- الكاتب/ة : درور زئيفي
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2016-06-29
يبلغ حجم التجارة بين تركيا واسرائيل اليوم نحو 6 مليار دولار، حيث أصبح ميناء حيفا في السنوات الاخيرة مستقبلا أساسيا للبضائع التركية في الشرق الاوسط. فكل يوم، بعيدا عن ناظر الجمهور، تصعد عشرات الشاحنات المليئة على السفن في تركيا، وتنزل في حيفا وتتدحرج من هناك الى الاردن والى العراق. اما الطاقة الكامنة المستقبلية فأكبر باضعاف. ان العنصر الاقتصادي الاهم هو بالطبع الغاز. بعض من الغاز الاسرائيلي مخصص للتصدير، ونقله في انبوب عبر تركيا هو الامكانية الارخص والاكثر ربحية. ولكن في العلاقة بين الدولتين توجد فضائل اقتصادية اخرى. فاقتصاداهما يكملان الواحد الآخر أيضا في التكنولوجيا العليا، في الصناعة، في الزراعة وفي السياحة. وسيدفع استئناف العلاقات الى الامام بشكل كبير تحقق هذه الطاقة الكامنة المستقبلية، وسيساعد على تقدم الاقتصادين في وضع لا تبدي فيه السوق المحلية والعالمية دينامية زائدة. كما سينشأ عن الاتفاق ربح سياسي كبير للطرفين. من زاوية نظرنا، ستعود تركيا لاداء دورها الوسيط الحيوي بين اسرائيل و"حماس"، ستساعد على استقرار الشبكة العكرة التي تبقت في اعقاب الجرف الصامد وستقود نحو تحسين ظروف حياة سكان القطاع. وللعلاقة المتوثقة مع تركيا سيكون تأثير مهم على قدرة اسرائيل على ادارة خطوات سياسية مركبة مع العالم العربي، وعلى الكفاح المتداخل ضد "داعش". ومن الجهة الاخرى، فان قطع العلاقات مع اسرائيل مس بشدة بقدرة تركيا على العمل في الساحة العربية والفلسطينية. في الماضي كانت علاقاتها الطيبة مع اسرائيل واحد من العوامل الاساس التي منحتها مكانة محترمة كوسيط نزيه – مثل الوساطة بين الاسد واولمرت على هضبة الجولان – ولهذا السبب فقد تلقت مكانة رفيعة في المنطقة. وسيساعد استئناف العلاقات في استعادة تركيا لقدرة العمل كلاعب مركزي في الساحة الشرق أوسطية. ولكن سيكون لاستئناف العلاقات ايضا آثار سلبية في الساحة السياسية. فمثلا، منذ الانقلاب الذي اطاح بمرسي في تموز 2013، بردت جدا العلاقات بين تركيا ومصر وفي محيط السياسي يشتبهون – بقدر من الحق – بان الاتراك يؤيدون الاخوان المسلمين ويعملون ضده من خلال الكواليس. ومن شأن التقارب مع تركيا ان يمس بالعلاقات الحيوية لمصر مع اسرائيل وباستعداد مصر للتعاون في الصراع ضد "داعش" في سيناء. كما أن علاقات اسرائيل الطيبة مع الاكراد، القوة الصاعدة في الشرق الاوسط، ستتضرر، اذا لم تحرص القيادة على الابتعاد عن التدخل في هذا النزاع. من الجانب الآخر فان من شأن استئناف العلاقات ان يضعضع علاقات تركيا مع ايران ومع دول اسلامية في الدائرة الابعد، والتي اعربت حتى الآن عن العطف لتركيا بالذات بسبب عنادها تجاه اسرائيل. سيتعين على نتنياهو واردوغان ان يوازنا هذه المخاطر مقابل الربح الاقتصادي والسياسي المتوقع، ويأمل الزعيمان بان يمنحهما الاتفاق نقاط استحقاق في اوساط الناخبين. وتشعر أجزاء واسعة من الجمهور التركي في السنوات الاخيرة بان الرئيس اردوغان يدهور الدولة الى درك اسفل: البرلمان اصبح باصما، السلطة القضائية والاعلامية فقدا ما تبقى من استقلالهما، وفي الشرق تدور رحى حرب اهلية ضد الاكراد، والسياحة تضررت بشدة، والاقتصاد آخذ بالضعف، والفساد يستشري في كل شيء والفوارق الطبقية تتسع. ويمكن للاتفاق مع اسرائيل أن يعرضه اردوغان على الجمهور الذي يبتعد عنه كنجاح سياسي هام، بعد سلسلة طويلة من الاخفاقات في السياسة الخارجية. كما أن اجزاء واسعة في اسرائيل ايضا يعربون عن عدم الثقة بالحكم، وهنا ايضا يعتقد الكثيرون بان الدولة تدير علاقاتها مع الفلسطينيين بشكل أخرق، وان الفساد السلطوي ينتشر في كل شيء، وان النخب تزدهر على حساب الطبقات الضعيفة وبلدات المحيط. مثلما في تركيا، في داخل هذا المشهد المتكدر سيعتبر استئناف العلاقات في نظر قسم كبير من الجمهور كنجاح سياسي وكنقطة استحقاق للحكومة.