في نهاية الاسبوع الاخير تثبت مرة اخرى اننا نوجد في لب لباب حرب اقليمية، مركزها الشرق الاوسط. في اوروبا تقف الان فرنسا، التي تلعق جراحها بعد العملية الفظيعة في مدينة نيس عشية احتفالات الباستيل. اما هنا، في منطقتنا، فقد نجا اردوغان من محاولة انقلاب عسكري خرقاء عززت مكانته لدرجة أن هناك من يرونه كارثة. نعم، لقد ثبت مرة أخرى أن انعدام اليقين عاد الى الشرق الاوسطوبقوة. لم يتوقع أحد الانقلاب في تركيا، ولم يعرف واحد القول بوضوح ماذا سيحصل في سورية او حتى في مصر وفي الاردن في السنة القادمة. في مثل هذا الوضع يجب الاستعداد وفقا لقدرات خصومك وليس وفقا لنواياهم (غير المعروفة) وعدم التنازل عن ذخائر استراتيجية. ومثال على هذا الذخر (ليس بحجم القدس، الحدود القابلة للدفاع والتراص اللازم في صفوف المجتمع الاسرائيلي) هو الاتفاق مع تركيا، الذي دارت حوله لعدة ساعات علامة استفهام. فالحديث يدور عن اتفاق ذي اهمية استراتيجية حيوية. يوجد لدولة اسرائيل ما يكفي من الاعداء حولها، والقطيعة والعداء مع تركيا مسا حتى الان بالمصلحة الاسرائيلية، ومنعا التعاون في تلك الحالات التي كان يلزم فيها. على اسرائيل أن تمنع كل محاولة لنشوء طيف اسلامي متطرف – من تركيا وحتى مصر. خيراً فعلت اسرائيل؛ إذ امتنعت عن اتخاذ موقف في موضوع الانقلاب، وذلك لان سيطرة اردوغان على محاولة الانقلاب تجعله الآن زعيما ذا قوة كبيرة وتضمن له مكانة الرئيس مطلق القدرة. وبالنسبة لمسألة ما الذي سيرغب فيه بعد أن يحقق هذه المكانة، فاني اعتقد باننا سنشهد بسرعة تطبيعا دبلوماسيا بين الدولتين. لتركيا دور مهم ووحدة مصالح مع اسرائيل بشأن منع التحول النووي لإيران، تسوية مستقبلية في سورية، والقتال سواء ضد «داعش» أو ضد «حزب الله». اضافة الى ذلك فان الاتفاق يجلب معه امكانية كامنة واعدة للتعاون الاقتصادي، حيث ينطوي تصدير الغاز على امكانية تعزيز الاقتصاد الاسرائيلي وزيادة صندوق الدولة بمال طائل. وتثبت العملية في نيس والرد المتأخر من اوباما على ما يجري في تركيا الحاجة الى تبني القول الفرنسي: في الحرب مثلما في الحرب. فليس الفرنسيون وحدهم لا ينفذون هذا القول الصحيح، بل عموم دول الغرب يجب أن تشمر عن اكمامها وان تتعاون معا ضد تعاظم الارهاب الاسلامي المتطرف. ولهذه الحاجة مطلوب تعاون استخباري وعملياتي، سياسة هجرة واضحة ودفاعية، رقابة حدود صارمة، تحسين وسائل الامن وتكييف قوانين الحرب مع الحرب الحالية. نذكر ولا ننسى قانون الوجود في منطقتنا – من لا يكون قوياً لن يكون.

*لواء احتياط، ورئيس مجلس الأمن الاسرائيلي.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف