- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2016-08-21
وضعت الأحداث الدامية التي شهدتها مدينة نابلس قبل أيام السلطة الفلسطينية أمام “مفترق خطير” خاصة على ابواب عقد الانتخابات البلدية، التي طالب بعض قادة حركة فتح بإلغائها في الوقت الحاضر، أو تأجيلها إلى أجل غير مسمى، في ظل خشية المستوى السياسي الكبير من ضغوط إسرائيلية تدفع باتجاه تطبيق خطة وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، لتغيير الرئيس محمود عباس “أبو مازن” أو نزع صلاحياته.
ووسط حالة الفوضى “فوضى السلاح” و”فوضى العمل السياسي” التي تعصف بالسلطة الفلسطينية بعد أحداث مدينة نابلس الدامية، التي أسفرت عن مقتل رجلي أمن، واثنان من المطلوبين بعد اشتباكات عنيفة هزت البلد القديمة بالمدينة، وترافقت مع إعلان ليبرمان خططه المستقبلية لتقويض حكم أبو مازن، بدأت أركان السلطة الفلسطينية تشعر بوجود مخطط كبير، تسعى إسرائيل من خلاله لإلهاء السلطة داخليا، من خلال إثارة حالة “الفلتان الأمني”، بهدف تقويض أي جهد دبلوماسي خارجي ضد حكومة تل أبيب، خاصة مع اقتراب طرح فرنسا خطة السلام الجديدة قبل نهاية العام الجاري.
ولا تزال آثار الأحداث الدامية حاضرة في مناطق شمال الضفة الغربية، خاصة بمدينة نابلس التي شهدت أحداث دامية، أدت لمقتل اثنان من رجال الأمن، قبل أن تتمكن أجهزة الأمن من قتل اثنان من المطلوبين المتهمين بقتل رجلي الأمن، وهناك خشية كبيرة لدى أركان السلطة الفلسطينية، بان تنتقل حمى “الفلتان الأمني” إلى مناطق أخرى وسط الضفة ، بتسهيلات إسرائيلية غير مباشرة.
مع تزايد الضغوط على قيادة السلطة الفلسطينية، خاصة وأن أحداث الاشتباكات الدامية تكررت أكثر من مرة خلال الأسابيع الماضية في شمال الضفة، وفي ظل استمرارها في المرحلة المقبلة، خرجت دعوات قوية من قيادات فتحاوية تنادي بتأجيل الانتخابات المحلية المزمع عقدها في اكتوبر المقبل.
فبعد القيادي في فتح لؤي عبده، الذي انتقد بحدة مستشارين للرئيس أبو مازن، وطالب بتأجيل الانتخابات المحلية، لحق بهذا الطرح القيادي بالحركة اللواء سرحان دويكات، ويشغل منصب عضو في المجلس الثوري، ورئيس لجنة الحوار حول انتخابات بلدية نابلس.
ففي أعقاب الأحداث التي شهدتها المدينة أعلن الرجل عن تعليق مسؤوليته عن الحوار مع القوى والفصائل والشخصيات في المدينة، وطالب على الفور الحكومة بإرجاء انتخابات البلدية، نتيجة للظروف الأمنية الاستثنائية، وأرجع في بيان له السبب في ذلك إلى “ضمان قيادة حوار وطني مسؤول، ومتوازن، يضمن اختيار الأشخاص الأكثر كفاءة لتمثيل المجلس البلدي القادم، بعيدا عن المحاصصة والشخصنة، وارتكازا إلى مبدأ التخصص والكفاءة والمهنية، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه في ظل الأوضاع الراهنة”.
وقد أكد القيادي الفتحاوي أن ذلك أصبح مطلبا لأهالي المدينة التي تعاني من “نزيف مجتمعي مستمر، فرض نفسه على الجو العام في المدينة”.
وذكر أن ما مرت به نابلس خلال الشهرين الماضيين من أحداث جسام، ومقتل عدد من المواطنين، يحتم على الجميع التوحد لحماية السلم الأهلي والنسيج المجتمعي، والحفاظ على المشروع الوطني الذي يتعرض لتهديد وجودي، نتيجة إجراءات الاحتلال وحالة الفلتان والتفسخ.
وقال دويكات وهو يضع السبب لتأجيل الانتخابات “إن الانتخابات البلدية، وإن كانت تشكل حقًا مدنيًا وسياسيًا وأهليًا، إلا أن إرجائها إلى موعد لاحق (..) أضحى مطلباً جماهيريا لا يمكن تجاهله”.
وقد تأثرت عوائل نابلس سواء التي قتل أبنائها العاملين في أجهزة الأمن، أو الذين قتلوا على أيدي أجهزة الأمن ضمن الحملة التي نفذتها السلطة الفلسطينية في المدينة، وكذلك تأثرت عوائل من مدينة طولكرم بالحملة السابقة، والتي تعرض خلالها مسؤولون بحركة فتح للضرب من قبل أجهزة الأمن.
وفي أعقاب هذه المطالبات الفتحاوية المحلية، التي تحمل أيضا وجهة نظر الكثير من أركان ووجهاء وعوائل مدينة نابلس، ومناطق شمال الضفة الغربية، التي أرسلت لمسؤولين كبار في حركة فتح تطالبهم بالتأجيل، تقف السلطة في هذا الوقت أمام خيارات صعبة، خاصة وأن الإعلان عن التأجيل سيخرج خصمها السياسي حماس بموقف أكثر إيجابية، من خلال إظهار ضعف السلطة وأجهزتها في مواجهة “الفلتان الأمني” بالضفة، على عكس قطاع غزة الذي تحكمه أجهزة الحركة الامنية بقوة، إضافة إلى أن الكثير من المانحين الدوليين للسلطة طالبوها بإجراء هذه الانتخابات بموعدها المقرر، ومن أبرزهم الإدارة الأمريكية.
وفي مؤشر على شعور السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير بالخطر المحدق، في اعقاب خطة ليبرمان، شدد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني على اعتبار كل متعامل مع هذه الخطة بأنه “عميلا وخارجا عن القانون والصف الوطني”.
مجدلاني جدد التأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ودعا إلى مقاومة الخطة وعدم الانجرار ورائها.
وشدد مجدلاني أحد الرجال المقربين من أبو مازن بان كل من يستجيب للخطة، ويتجاهل منظمة التحرير، سيعتبر عميلا وخارجا عن الصف الوطني الفلسطيني.
وتتمحور خطة ليبرمان حول تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق، ومنح تلك المناطق “تسهيلات” بناء على تصنيفها “الأمني”، من خلال التمييز بين فلسطينيين “سيئين” و”جيدين”، واعتبار القرى التي يخرج منها المسلحين لتنفيذ عمليات ستواجه عقاب شديد، في حين أعطاء المناطق التي يوجد فيها هدوء أمني تسهيلات اقتصادية واسعة ويمكنها تنفيذ مشاريع لتحسين البنى التحتية.
وأعلن ليبرمان أيضا أنه سيبحث عن طرق التفافية في الاتصالات مع الفلسطينيين وأنه لن يواصل التركيز على المحادثات مع رجال الرئيس أبو مازن.