- تصنيف المقال : تراث فلسطيني
- تاريخ المقال : 2016-07-03
حلحول.. مدينة فلسطينية تقع في جنوب الضفة الغربية على بُعد 5 كيلومترات إلى الشمال من مدينة الخليل في محافظة الخليل، وتقع على هضبة جبلية ترتفع بنحو 1030 مترًا فوق مستوى سطح البحر، ووفقًا للتقاليد اليهودية والمسيحية والإسلامية في القرون الوسطى، فإن المدينة تحتوي على قبور العديد من الأنبياء، مثل: مقام النبي يونس – عليه السلام – ومزار ينسب إلى الصحابي عبدالله بن مسعود.
ويرجع تسمية المدينة بهذا الاسم نسبة إلى اللغة الكنعانية، حيث يعتقد أنها تعكس كلمة كنعانية تعني “ترتعش من البرد”، وقد ظلت دون تغيير اسمها لأكثر من 3300 سنة، وتحتوي المدينة على حفريات أثرية تمّ اكتشافها في بقايا سور القلعة القديمة من منتصف العصر البرونزي، حيث تمّ هدم السور خلال غارة مصرية ضد الهكسوس في القرن السابع عشر قبل الميلاد، وتركت البلدة خرابًا لأكثر من 300 سنة.
وفي بداية العصر الحديدي في القرن الثاني عشر قبل الميلاد تمّ إعادة تأهيل المدينة نسبيًا، وتوطينها من قِبَل بني إسرائيل. وفي عام 650 قبل الميلاد، بدأت المدينة تعج بالسكان والحركة. ولكن في عام 587 قبل الميلاد، تمّ تدمير المدينة مجدّدًا، خلال إحدى المعارك بين الإمبراطورية السلوقية ومملكة البطالمة.
وخلال السنوات تمّ اكتشاف قدر كبير من الفخار الذي يحمل نقوشًا عبرية قديمة، بالإضافة إلى أسماء يهودية من الفترة الهلنستية، بالإضافة إلى وجود حفريات لمنازل رومانية وإسلامية، مع رصيف بناء وفسيفساء منقوشة باللغة اليونانية. ومع التاريخ كانت حلحول جزءًا من مملكة القدس عند الصليبيين، ولكن خلال المعارك مع الجيش الأيوبي بقيادة صلاح الدين الأيوبي استطاع هزيمة الصليبيين. وبموجب اتفاق في 1226م، تمّ بناء مسجد في المدينة. وخلال الحقبة المملوكية تطوّرت البلدة في جميع مناحي الحياة الاجتماعية، واشتهرت بصناعة أدوات الزينة والزجاج الملوّن، كما أدخل المماليك صناعة التمور والكعك والكنافة وغيرها من الحلويات. ومع بزوغ الإمبراطورية العثمانية في عام 1517م، تطوّرت البلدة بشكل لافت، وأظهرت سجلات الضرائب التاريخية ثراء السكان المحليين، لا سيما وأن المدينة اشتهرت بصناعة وتصدير القمح والشعير والكروم وأشجار الفاكهة والماعز وخلايا النحل.
ومع هزيمة الجيش العثماني في الحرب العالمية الأولى، احتلت بريطانيا فلسطين بقيادة الجنرال اللنبي عام 1917م. وفي عام 1922م، وُضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني بقرار من الأمم المتحدة، وحيث كان التعامل وقتها بالعملة المصرية قرّرت بريطانيا صك عملة جديدة في فلسطين وهي “الجنيه الفلسطيني” عام 1927م، واعتمدت العملة في جميع أنحاء فلسطين حتى مطلع الخمسينيات.
وخلال الثورة العربية التي وقعت في الفترة من 1936 إلى 1939، والتي شهدت معارك ضارية بين مقاتلي الثورة والجيش البريطاني والعصابات اليهودية، كانت بلدة حلحول موحشة بسبب الدمار الذي خلفه القتال، حيث قامت القوات البريطانية بمجزرة في القرية، في محاولة لإجبار القرويين على التخلي عن الأسلحة، كما تمّ سجن جميع رجال القرية في أقفاص حديدية، ووضعهم عرايا باستثناء ما يستر عوراتهم في الشمس، ومُنع عنهم الماء والطعام من أجل الإرشاد عن الأسلحة المخبأة.
ومع قرار تقسيم فلسطين وحشد الدول العربية جيوشها من أجل الحفاظ على وحدة وعروبة فلسطين، وقعت هزيمة 1948م، واحتلت إسرائيل فلسطين وجاءت حلحول تحت الحكم الأردني، ولكن عقب هزيمة الجيوش العربية مجدّدًا في حرب الأيام الستة عام 1967م، أصبحت البلدة ضمن سيّطرة إسرائيل جنبًا إلى جنب مع بقية مدن الضفة الغربية.
وفي مارس 1979م، قامت قوات الدفاع الإسرائيلية بتنفيذ قرار حظر التجوّل في حلحول لمدة ستة عشر يومًا، بسبب قتل شابين فلسطينيين على يد مستوطن يهودي، حيث هبّت عاصفة غضب وثورة فلسطينية عارمة أدت إلى صدور قرار حظر التجوّل.
ومع السنوات تمّ تقسيم حلحول إلى منطقتين، إحداهما تخضع للسلطة الفلسطينية بالكامل، ولكن خلال الانتفاضة الثانية، صادرت إسرائيل حوالي 1500 دونم (1.5 كيلومتر) من أراضي بلدية حلحول.
وفي عام 2002، دخلت وحدة إسرائيلية خاصة إلى مدينة حلحول، وحاصرت مقر المخابرات العامة الفلسطينية، وقامت بإطلاق الرصاص على اثنين من رجال الأمن المدرجين على قائمة المطلوبين، وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنهم كانوا مطلوبين بسبب ضلوعهم في هجمات على إسرائيليين في منطقة الخليل.
وتشتهر مدينة حلحول بزراعة العنب وصناعة الدبس، وهما من الصناعات التي تدر دخلًا متواضعًا لسكان البلدة المحليين، نظرًا لعدم وجود مصانع أو حرف أخرى يشتهر بها السكان. وتُعدّ زراعة العنب بمثابة إرث تراثي وثقافي في حلحول. كما أن جميع بيوت البلدة تحتوي على حدائق لزراعة العنب من أجل الأكل والبيع والزينة أيضًا. وتُعدّ شجرة “الكرمة” مصدر الدخل الوحيد في البلدة، حيث يُقام مهرجان العنب الفلسطيني سنويًا، للاحتفال بإنتاج مختلف الأنواع من العنب الأبيض والزيتي والأسود.
اقرأ/ي أيضًا| قلعة برقوق ... شموخ التاريخ يقاوم الزمن