- تصنيف المقال : الحركة الاسيرة
- تاريخ المقال : 2016-06-05
أنطلقت يوم السبت الرابع من حزيران / يوينو الجاري في العاصمة البلجيكية بروكسل، أعمال المؤتمر الأوروبي الثالث لمناصرة أسرى فلسطين، وسط حضور برلماني أوروبي واسع، من أكثر من ثماني عشرة دولة أوروبية، بالإضافة لمشاركة برلمانية مساندة من الأمريكيتين، وحضور فلسطيني ضم النائب قيس عبد الكريم ورئيس هيئة شؤون الاسرى عيسى قرارقع ورئيس نادي الأسير قدوره فارس وحشد من قادة ونشطاء الجاليات الفلسطينية في القارة الأوروبية، وممثلي مؤسسات حقوقية ومختصين في القانون الدولي في أوروبا، وممثلي الهيئات والمؤسسات الفلسطينية التي تُعنى بشؤون الأسرى في الوطن . والقى تيسير خالد رئيس دائرة شؤون المغتربين كلمة في افتتاح المؤتمر تلاها نيابة عنه محمود الزبن ، مدير دائرة اوروبا في الدائرة ، قال فيها :
أحييكم باسم جميع العاملين في دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير الفلسطينية وأتمنى النجاح لهذا اللقاء ، الذي يشارك فيه حضور سياسي مهم لبرلمانيين وسياسيين وحقوقيين من عدد من الدول الاوروبية ومن فلسطين والولايات المتحدة الاميركية وعدد من دول أميركا الجنوبية لتأكيد تأييدهم للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ، ودعمهم لضرورة التوصل الى تسوية سياسية شاملة ومتوازنة للصراع الفلسطيني الاسرائيلي على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية تحقق الأمن والاستقرار لجميع شعوب ودول المنطقة بما في ذلك دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة ، ووقوفهم الى جانب الحركة الفلسطينية الأسيرة ، التي ينبغي أن تعامل من دولة اسرائيل ، القوة القائمة بالاحتلال وفقا للقانون الانساني الدولي وخاصة اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949
تعرفون أيها السادة أن الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة تخضع للاحتلال العسكري منذ حزيران من العام 1967 . في ذلك الوقت أصدر حاييم هيرتسوغ باعتباره القائد العسكري لقوات الاحتلال الأمر العسكري رقم (3). وقد جاء في مادته 35 "أنه يترتب على الحكم العسكري ، الذي نشأ عن الاحتلال تطبيق أحكام اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12 آب 1949 بخصوص حماية المدنيين أثناء الحرب والاحتلال، والتأكيد على أن تلتزم المحكمة العسكرية بتطبيق أحكام اتفاقية جنيف الرابعة فيما يتعلق بالإجراءات القضائية، وإذا وجد تناقض بين هذا الأمر وبين الاتفاقية فتكون الأفضلية لأحكام اتفاقية جنيف". غير أن القيادة العسكرية لقوات الاحتلال، سرعان ما تنصلت من التزامها بتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة، ومعاملة المدنيين الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال بموجب ما قررته تلك الاتفاقية من إجراءات قضائية ، وهو ما ترتب عليه لاحقا الكثير من الانتهاكات الاسرائيلية بحق الاسرى ، الذين تحتجزهم اسرائيل في معسكرات اعتقال جماعي أقامتها داخل حدودها ، أي خارج الاراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967 ، مخالفة بذلك المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة والتي تحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال.."، والمادة 76 التي تنص على انه "يحتجز الأشخاص المحميون المتهمون في البلد المحتل، ويقضون فيه عقوبتهم إذا أدينوا".
إن تنصل اسرائيل ، الدولة القائمة بالاحتلال من التزاماتها بما في ذلك اتفاقيات جنيف لعام 1949 فتح المجال للسؤال عن الوضع القانوني للأسرى الفلسطينيين ، خاصة وأن اسرائيل ترفض الاعتراف بحقوقهم كأسرى وكحاربين قانونيين وفقا لتلك الاتفاقيات ، في مخالفة لأحكام المادة 1 ( 4 ) من البروتوكول الاضافي الاول لاتفاقيات جنيف لعام 1949 ، والتي تؤكد أن وضع الاسرى يمتد ليشمل أعضاء جماعة منظمة تناضل ضد التسلط الاستعماري والاحتلال الأجنبي وضد الأنظمة العنصرية, وبما يعني ان النزاعات بين حركات التحرر الوطني وبين دولة استعمارية تحتل اراضي الغير بالقوة ، كما هو حال دولة اسرائيل ، تعتبر نزاعات دولية تنطبق عليها اتفاقيات جنيف لعام 1949 وهي الاتفاقيات التي وقعت عليها منظمة التحرير الفلسطينية ووقعت عليها دولة فلسطين تحت الاحتلال
وقد ترتب على هذا الموقف وهذه الممارسات الاسرائيلية العديد من الخروقات والانتهاكات الاسرائيلية لحقوق الاسرى الفلسطينيين ، كحجزهم في معسكرات اعتقال جماعي في ظروف غير انسانية داخل دولة اسرائيل ، الأمر الذي يجعل من زيارة الأهالي وتواصلهم مع أبنائهم الاسرى أمرا في غاية المشقة والمعاناة ، خاصة إذا تعلق الأمر بزيارة الاطفال والنساء لذويهم . فضلا عن ذلك يخضع الأسرى الفلسطينيون لإجراءات تحقيق وتعذيب قاسية في مراكز التحقيق دون مراعاة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الثانية التي تحظر التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديداً بالحرب أو عدم استقرار سياسي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب” بهدف التأثير على الأسرى و نزع الاعترافات منهم بالقوة.
وفي الوقت نفسه تنتهك إسرائيل المادة (91) من اتفاقية جنيف التي تؤكد على ضرورة أن تتوفر في كل معتقل عيادة مناسبة، يشرف عليها طبيب مؤهل ويحصل فيها المعتقلون كل ما يحتاجونه من رعاية طبية ، بخلاف ما تتصرف دولة الاحتلال الاسرائيلي ومصلحة السجون الاسرائيلية ، التي تسببت معاملتها القاسية للأسرى ونقص الرعاية الطبية في استشهاد نحو 210 شهداء من بينهم اكثر من 50 شهيدا بسبب الاهمال الطبي على امتداد سنوات الاحتلال في السجون الاسرائيلية
ومن الانتهاكات الاسرائيلية الفظة للقانون الدولي الانساني سياسة العزل الانفرادي للأسرى الفلسطينيين في السجون كوسيلة للضغط على الأسير لانتزاع الاعترافات منهم أو كعقوبة دون مبرر قانوني أو شرعيبهدف التأثير على وضع الأسير النفسي والجسدي ، أو سياسة هدم البيوت كأسلوب من أساليب العقاب الجماعي للأسير وعائلته تحت مبررات غير شرعية وغير قانونية . على هذا الصعيد تجدر الاشارة أن محكمة العدل العليا الإسرائيلية تساهم في تبرير وإباحة تلك العقوبةفي مخالفة صريحة لقواعد ومبادئ قانون الحرب بشأن معاملة المدنيين أثناء الصراعات المسلحة، حيث تحظر المادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 على دولة الاحتلال أن تدمر أي متعلقات ثابتة أو منقولة خاصة بالأفراد أو الجماعات أو الحكومة أو غيرها من السلطات العامة أو لمنظمات اجتماعية أو تعاونية إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما ضرورة هذا التخريب .
ولا تقف الانتهاكات الاسرائيلية للقانون الدولي الانساني عند هذه الحدود ، بل تتخطاها لتشمل ترحيل ونقل الأسرى الفلسطينيين إلى الخارج في مخالفة صريحة للمادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949م التي تحظرالنقل الإجباري الفردي أو الجماعي وكذا ترحيل الأشخاص المحميين (أهل المناطق المحتلة) من أراضي محتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو أراضي أية دولة أخرى محتلة أو غير محتلة محظور بغض النظر عن دواعيه
والى جانب هذه وغيرها من الانتهاكات الاسرائيلية للقانون الدولي الانساني بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة وبروتوكولاتها الإضافية تزيد أوامر الاعتقال الإداري التي تصدر عن قائد قوات الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية، وعن وزير الأمن الإسرائيلي من معاناة الاسرى الفلسطينيين في معسكرات الاعتقال الجماعي الاسرائيلية ، حيث تسمح إجراءات الاعتقال الإداري لقوات الاحتلال باعتقال الفلسطينيين لفترات تتراوح بين 3-6 أشهر يجري تجديدها دون تقديم الأسير لإجراءات محاكمة، ودون تقديم أية اتهامات ضده . هذا التدبير من الاعتقال كان معمولا به في زمن الانتداب البريطاني على فلسطين ، وكان النظام العنصري البائد في جنوب افريقيا يستخدمه ضد المواطنين الأفارقة ، غير ان الفارق بين استخدامات هذا النوغ من الاعتقال في جنوب افريقيا وفي اسرائيل أن النظام العنصري البائد في جنوب افريقيا لم يكن يلجأ الى التمديد التلقائي لهكذا عقوبة بينما في اسرائيل يجري التمديد بشكل تعسفي ليتجاوز السنوات دون تقديم لائحة اتهام ضد الأسير المعني ، وهو ما دفع بأسرى الاعتقال الاداري الى الدخول في معارك أضراب عن الطعام لعدة اشهر من أجل كسر قيود السجان الاسرائيلي والتحرر من قيود السجن .
يعيش المواطن الفلسطيني تحت الاحتلال بشكل عام والحركة الفلسطينية الأسيرة بشكل خاص في ظل ظروف قاسية للغاية . هؤلاء يتابعون بشكل يومي التطورات في السياسة الاسرائيلية ويتطلعون الى المجتمع الدولي يحدوهم الأمل بأن يتحرك ويتحمل مسؤولياته . فسياسة دولة اسرائيل تتطور في اتجاهات خطيرة ، وتخطو بثبات على طريق التحول الى دولة شبه فاشية حسب اعترافات عدد من قادتها الأمنيين والسياسيين البارزين ، تنكر على الشعب الفلسطيني حقه في التحرر من الاحتلال وفي تقرير المصير ، تزرع الارض بالمستوطنات الاستعمارية وتمارس سياسة الترانسفير والتطهير العرقي في القدس الشرقية ومناطق الاغوار الفلسطينية وغيرها من مناطق الضفة الغربية المحتلة ، وتتوعد الحركة الاسيرة بقوانين عنصرية لا تستثني ممارسة عقوبة الاعدام .
فى معسكرات الاعتقال الاسرائيلية يصل عدد الاسرى الفلسطينيين لما يزيد عن 7000 أسير منهم 1700 اسير مريض ، 750 معتقل اداري تحتجزهم سلطات الاحتلال دون توجيه لائحة اتهام ودون محاكمة ، نحو 70 أسيرة بينهن 17 طفله ، 480 أسيرا دون سن الثامنة عشرة ، هذا الى جانب 6 نواب من أعضاء المجلسين الوطني والتشريعي ثلاثة منهم يخضعون للاعتقال الإداري ، بالاضافة للنائب "مروان البرغوثى" ، والنائب "احمد سعدات" المحكوم 30 عام ، والنائبة " خالدة جرار" . هؤلاء جميعا يتطلعون اليوم الى اجتماعكم هذا ويتوقعون أن تأتي النتائج في الاتجاه الذي يعطيهم الأمل بالحرية والأمن والاستقرار ، باطلاق حملة سياسية واعلامية وقانونية واسعة لتدويل قضية الاسرى الفلسطينيين وهم يدركون طبعا أن الحرية الحقيقية والعيش في أمن وأستقرار لا تتحقق بغير تسوية سياسية للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي في إطار دولي وعلى أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ، تسوية سياسية شاملة ومتوازنة توفر الأمن والاستقرار لجميع شعوب ودول المنطقة ، بما فيها دولة فلسطين وتصون حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم ، التي هجروا منها بالقوة العسكرية الغاشمة وتوفر الفرص الحقيقية لإغلاق جميع معسكرات الاعتقال الجماعي الاسرائيلي وإطلاق سراح جميع الاسرى الفلسطينيين .
من جديد نحييكم ونبارك مؤتمركم هذا ، ونتمى له النجاح وحمل رسالة الحركة الفلسطينية الأسيرة الى مراكز صنع القرار في بلدانكم من أجل الضغط على اسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال ودفعها في الحد الأدنى الى احترام القانون الدولي الانساني واتفاقية جنيف الرابعة وبروتوكولاتها الاضافية في كل ما يتصل بحماية المدنيين تحت الاحتلال وبحقوق الاسرى الفلسطينيين .