- الكاتب/ة : ايلانا همرمان
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2016-07-23
منذ ستة اسابيع والمدينة الفلسطينية الجنوبية، يطا، تحت الحصار في أعقاب العملية في سارونه، التي نفذها اثنان من بين 120 ألف شخص. القليل من الشوارع المشوشة وعشرات الطرق الترابية التي تؤدي اليها من الغرب والى القرى المجاورة مغلقة، سواء بالصخور أو بالتراب أو الحفر العميقة. ولكن لأنه لا يمكن وقف حياة الناس بشكل كلي لفترات طويلة الى هذا الحد، فان الفلسطينيين يتحركون بأشكال اخرى. فهم يسيرون على أقدامهم على هوامش الشارع 317 الذي يخدم المستوطنات، ويعرضون حياتهم للخطر أمام السيارات السريعة، ويصلون الى الحواجز، وينسابون بين الحجارة الى خارج المنطقة المحاصرة، وهناك تنتظرهم سيارات خاصة من أجل نقلهم مقابل المال. يبلغ عددهم 2000 شخص يعيشون شرقي الشارع، تحت السيادة الاسرائيلية الكاملة. ولكن اسرائيل لا تقوم بتقديم الخدمات لهم. ومن غير خدمات لمدينة يطا المخنوقة من الطرف الآخر، فان حياتهم السيئة أصلا، أصبحت أكثر سوءًا. بين الفينة والاخرى يتم اقتحام طريق ترابي مغلق، وعندها تسير السيارات وتقترب من الفتحة للمرور منها قبل أن يأتي الجيش ويقوم باغلاقها. في هذه اللحظة يبدو الامر مثل ساحة للسيارات الكهربائية في مدينة الملاهي، حيث إن باقي الاماكن لا تظهر للعيان. في الوقت الحالي تستمر الحركة كالعادة على شارع 317. واذا كان المسافرون من اليهود فانه يمكنهم الوصول الى الشارع المعبد والى مناطق كرميل ومعون ومزرعة معون وافيغايل، حيث إن هذه المناطق موجودة في أعلى التلال ولها أحراش واسعة وحدائق منزلية. ايضا الى قن الدجاج يوجد شارع معبد في كرميل يصل اليه وينتهي. أي، ما وراء ذلك لا توجد حياة جديرة، فقط تلال فارغة على طول البصر. ورغم ذلك، من لا ينتبه لسيارته ويستمر في السفر في الطريق الترابي متوجها الى الطريق الترابي المتفرع عنه الى داخل الفراغ، ولا يخشى من الصخور الكثيرة، يكتشف هناك حياة اخرى مفاجئة، انسانية وسياسية. ويكتشف أنه في هذه الاثناء يتم سن قانون الجمعيات لوسم الجمعيات الاسرائيلية التي تحصل على الاموال "من دول اجنبية"، ويكتشف أن السكان الفلسطينيين الذين يعيشون هنا رغم أنف حكومات اسرائيل يتمسكون بأراضيهم بفضل دعم تلك الدول الاجنبية. لا شك أن سياسة تلك الدول تناقض سياسة اسرائيل، بل تعاديها. الادارة المدنية تقوم بارسال الجيش لهدم المنازل والخيام ورياض الاطفال والمدارس. وهي ترفض شق الطرق الجديدة وتشوش على الطرق القائمة. وهي ترفض ربط السكان مع شبكة الكهرباء وشبكة المياه الاسرائيلية في الوقت الذي تتمتع فيه كل مستوطنة أو بؤرة استيطانية بذلك. ورغم أن هذه المنطقة تحت سيادة اسرائيل إلا أن كل روضة اطفال أو مدرسة أو عيادة أو المنازل توجد عليها لافتة زرقاء للاتحاد الاوروبي. الاغلبية الساحقة من الاسرائيليين لا يعرفون عن العنف الذي تمارسه دولتهم من اجل اسكان مواطنيها وطرد من يعيشون هناك منذ أجيال. ولا يعرفون ايضا اسهام المتطوعين والعاملين بتمويل دول اجنبية. إنهم لا يعرفون ولا يهمهم أن يعرفوا، ولكن جمعية اسرائيلية واحدة "رغابيم" تعمل كثيرا وتنجح ايضا في افشال عملهم. ويقومون بطرح ادعائهم أمام محكمة العدل العليا وهو أن هناك "ظاهرة لا يمكن تحملها وهي تؤثر في جوهر وحجم ودور وسيادة القائد العسكري في يهودا والسامرة، ومكانة اسرائيل كدولة سيادية". تعمل بعض الدول الاجنبية على "تشجيع الاخلال بالقانون والسيطرة الفلسطينية غير القانونية على الاراضي في المنطقة وتوسيع مناطق البناء الغير قانوني في جبل الخليل". تقوم المحكمة بنقاش دعاويهم، وقد قبلت بعضها وكأن جبل الخليل يعود لسيادة اسرائيلية، وكأن لاسرائيل ومواطنيها ومحاكمها الحق في تقرير مصيره ومصير سكانه البدو. وكأنه يوجد قانون يقضي بأن تعطي السلطة المحتلة الاذن لمئات من مواطنيها لبناء منازلهم في منطقة محتلة. وعلى مرمى حجر من هذه البيوت يتم هدم منازل مئات من أبناء الشعب الواقع تحت الاحتلال. ورغم ذلك، هذا الادعاء له خطوات في النقاش الاسرائيلي الذي يتعلق بموضوع استمرار السيطرة الاسرائيلية في الضفة الغربية. وقضية جبل الخليل تشكل هنا مجرد مثال. يتعاطى النقاش الاسرائيلي مع التمويل وكأن مستقبل اسرائيل والفلسطينيين هو شأن داخلي يخضع للقوانين الاسرائيلية. وكأن سلطة الاحتلال الاسرائيلي لا تبني وتهدم هناك وتنشئ حقائق على الارض، خلافا للقانون الدولي. وكأن الانتخابات الديمقراطية في اسرائيل سارية المفعول قانونيا واخلاقيا على الاشخاص الذين تسيطر عليهم بقوة الاحتلال العسكري، وهم لا يشاركون في هذه الانتخابات أصلا. يجب ايقاف هذا النقاش على قدميه، فنحو 2.5 مليون انسان غير اسرائيلي لا يمكنهم العيش طول حياتهم كأسرى في أيدي الناخب الاسرائيلي والمجتمع الاسرائيلي. منذ سنة 1967 لم تكن في اسرائيل أي حكومة تخلت عن السيطرة والتوسع في الضفة الغربية. مصير "المناطق" المحتلة يجب أن يكون في أيدي المجتمع الدولي، وهذا موضوع مُلح، لا سيما في ظل السيطرة على الضفة الغربية لاعتبارات ايديولوجية صريحة للسلطة الاسرائيلية.