بدأ فصل جديد في القوة العسكرية لإسرائيل وقدرتها على الردع، أمس: الطائرة الحربية أف - 35 الإسرائيلية الأولى انتهت من مرحلة التصنيع، وهذه خطوة أولى نحو استيعاب إسرائيل هذه المنظومة الخاصة الأكثر تطوراً في العالم. من الآن فصاعداً يتعين على الدول المعادية في المنطقة أن تأخذ في حسابها أن لدى إسرائيل «طائرة شبح» قادرة على التحليق في أية نقطة في الشرق الأوسط، والاقتراب من الأهداف بصورة فجائية وضمن مدة انذار قصيرة، والقاء قذائفها والاختفاء. إذا كان الإيرانيون يشعرون بالقلق من الغواصات الاستراتيجية التي يملكها سلاح البحر، فإن لديهم اليوم سببا آخر لكبح النار: إن طائرة أف - 35 مرفقة بقدرات الطائرات من دون طيار هي ذات قوة مضاعفة من الصعب تخيل قدرتها. ولم يكن صدفة قول رئيس الأركان، غادي أيزنكوت، في نقاشات داخلية: «الطائرة ستشكل الحد القاطع العملياتي للجيش الإسرائيلي في السنوات العشر المقبلة، وستستخدم من أجل الدفاع عن الدولة وردع كل عدو. ولو وقعت حرب فإننا سننتصر فيها». يوجد حالياً في المصنع خمس طائرات حربية مخصصة لإسرائيل في طور التركيب. في 12 كانون الأول 2016 ستحط طائرتان في مطار نفتيم، حيث سيجري إعطاؤهما اسماً عبرياً «أدير». وفي تشرين الثاني2017 سيصبح لدى سلاح الجو السرب العملياتي الأول خارج الولايات المتحدة. وسيحل السرب الجديد محل سرب طائرات التدريب الأسطورية التي تحمل اسم «نسر ذهبي»، التي استخدمت حتى تسلم طائرات أف - 16 آي، الجيل الرابع. عندما حطت في إسرائيل قبل 40 عاماً طائرة من الجيل الرابع الأول من طراز أف - 15 أعلن رئيس الأركان آنذاك المرحوم موتي غور، أن وجه إسرائيل قد تغير. ربما لم يتغير وجه الدولة لكن في كل ما له علاقة بقدرتها على الردع كان غور محقاً. لقد غيرت طائرات الجيل الرابع من أف - 15 وأف - 16 بصورة مطلقة الساحة الجوية في الشرق الأوسط، وحافظت على ديمومة التفوق الإسرائيلي. وفي محاولة مواجهة هذا التفوق تسلح أعداء إسرائيل بصواريخ أرض - أرض ومنظومات مضادات جوية متطورة. إن طائرة أف - 35 التي هي من الجيل الخامس ستحافظ على هذا الفارق ومن شأنها أن تساهم في ديمومة التفوق الجوي الإسرائيلي في السنوات الأربعين المقبلة. ونظراً لأن المقصود هو منظومة سلاح استراتيجي، فإن قرار شراء الطائرة يعود إلى المجلس الوزاري المصغر. وفي سنة 2014 عندما قدم قائد سلاح الجو آنذاك اللواء عيدو نحشون توصية سلاح الجو بشراء طائرة أف - 35 لإقرارها في المجلس الوزاري المصغر، كانت هذه توصية أجمع عليها جميع الجهات المختصة وكذلك مجلس الأمن القومي. في المقابل دارت، ولا تزال تدور، نقاشات وسط مختصين وسياسيين بشأن شراء الطائرة، وأساس المعارضة هو ثمنها المرتفع، وتساؤلات تتعلق بنضجها العملياتي، وبالفعل فقد ترافق تطوير الطائرة بمشكلات وعوائق وتخطي الميزانيات الموضوعة لها. في مقابل التردد في إسرائيل اتخذ قرار في الولايات المتحدة غير مألوف بأن يكون هناك مصنّع واحد وطائرة واحدة تحل محل أسطول الطائرات الحربية الأميركية. ونظراً لأن بناء القوة الجوية - الاستراتيجية الإسرائيلية مرتبط بالمساعدة الخارجية الأميركية، لم يكن أمام إسرائيل بدائل. في الأيام الأخيرة وصلت إلى قاعدة جوية أميركية في أريزونا مجموعة طيارين إسرائيليين للقيام بتدريبات على نموذج متطور من الطائرة. لكن المرة الأولى التي سيطير بها الإسرائيليون بهذه الطائرة ستكون في أجواء إسرائيل. وقد اتخذ هذا القرار في إسرائيل على ما يبدو لأسباب مالية. والطاقم التقني الذي سيستلم الطائرة موجود منذ نيسان في قاعدة في فلوريدا، ويتعلم كيفية صيانتها. في الأسابيع الأخيرة توصلت وزارة الدفاع ومصنعة الطائرة شركة لوكهايد مارتين إلى تفاهم هو الأول من نوعه بقضي بأن تجري كل أعمال صيانة الطائرة على أرض إسرائيل، وذلك بناء على طلب سلاح الجو، وهذا قرار يتعارض مع سياسة الشركة التي تطلب بأن تجرى أعمال الصيانة في مراكزها في أوروبا وفي الولايات المتحدة، بسبب الأجهزة المركبة فيها. وسيصل هذا العام أكثر من 100 مهندس وتقني من الشركة وسيقيمون هنا لأكثر من سنة من أجل تدريب عناصر سلاح الجو وموظفي الصناعات الأمنية. يدرك الأميركيون بأن إسرائيل ستطور الطائرة بقواها الذاتية، وستركب عليها منظومات حربية الكترونية وسلاحا خاصا بها، تتلاءم مع القدرة والميزانية الموضوعة في تصرفها. وستبيع الولايات المتحدة إسرائيل طائرة أخرى، ستستخدم في طلعات تجريبية حيث سيجري اختبار المنظومات الإسرائيلية الأصلية. وتجدر الاشارة إلى أن أجهزة الاتصال المركبة حالياً في طائرة أف - 35 هي من انتاج إسرائيلي. علاوة عن كونها طائرة ذات قدرة عالية على التملص، تملك طائرة أف-35 ميزة مهمة في جمع المعلومات، إذ إن كمية ونوعية المعلومات التي تستطيع هذه الطائرة الحصول عليها بفضل أجهزة الردار الحساسة ستحسن من قدراتها الهجومية، وستخلق تحولاً تكنولوجيا ليس موجوداً في منظومات أخرى. على سبيل المثال تستطيع الطائرة الاقتراب من طائرة معادية ومن هدف أرضي والظهور والعمل في مرحلة لا يكون لدى الخصم قدرة على القيام برد فعل. وبفضل الرادات المتطورة تستطيع الطائرة «رؤية» الخصم قبل وقت طويل من أي رادار جوي آخر. وبسبب كلفتها العالية، فالسرب الأول المؤلف من 19 طائرة سيكلف 2.7 مليار دولار، قررت المؤسسة الأمنية بناء القوة الجوية لطائرة أف - 35 بالتدريج. أي أن الطائرات القديمة تخرج وتدخل محلها الجديدة بما يتلاءم والقدرة المالية. لقد اشترى سلاح الجو 14 طائرة من طراز أف - 35 ستشكل الأساس للسرب الثاني الذي سيقام في 2019. والهدف هو التوصل في نهاية برنامج العمل المقبل المتعدد السنوات، الذي بدأ قبل خمسة أعوام، إلى 50 طائرة. أما الهدف النهائي فهو الوصول بعد عشر سنوات إلى 75 طائرة. والتقدير أن كلفة الطائرة ستنخفض بدءاً من 2020 بصورة كبيرة، بحيث إنها لن تكون أغلى من طائرات الجيل الرابع التي لا تزال قيد التصنيع.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف