الثوب الفلسطيني التراثي نتاج حضاري عبر آلاف السنين وتعب الجدات والأمهات منذ الكنعانيين
قالت مصممة الأزياء التراثية الفلسطينية والأردنية خولة أسعد أن التراث الفلسطيني نتاج حضاري عبر آلاف السنين, وهو تراكمات السنين وتعب الجدات والأمهات منذ أيام الكنعانيين مضيفة أن الثوب الفلسطيني يختلف عن كل الأزياء في العالم ولديه خاصية محددة.
وقالت في حوار مع »العرب اليوم« ان الأزياء التراثية الأردنية تشبه الأزياء التراثية الفلسطينية من حيث تعبيرها عن كل مناطق الأردن, وأن الثوب الأردني يمتاز بعدم وجود تطريز كثيف كالثوب الفلسطيني, لكنه يمتاز بالجمالية, حيث استعاضت المرأة الأردنية قديماً بوضع زخارف من قطع القماش الملون لتعويض قلة التطريز, مشيرة أن كل منطقة في الأردن تمتاز بجمالية ثوبها الذي يختلف عن ثوب المنطقة الأخرى.
وقالت أن ثوب منطقة الشمال يمتاز بالألوان الزاهية لكونها منطقة خصبة, كما أن ثوب جرش وعجلون والرمثا يتضمن قطع قماش بيضاء على الجوانب والصدر لإضافة ناحية جمالية.
وأضافت أن الأثواب الأردنية تشبه الأثواب الفلسطينية من حيث الطول الفضفاض لإخفاء معالم جسم المرأة كون إظهارها كان عيباً.
وأكدت مصممة الأزياء التراثية خولة أسعد أن الثوب يدل على الترابط الأردني الفلسطيني لأن الثوب القديم في الأردن وفلسطين كان واحداً بدليل أن الثوبين السلطي (أردن) والتعمري (فلسطين), وثوب المرأة البدوية في فلسطين والأردن كان متشابها بنفس التصميم, وكان هذا الثوب يمتاز بالطول وبرفع العب (الصدر) حتى لا يشعر أحد بأن المرأة حامل, ولتستطيع المرأة وضع الأشياء الثمينة داخل العب, مختتمة القول أن هذا الثوب مأخوذ عن ثوب السيدة العذراء مريم عليها السلام التي حملت ووضعت من دون أن يشعر بها أحد بسبب كون ثوبها فضفاضاً.
وأوضحت وهي تتحدث عن مزايا الثوب الفلسطيني أن شكل الثوب الكنعاني لم يتغير حتى يومنا هذا, وهو يمتاز بالقبة والعروق التي تمتد باتجاه طولي من الكتف إلى الأسفل, في حين أن الثوب الأردني تكون خطوطه بالعرض ولا قواعد ثابتة للثوب المصري, بينما ينحصر تواجد الثوب السوري في البادية ومنطقة حوران, ويتميز الثوب الحوراني بكونه مزيجاً بين الثوبين الفلسطيني والأردني.
وتابعت القول أن الثوب الفلسطيني يمتاز أيضاً بأن كل منطقة تعبر في ثوبها عن طبيعة سكانها, فمنطقة الساحل على سبيل المثال يمتاز ثوبها بأنه خليط إغريقي ويوناني وساحلي بشكل عام, في حين يخلو الثوب الجبلي من التطريز بسبب عمل النسوة في الزراعة وعدم وجود الوقت لديهن للتطريز, بينما يمتاز ثوب منطقة بئر السبع ووسط فلسطين بغزارة التطريز بسبب توفر الوقت.
وقالت: أن الثوب الفلسطيني يعبر عن معاناة الشعب الفلسطيني خلال مئات السنين, وكأن المرأة الفلسطينية كانت توثق أحداث فلسطين على أثوابها من حيث أنواع وأشكال التطريز من أشجار الزيتون وطائر العنقاء الذي ينبعث من تحت الرماد ويمثل الكبرياء, كما أن الألوان هي الأخرى والتي يغلب عليها اللون الأحمر كرمز لدماء الشهداء والأخضر الذي يرمز للخصب عبرت عن أمور تخص الشعب الفلسطيني.
وأضافت مصممة الأزياء التراثية خولة أسعد أن ثوب "الملكة" الدارج في منطقة بيت لحم كانت تلبسه ملكات الكنعانيين, ويمتاز هذا الثوب بوجود الأفعى على الصدر كون الكنعانيين كانوا يعبدونها في إحدى الفترات, وهناك الثوب "الدجني" الدارج في منطقة بيت دجن القريبة من نابلس, ويظن الناس خطأ أنه خاص بأهالي بيت دجن وهو في الحقيقة كان لباس الكهنة الموجودين في المعابد زمن الكنعانيين الذين كانوا يعبدون الإله "داجن" ويلاحظ أن زي بابا الفاتيكان مقتبس من هذا الثوب شكلاً ولوناً.
ولدى حديثها عن ثوب القدس قالت انه أكثر ثوب يمتاز بوجود أثر لكل العصور التي مرت على القدس فعلى الصدر توجد قبة ملكات الكنعانيين وعلى الجوانب تظهر طريقة التصليب منذ أيام الحكم الصليبي, كما يظهر الهلال والآيات القرآنية كدليل على عودة القدس للحكم الإسلامي العربي. وبشكل عام فإن آثار النكبة تظهر على الثوب الفلسطيني, إذ يظهر الحزن والحنين من خلال الألوان, من خلال اختفاء الألوان الزاهية مشيرة أن ظهور تطريز الماكينة دليل على عدم اهتمام النساء بالتطريز وعلى الوضع الاقتصادي السيئ.
غير أنها استدركت بالقول أنه وبعد نكسة حزيران 1967 ظهر الوعي الفلسطيني بالثوب المطرز من جديد وبدأت المرأة الفلسطينية بإعادة إحياء تطريز الثوب الفلسطيني, ونشره من جديد بين أبناء الشعب في الداخل والشتات, خاصة بعد أن تأكد أن العدو الصهيوني قام بسرقة التراث الفلسطيني بعد سرقته الأرض, حيث بدأت المعارض الصهيونية في الخارج بشراء ما كانوا قد استولوا عليه من أثواب فلسطينية وكذلك شراء أثواب النسوة الفلسطينيات في المخيمات وبدأوا ينشرونها على أنها تراث يهودي صهيوني. منوهة أن نساء المسؤولين الإسرائيليين وفي مقدمتهم زوجة وزير الحرب الأسبق موشيه دايان قمن بارتداء الثوب الفلسطيني في المناسبات الرسمية في العالم على أنه يهودي وتراث إسرائيلي. ناهيك عن قيام مضيفات شركة طيران "العال" الإسرائيلية بإرتداء الثوب الفلسطيني. الأمر الذي دعا النساء الفلسطينيات إلى التنبه لمصير ثوبهن وبدأن بإعادة المجد للثوب الفلسطيني.
وتابعت أن المرحلة الحالية تشهد اهتماماً متزايداً بالثوب الفلسطيني وبشكل ملفت للنظر بسبب الصدمة لما يجري حالياً على الأرض ورغبة بالتمسك ولو بأبسط الأمور التي تربطهم بالوطن المفقود, ويظهر ذلك جلياً في أوساط الصبايا الفلسطينيات من الجيل الجديد. رافق ذلك أيضاً إحياء العادات الفلسطينية القديمة مثل ليلة الحناء والزفة وارتداء الثوب من قبل العروس والمدعوات.
وفي نفس السياق أوضحت المصممة خولة أسعد أن من واجب الجيل الكبير محاولة ارتداء الجميع للثوب الفلسطيني في أغلب المناسبات والبحث عن تطوير هذا الثوب من حيث اللون والقماش شرط عدم المساس بالأصل للثوب حتى يبقى رمزاً للأرض المفقودة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف