التقى امس في العاصمة الفرنسية باريس وزراء خارجية 30 دولة، بينهم وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، وزير خارجية روسيا سيرغي لا فروف، من أجل تحويل "المبادرة الفرنسية" إلى وثيقة دولية، "تحتوي على المبادئ الدولية للمفاوضات النهائية، بين "اسرائيل والفلسطينيين، في فترة مكثفة وقصيرة لا تطول كثيراً"، هكذا بحسب صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية (31/5)، التي توضح أنها حصلت على نسخة منها، بأن هدف المبادرة هو "إنهاء الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني،، وهو لب الصراع في الشرق الأوسط، وهو السبب في عدم حدوث الاستقرار، وعدم وجود الأمن في المنطقة – كما اوردت الوثيقة -، وهو المسبب للصراعات والتطرف والعنف، وأن التقدم بإتجاه حل للصراع عاجل وهام"، وعلى الدوام بحسب "هآرتس"، حيث تدعو الوثيقة إلى تدخل دولي عاجل من جميع الأطراف.
اللقاء لن تشارك به فلسطين ولا "اسرائيل"، وإنما " سيكون خطة للجنة السلام الدولية، والتي تطالب فرنسا بإعلانها في نهاية هذا العام 2016 وبمشاركة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، وأن حل الدولتين هو الممكن عملياً، وفي الايضاحات الفرنسية "أهمية الجدول الزمني في أساس المبادرة الفرنسية، وأن اللجنة الرباعية والدول الاقليمية، يجب أن يكونا مرجعيات أساسية للعودة للمفاوضات وتنفيذ المبادرة".
في العام 1993 تم التوقيع على "اتفاق أوسلو" الفاشل بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية المتنفذة و"اسرائيل"، وبعد أكثر من ثلاثة وعشرين عاماً على بدء ما يسمى "عملية السلام في الشرق الأوسط" والمفاوضات في اطار ما يسمى "حل الدولتين"، فإنه لا توجد امكانية لتنفيذ هذا الحل، ليس فقط لأنه لم يبقَ من الأرض الفلسطينية ما يسمح بقيام الدولة الفلسطينية على الأرض المحتلة عام 1967، بل لأن (القوانين والتشريعات) للاحتلال الاسرائيلي، تلك التي سنت وتنتظر أن تسن تلغي الفكرة أمام العالم، ليأتي ما أعلنته وزيرة (العدل) أيليت شكيد ما يلغي الفكرة من أساسها، وبصدد اصدار (قانون) جديد ولإقراره في الكنيست، ينص على اخضاع الضفة الفلسطينية لـِ(القوانين والتشريعات الاسرائيلية)، أي اعلان (قوننة) الضم، والغاء ما يسمى بـ "الخط الأخضر"، كما سبق لرئيس الحكومة العنصرية المتطرفة نتنياهو أن رفض المبادرة الفرنسية رسمياً، وأعلن أنها ستصل إلى "الفشل".
اليمن واليمين العنصري المتطرف في "اسرائيل"، يمتطي صهوة توقيت المبادرة الفرنسية، وادخار "تعديلاته" عليها، والتي بالمناسبة خضعت لتعديلات الولايات المتحدة ذاتها، اليمين الفاشي الاسرائيلي سيستغل انشغال الإدارة الاميركية بالانتخابات الرئاسية، ويقدم لها المبرر، كي لا تُحرج أمام حلفائها وخاصةً العرب، لعدم اتخاذها موقفاً عملياً ضد الخطوات الاسرائيلية الاستيطانية الاستعمارية اللاحقة، علماً أنه لم يسمع من ادارتها طوال أكثر من عشرين عاماً، اجراءً واحدة ضد الاستيطان إبان عملية المفاوضات، سوى "معيقة لعملية السلام" أو في اقصى الحالات "عدم شرعيتها"، دون أن تتخذ موقفاً عملياً واحداً.
يوم الأربعاء الماضي، هاجم نتنياهو المبادرة الفرنسية في جامعة بار ايلان، معلناً أنه "لا يكف عن البحث عن سبل تحقيق السلام، بما في ذلك الاستعانة بدول المنطقة" داعياً إلى المفاوضات المباشرة، بدون شروط وقيود، وبرر عضو الكنيست ميكي زوهر المقرب من نتنياهو ومن (الليكود)، لإذاعة FM101,5 الاسرائيلية: "إن رئيس الحكومة يعتبر أن انشاء دولة فلسطينية خطأ" مضيفاً "إن الجمهور في (اسرائيل) صوت بشكلٍ واضح لصالح حكومة يمين قوية، وهذا ما قاله".
إن مجرد المجاهرة بفكرة الضم، ينبغي أن تدفع السلطة الفلسطينية إلى تدويل القضية الفلسطينية على أساس من قرارات الشرعية الدولية والمطالبة بتنفيذها، لأن الاستيطان المتسارع وضم الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، هو دليل اضافي أمام لعالم، على أن "اسرائيل" اليهودية العنصرية التوسعية العدوانية قد غادرت "خيار التفاوض" منذ أن بدأ، ولم تترك له سوى خيار مقاومة الاحتلال، وإنهاء الانقسام في ثنائية: الوحدة والمقاومة، وتدويل الحقوق الفلسطينية عبر قرارات الشرعية الدولية، غير القابلة للتصرف.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف