يتضمن تقرير الرباعية، الذي سينشر هذه الايام، انتقادا شديدا ولاذعا لسياسة الاستيطان الاسرائيلية. لقد وضع التقرير، وعمليا كان يفترض أن ينشر قبل أكثر من شهرين. وقد تأجل النشر لمنع التزامن مع نشر المبادرة الفرنسية لاستئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، ومن أجل عدم صرف الانتباه عن لقاء وزراء الخارجية الذي دعا اليه الرئيس الفرنسي، فرانسوا اولاند، للبحث المسبق في المبادرة. تنال الخطوة الفرنسية الزخم. فقد أعرب وزارء خارجية دول الاتحاد الاوروبي، الاسبوع الماضي، عن تأييد كامل للمبادرة. والان يشعر مندوبو الرباعية بان التوقيت مناسب لنشر وتوزيع تصريحهم الانتقادي ضد اسرائيل. قسم كبير من مضمون تقرير الرباعية سبق أن سرب ونشر. وحسب تقارير مسبقة، فان التقرير انتقادي على نحو خاص في موضوع سياسة الاستيطان الاسرائيلي. كما علم ايضا ان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، طلب من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، «عمل شيء ما» لتلطيف حدة الهجوم على إسرائيل الواردة في التقرير. كما أن من المتوقع ان يلتقي رئيس الوزراء في ايطاليا، هذا الاسبوع، مع وزير الخارجية الاميركي، جون كيري، في محاولة لاقناعه بالعمل ضد المبادرة الفرنسية. ان مخاوف اسرائيل من الانتقاد ضدها في تقرير الرباعية وكذا الجهد الخاص من رئيس الوزراء لاحباط المبادرة الفرنسية مبالغ فيها، متسرعة بل وربما متهورة. فالرباعية، التي تشكلت في العام 2002 وتشارك فيها الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، ليست هيئة ذات صلاحيات عملية ولاعلاناتها معنى لفظي ورمزي. تعقد الرباعية عشرات الجلسات، بعضها على مستوى وزراء الخارجية، تبحث الاقتراحات لتحقيق حل سياسي للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. ولكن على مرّ السنين قلت اجتماعات الرباعية، وفي المرة الاخيرة اجتمعت الهيئة في آب من العام الماضي على هامش انعقاد مؤتمر الامن في ميونخ بمشاركة وزراء خارجية القوى العظمى الخمسة. في بيان نشر بعد الجلسة في ميونخ تم التشديد على «اهمية استئناف المفاوضات بين الطرفين في أقرب وقت ممكن بهدف تحقيق سلام عادل، مستقر وشامل على اساس قراري الامم المتحدة 242 و 338». وبينت الجلسة الأخيرة في مينونخ، مثلما في جلسات سابقة، ان هذه الهيئة ذات الاضلاع الاربعة هي مثابة منصة لتبادل الاراء عن الوضع في الشرق الاوسط وبعيدة جدا عن أن تكون رافعة لتحقيق حل للنزاع. وعليه فحتى لو كان التقرير المرتقب قاسيا على اسرائيل، فانه لن يكون له أي مغزى عملي يجب أن يثير قلقا سياسيا خاصة في القدس. ولعل رئيس السلطة الفلسطينية، ابو مازن، لم يفكر في هذا، ولكنه عندما رفض اللقاء مع الرئيس رؤوبين ريفلين، قلل ابو مازن مسبقا من المغزى الاعلاني لانتقاد اسرائيل في اطار الرباعية. أما المبادرة الفرنسية فهي خطوة جدية لا يمكن ومحظور تجاهلها. ولكن أهميتها وواقعيتها يشوبهما شك كبير، واحتمالات أن تؤدي بالفعل الى اختراق في المستقبل المنظور طفيفة للغاية. والسبب في ذلك هو أن الولايات المتحدة غارقة حتى الرأس في سباق الرئاسة. والاشهر القادمة هي توقيت لا يمكنه أن يكون اسوأ للخطوات السياسية الطموحة على نحو خاص والرامية الى كسر الجمود السياسي المتواصل. دون دور نشط ومباشر من الولايات المتحدة، فلا أمل في أي حراك في اتجاه حل حقيقي للنزاع. ومثل هذا الدور غير وارد في الاشهر القادمة. حتى لو اعرب الرئيس براك اوباما او وزير الخارجية عن تعاطفة معالمبادرة الفرنسية، فستكون هذه من الشفة الى الخارج. وحتى بعد أن يدخل الرئيس الجديد او الرئيسة الى البيت الابيضن فانتظارهما سلم اولويات ليس النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني على رأسه بالضبط.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف