
- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2016-06-21
تلقّت إسرائيل صفعةً دبلوماسيّةً مجلجلةً بعد أنْ صادق وزراء خارجية الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أمس، على قرار يدعم المبادرة الفرنسية ويتبنّى البند الرئيسي فيها الداعي إلى عقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة إسرائيل والفلسطينيين حتى نهاية السنة. ولم يأت الإخفاق الإسرائيلي في منع تبلور قرار أوروبيّ يدعم المبادرة الفرنسية إلا بعد جهود بذلتها وزارة الخارجية الإسرائيلية ومعها سفارات تل أبيب في العواصم الأوروبية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي من أجل منع صدور قرار داعم لباريس.
في هذا السياق، كشف مسؤول رفيع في الخارجية الإسرائيلية، عن أنّ سفراء تل أبيب في العواصم الأوروبية وجّهوا رسالة تعارض بشدة المبادرة الفرنسية وكل خطوة تهدف إلى دفعها. لكن الذي حدث، كما يؤكّد المسؤول استنادًا إلى صحيفة “هآرتس″ العبريّة، أنّ كلّ الادعاءات الإسرائيلية رُفضت بأدب، على حدّ تعبيره.
وأشار المسؤول عينه إلى أنّ الجميع يوافقون معنا على أنّ من الأفضل مبدئيًا إجراء مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكنهم، عمليًا، لا يتطرقون إلى رفضنا للمبادرة الفرنسية. وتابع قائلاً للصحيفة العبريّة إنّه وبكل بساطة، في كثير من الدول لا يتفهمون موقفنا، وأردف قائلاً: باستثناء ذلك، هناك المزيد من الدول التي ترغب في تعزيز المبادرة الفرنسية، خصوصً في ظلّ غياب أيّ مبادرة أخرى تُحاول كسر الجمود في العملية السلمية، بحسب قوله.
ولفتت الصحيفة العبريّة، نقلاً عن مصادر مرموقة في تل أبيب، كما وصفتها، لفتت إلى أنّ الاندفاعية الإسرائيلية تُجاه العواصم الأوروبية أتت بعد مؤتمر باريس، مطلع الشهر الجاري، الذي شكَّل دفعًا للمبادرة الفرنسية. وقبل ذلك، كانت تل أبيب تبدي قلة اكتراثها بالخطوة الفرنسية. لكن بعد نجاح عقد المؤتمر في باريس، أدركت إسرائيل أنّ المبادرة تحقق زخمًا، خاصّةً أنّ فرنسا واصلت العمل على دفع المبادرة بكل قوة، من أجل تجنيد الدعم الدولي لها والدفع باتجاه خطوات مكملة، كتشكيل طواقم العمل الدولية التي ستهتم بصياغة خطوات بناءة للثقة، وترتيبات أمنية ومحفزات اقتصادية.
وبعد الإخفاق الإسرائيلي في منع القرار الأوروبي الداعم للمبادرة، خفَضت تل أبيب سقفها وطموحها في هذا المجال، وبدأت العمل على محاولة تخفيف صيغته. على هذه الخلفية، قالت المصادر السياسيّة في تل أبيب، إنّ الدبلوماسيين الإسرائيليين يُركِّزون بشكلٍ خاصٍّ على محاولة إسقاط بند يربط بين المبادرة الفرنسية واقتراح الاتحاد الأوروبي، في كانون الأول (ديسمبر) 2013، برفع العلاقات مع إسرائيل إلى درجة شريك مفضل ومميز، مقابل اتفاق تسوية مع الفلسطينيين. وقد رفضت إسرائيل حتى اليوم إجراء أي اتصالات رسمية مع الأوروبيين حول هذا الاقتراح.
وتعتقد إسرائيل أنّ الربط بين هذين الأمرين يعني طرح شرط أوروبي آخر لتحسين العلاقات مع تل أبيب التي حاولت في العامين الأخيرين، عدة مرات، دفع مسائل مختلفة أمام الاتحاد الأوروبي، لكنها أبلغت بأن ذلك سيكون في إطار ترقية مكانة إسرائيل بعد توقيع اتفاق مع الفلسطينيين. في المقابل، أكد المسؤول الإسرائيلي أنّ الأوروبيين يطرحون أمامنا المزيد والمزيد من الشروط لتحسين العلاقات، متسائلاً: هل المبادرة الفرنسية ستتحول إلى شرط إضافي؟
وتابع قائلاً: لم ننجح في منع الإشارة إلى المبادرة الفرنسية في القرار الذي اتخذ أمس، لكننا نرغب في الفصل قدر الإمكان بينها وبين السياسة الشاملة للاتحاد الأوروبي، خصوصًا ما يتعلق بصفقة المحفزات التي عرضتها أوروبا على إسرائيل، بحسب تعبيره. على صلةٍ بما سلف، قال وزير خارجية لوكسمبورغ، جان أسلبورن، الذي شارك في الاجتماع الذي اتخذّ القرار، قال لصحيفة (هآرتس) إنّ جميع الوزراء الأوروبيين، الذين تحدّثوا خلال الجلسة أعربوا عن تأييدهم المُطلق للمُبادرة الفرنسيّة، وأضاف: لم يُسمع أيّ وزير أوروبيّ معارضته لمُبادرة السلام الفرنسيّة، بل على العكس، جميع وزراء الخارجيّة أيّدوها، بحسب تعبيره.
وأضاف وزير خارجيّة لوكسمبورغ في حديثه للصحيفة العبريّة إنّ وزير الخارجيّة الفرنسيّ، قال خلال الجلسة إنّه في الأسبوع الثاني من شهر تموز (يوليو) القادم، مباشرةً بعد انتهاء صوم رمضان، ستقوم بلاده بالانتقال إلى المرحلة القادة في مُبادرة السلام، وأنّها ستقوم بتفعيل أنشطة أطقم العمل، الذين سيعرضون على كلٍّ من إسرائيل والفلسطينيين محفزّات اقتصاديّة، كما أنّهم سيقومون بالنظر في اتخاذ خطوات بناء ثقة بين الجانبين الإسرائيليّ والفلسطينيّ، علاوة على مناقشتهم ا لترتيبات الأمنيّة في منطقة الشرق الأوسط، قال وزير خارجيّة لوكسمبورغ. وكشف النقاب عن أنّ الفرنسيين سيقومون بعقد اجتماع في شهر أيلول (سبتمبر) القادم على مستوى وزراء الخارجيّة، على هامش انعقاد الاجتماع السنويّ للأمم المُتحدّة في نيويورك، وذلك تمهيدًا للمؤتمر الدوليّ، الذي يُصّر الفرنسيون على عقده قبل أخر العام الجاري، كما أكّد.
من ناحيته، قال الناطق الرسميّ بلسان الخارجيّة الإسرائيليّة إنّ قرار الاتحاد الأوروبيّ يُبعد السلام، وأضاف أنّ المؤتمرات الدوليّة لا تُسمن ولا تُغني عن جوع، لافتًا إلى أنّ بلاده كانت وما زالت وستبقى متمسكةً بالمفاوضات المُباشرة مع الفلسطينيين، وبدون شروط مُسبقّة، بحسب تعبيره.