- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2016-07-21
وأخيراً ، بعد أن تعذر تحقيق المصالحة الوطنية بين طرفي المعادلة السياسية الفلسطينية ، بين حركتي فتح وحماس ، وعدم استجابة الفصيلين لمتطلبات المصالحة ، وعدم الانصياع لشروط تحقيق الوحدة وهي :
1- التوصل لصياغة برنامج سياسي مشترك يعكس رؤى كافة الاطراف السياسية الفاعلة في المشهد السياسي الفلسطيني .
2- مؤسسة تمثيلية مرحدة وهي منظمة التحرير وأداتها على الارض السلطة الوطنية .
3- أدوات كفاحية متفق عليها .
وقد فشلت كل محاولات التوصل الى المصالحة الجدية الحقيقية الملموسة ، لثلاثة أسباب :
الاول : أن حركة فتح استمرأت قيادتها لمنظمة التحرير وسلطتها الوطنية وباتت غير قادرة بعد عشرات السنين ، على ادراك وجود فصيل قوي كحركة حماس الى جانب باقي الفصائل والشخصيات ، في ادارة منظمة التحرير وسلطتها الوطنية ، بينما حركة حماس التي تقود منفردة قطاع غزة منذ عشر سنوات لا تملك قيم العمل الجبهوي ، والتراث الكفاحي المشترك ، وهي تسعى وتراهن على بقاء تفردها في ادارة قطاع غزة ، بعيداً عن اعطاء القوى السياسية الاخرى فرص المشاركة ، وعدم اجراء أي شكل من أشكال المشاركة ، لا انتخابات بلدية ولا نقابية ولا مجالس طلبة الجامعات ، فهي جزء وامتداد لحركة الاخوان المسلمين التي لا تؤمن بالشراكة ولا تستصيغ التعددية ، ولا تنصاع لمفاهيم تداول السلطة ، والاحتكام لنتائج صناديق الاقتراع ، وخلاصة ذلك أن العوامل الذاتية الانانية الضيقة الطاردة للمصالح الوطنية أقوى من العوامل الضاغطة نحو الاستجابة لشروط ومتطلبات الوحدة لدى الطرفين .
ثانياً : تلعب العوامل الاقليمية دورها المؤثر في دعم كل طرف من الطرفين بمعزل عن الاخر ، ان لم تكن هذه العوامل تلعب دوراً محرضاً في عدم الاستجابة لتحقيق المصالحة ، فتركيا وقطر تملك التأثير السياسي والمالي المناسب على خيارات حركة حماس ، بينما تؤدي القاهرة والرياض دورهما في التأثير على خيارات حركة فتح وسياستها ، في هذا المجال .
ثالثاً : على الرغم من التاريخ الكفاحي لكلا الفصيلين والتضحيات الجسام المقدمة من كليهما في مواجهة المشروع الاستعماري الاسرائيلي ، فقد ارتبطت السلطة في رام الله باتفاق التنسيق الامني مع تل أبيب ، كما ارتبطت غزة مع تل أبيب باتفاق التهدئة الامنية المماثل ، وباتت استمرارية قيادتهما وبقائهما في ادارة سلطتي رام الله وغزة مستمدتان من رضى وقبول وموافقة العدو الاسرائيلي ، الذي يغذي حالة الانقسام ويحرص عليها ، وتحول التنسيق الامني والتهدئة الامنية كي يكون المجال الحيوي الاول لحركتي فتح وحماس سواء برضاهما أو مرغمتان على هذا الخيار ، وهو الخيار الاهم على ما عداه من خيارات ، لأنه يوفر لهما الغطاء في بقاء شرعيتهما المهزوزة المستمدة من شرعية الرئيس المنتخب لحركة فتح ، ومن شرعية المجلس التشريعي لحركة حماس ، وكلاهما انتهت ولايته وتأكلت .
عوامل حقيقية أو مضللة ، تبرر لكليهما أكذوبة الانجاز ، وفرصة مواصلة البقاء على أنقاض شعب ممزق ، وأرض مقسمة منهوبة ، ومستقبل مجهول في مواجهة العدو الذي يزداد شراسة في فرض الامر الواقع الاستيطاني التوسعي بقوة التفوق اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وتكنولوجياً واستخبارياً اعتماداً على دعم الطوائف اليهودية المتنفذة في العالم ، والغطاء الاميركي ، والاوروبي المتفاوت ، وفي ظل اسناد عربي محدود لفلسطين ، وتعطاف دولي غير كافي لصالحها ، ومواجهات فلسطينية اسرائيلية غير متكافئة .
في ظل هذه المعطيات أعلنت حركة حماس موافقتها على اجراء الانتخابات البلدية في قطاع غزة وهي خطوة جوهرية متقدمة ان تحققت ، ولم تجد الذرائع للتراجع عنها ، فالخطوة تتم لأول مرة منذ الانقلاب عام 2007 ، وستوفر للقوى السياسية الفلسطينية الاخرى فرصة المشاركة العلنية في ادارة المؤسسات المنتخبة ، اضافة الى أنها أول عملية انتخابات ستجري على أرض قطاع غزة في ظل ادارة حماس ، بعكس ما يجري في الضفة الفلسطينية ، حيث تتم الانتخابات في مؤسسات محلية كالنقابات ومجالس طلبة الجامعات وحتى في البلديات ، وقد كانت أخر انتخابات في الضفة تلك التي جرت لمجلس طلبة جامعة بير زيت في شهر أيار 2016 حين فازت حركة حماس بخمسة وعشرين مقعداً ، بينما فازت حركة فتح بواحد وعشرين مقعداً .
حركة حماس أعلنت يوم 15 تموز 2016 ، استجابتها لقرار لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية برئاسة الدكتور حنا ناصر ، باجراء الانتخابات المحلية ، طبقاً لقرار حكومة الوفاق الوطني ، بالدعوة لاجراء الانتخابات يوم 8/10/2016 ، في كافة الهيئات المحلية بالضفة والقطاع ، وفق قانون الانتخابات المحلية رقم 10 للعام 2005 وتعديلاته .
فقد رأت حركة حماس “ ضرورة وأهمية اجراء الانتخابات المحلية في الضفة والقطاع ، وتجديد هيئاتها استناداً الى الارادة الشعبية الحرة عبر صناديق الاقتراع ، بما يؤدي الى تطوير وتحسين الخدمات المقدمة للشعب الفلسطيني “ ، وأكدت حماس في بيانها على أنها ستعمل على “ انجاح الانتخابات ، وتسهيل اجرائها بما يخدم مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته ، وعلى أساس توفير ضمانات النزاهة وتكافؤ الفرص لهذه الانتخابات واحترام نتائجها “ ، وختمت الحركة بيانها في التأكيد على “ أهمية العملية الديمقراطية الفلسطينية من خلال اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني الفلسطيني “ .
خطوة اجراء الانتخابات البلدية في الضفة والقطاع خطوة مهمة ، وتبرز أهميتها أكثر بموافقة حماس على قبول اجرائها في القطاع بعد أن رفضت اجراء هذه الانتخابات في دورتها السابقة قبل أربع سنوات .