجاجية في بورتلاند، وفي جميع أنحاء البلاد والعالم، بعد وفاة الأميركي الأسود جورج فلويد اختناقاً تحت ركبة شرطي أبيض في مدينة مينابوليس، وتوسّعت بعد وصول تعزيزات من عناصر الشرطة الفيدرالية في منتصف تموز/ يوليو إلى المدينة. في وقت يركّز فيه الرئيس ترامب في حملته الانتخابية على «إعادة النظام».

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف
الاستيطان
الجالية الرياضي


عدد زيارات الموقع : 14,513,312 زيارة