أعلنت إسرائيل وتركيا رسميا، الاثنين، عن تطبيع العلاقات بينهما بعد خلاف دام ست سنوات ونجم عن هجوم شنته وحدة إسرائيلية مسلحة على السفينة “مافي مرمرة” خلال نقلها لمساعدات إنسانية تركية في محاولة لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل عشرة أتراك.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، أن الحصار البحري المفروض على قطاع غزة سيبقى على حاله بعد الاتفاق، على الرغم من حصول تركيا على بعض التنازلات من أجل تقديم المساعدات للقطاع المحاصر.
وفي محاولة منه لاحتواء الاستياء الشعبي في البلاد بعد الاتفاق الذي لم يضمن الشيء الكثير للأتراك، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم من أنقرة، أن تركيا سترسل “أكثر من عشرة آلاف طن من المساعدات الإنسانية” من مرفأ مرسين (جنوب) إلى مرفأ أشدود الإسرائيلي للفلسطينيين في قطاع غزة الذي يخضع لحصار إسرائيلي.
ويقول محللون إن انحسار الدور الإقليمي لتركيا والعزلة الكبيرة التي يعيشها أردوغان ونظامه بسبب خلافاته مع القاهرة وأوروبا وبعض دول الخليج والولايات المتحدة في ما يتعلق بالملف السوري وتزايد جبهة المعارضة الداخلية (الأكراد وجماعة غولن)، كلها عوامل عجلت بولادة هذا الاتفاق مع الإسرائيليين على الرغم من أنه لا يلبي أدنى مطالب لأنقرة.
وقال يلديريم إن إسرائيل ستدفع 20 مليون دولار لعائلات عشرة أتراك قتلوا خلال الهجوم على سفينة “مافي مرمرة”، مقابل التخلي عن الدعاوى القضائية ضد الجنود الإسرائيليين.وصرح نتنياهو في روما بعد محادثات مع الوزير الخارجية الأميركي جون كيري “أعتقد أنها خطوة مهمة بأن نقوم بتطبيع علاقاتنا”، مؤكدا أن الاتفاق “ستكون له انعكاسات كبرى على الاقتصاد الإسرائيلي”.
وإسرائيل التي ستباشر باستغلال احتياطات من الغاز في البحر المتوسط، تبحث عن منافذ لتصريف إنتاجها. ورحب كيري بالاتفاق واصفا إياه بـ”الخطوة الإيجابية”.
عزلة نظام أردوغان بسبب خلافاته مع القاهرة وأوروبا وواشنطن وتوسع جبهة المعارضة الداخلية عجلا بالتوصل إلى هذ ا الاتفاق
ومن جهته، رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال لقائه الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، الاثنين، بالاتفاق بين إسرائيل وتركيا معتبرا أنه “إشارة أمل” للشرق الأوسط.
ورأى بان، الذي يزور إسرائيل والأراضي الفلسطينية، أن الإعلان عن تطبيع العلاقات الإسرائيلية التركية فيه “إشارة أمل مهمة لاستقرار المنطقة”. ولطمأنة الفلسطينيين، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالا هاتفيا مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليل الأحد/ الاثنين، “ليضعه في صورة” الاتفاق، كما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.
كما التقى أردوغان الجمعة في إسطنبول رئيس المكتب السياسي لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة خالد مشعل الذي يقيم في الدوحة.
ويثير تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل ارتياح الولايات المتحدة، وكانت تركيا حليفة إقليمية كبرى لإسرائيل حتى بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة. لكن العلاقات بينهما تدهورت تدريجيا قبل أن تنخفض بشكل كبير في 2010 على إثر الهجوم الذي شنته وحدة إسرائيلية مسلحة على السفينة “مافي مرمرة” التي كانت تنقل مساعدات إنسانية تركية في محاولة لكسر الحصار المفروض على غزة، ما أدى إلى مقتل عشرة أتراك. وكانت السفينة ضمن أسطول دولي مكون من ست سفن محملة بمساعدة إنسانية لكسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة.
وقدمت إسرائيل اعتذاراتها في 2013 لكن التوتر عاد مجددا في السنة التالية بسبب هجوم إسرائيلي جديد على قطاع غزة. وفي الأسابيع الأخيرة قامت تركيا وإسرائيل بوضع الخطوط العريضة للتقارب بينهما، بينما ترغب أنقرة في استعادة نفوذها الإقليمي، بحسب ما يرى محللون.
وتشمل الصفقة قيام تل أبيب بدفع مبلغ 20 مليون دولار لصندوق تعويضات لعائلات الأتراك العشرة الذين قتلوا في الهجوم على مافي مرمرة مقابل إسقاط أنقرة للملاحقات القضائية ضد العسكريين الإسرائيليين، كما قال مسؤول إسرائيلي الأحد. وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن الاتفاق يقضي أيضا بإعادة سفيري البلدين.
وكانت تركيا وضعت 3 شروط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل وتتمثل في اعتذار عن الهجوم وتعويضات للضحايا ورفع الحصار عن قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس.
وفرضت إسرائيل حصارا خانقا على قطاع غزة في العام 2006 بعد أسر جندي إسرائيلي. وتم تشديد الحصار بعدها بعام عندما سيطرت حركة حماس الإسلامية على القطاع. وتمت تلبية الطلبين الأولين جزئيا وبقي رفع الحصار العائق الرئيسي أمام التوصل إلى اتفاق.
وتقول إسرائيل إن الحصار ضروري لمنع دخول مواد قد تستخدم لأهداف عسكرية في القطاع الفقير. وقال نتنياهو، الاثنين، إن “استمرار الحصار مصلحة أمنية عليا بالنسبة إلينا ولم أكن مستعدا للمساومة عليها”.
وتعهدت تركيا أيضا بمنع حماس من تنفيذ أي أنشطة ضد إسرائيل على أرضها، بحسب ما ذكرت صحيفة هارتس الإسرائيلية، الأحد، موضحة أن الحركة ستواصل العمل من تركيا لأهداف دبلوماسية. وتعرض نتنياهو لضغوط في إسرائيل لعدم الموافقة على الاتفاق ما لم يتضمن ضغوطا على حماس لتسليم جثتي جنديين إسرائيليين قتلا في الحرب على غزة في 2014 وإسرائيليين آخرين يعتقد أنهما على قيد الحياة ومحتجزين لدى حماس.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف