توجد أهمية في القاموس العربي للجذر ف.ع.ل. وقد تراجعت كلمة «عاملين» لصالح كلمات مثل «قوى العمل» أو «القوى البشرية»، لكننا نحتاج العودة اليها عند الحديث عن اقتحامات الجيش الاسرائيلي لمناطق الضفة الغربية وهوامش قطاع غزة. إن تعريف الاقتحام العسكري والهجمات لا تمر على حواجز الرقابة الذاتية لوسائل الاعلام الاسرائيلية.
«ثمة ثلاث فرق من الجيش الاسرائيلي تعمل منذ الصباح في مخيم الفوار للاجئين»، هذا ما قيل، الثلاثاء الماضي. خرجت الفرق بعد حوالي 17 ساعة، وانتهى الأمر بقتل فتى فلسطيني يبلغ 18 سنة من عمره هو محمد أبو هشهش وبـ 32 مصابا بالرصاص الحي و15 آخرين مصابين بالغاز المسيل للدموع والرصاص الحديدي المغطى بالمطاط. وقد تم اطلاق النار على خزانات المياه على الاسطح، وكان الاطفال في حالة فزع.
حسب المتحدثين تسمى هذه «عملية الكتيبة». وهو مصطلح مرن آخر. فهناك حملات بيع وهناك حملات تصفية (لمحتوى المحلات)، وتوجد ايضا حملة سلامة الجليل وعملية الجرف الصامد. ومن اجل التذكير فان اللغة الدعائية العسكرية – السياسية تختار بشكل دقيق اللغة التي تشكل الوعي، حيث تكون بعيدة بقدر الامكان عن الواقع.
هدف النشاط، كما كُتب في «هآرتس»، على لسان متحدث الجيش الاسرائيلي، هو اعتقال مشبوهين وعملية تمشيط للكشف عن السلاح وتوزيع دعوات للتحقيق. والى حد ما فان هذا ما كُتب ايضا في القناة 7 والقناة 20، مع اضافة «الحاق الضرر ببنية الارهاب». موقع واللاه تحدث بشكل مفصل: هذا نشاط عسكري في قالب جديد، ومن قامت به هي الكتيبة 50 في الناحل ووحدة ايغوز والكتيبة 605 للهندسة القتالية. «قائمة أهداف القوات شملت 60 هدفاً تشمل نشطاء ارهابيين والبحث عن السلاح»، كُتب.
ماذا نتج عن الـ 20 ساعة التي هاجم فيها الجيش الاسرائيلي المخيم؟ حسب موقع واللاه كان الانجاز الحقيقي هو «اعتقال ثلاثة نشطاء والعثور على وسائل قتالية وتوجيه الانذارات من اجل خلق الضغط الذي يضطر الجهات الارهابية الى التفكير مرتين قبل تنفيذ العمليات». غيلي كوهين تحدثت في «هآرتس» عن اعتقال ثلاثة فلسطينيين كانوا مطلوبين للتحقيق، والعثور على مسدسين وقنابل صوت ووسائل عسكرية تشمل الستر الواقية والخوذ ومطرات المياه. وقد أضافت القناة 20 «الرصاص» الى القائمة.
أعترف، في ظل غياب الماضي العسكري، بأنني لا أفهم كثيرا في هذه الامور: هل عملت الفرق الثلاث على مدى 17 ساعة بالفعل ضد البنى التحتية، التي تتكون من ثلاثة معتقلين (قال متحدث الجيش بعد ذلك إنه تم اعتقال خمسة نشطاء)، مسدسين وسكين كوماندو ومطرات مياه وستر واقية؟ لا أستخف بخطر المسدسين ولا بأهمية مطرة المياه من اجل تقوية البنى التحتية. ولكن هل الغنائم قليلة وبائسة لأن البنى التحتية ذكية وسرية؟
الباحث موسى أبو هشهش من «بتسيلم» ومن سكان المخيم، عرف أن أحد المسدسين تم العثور عليه في القمامة من قبل أحد السكان الذي يعمل في بلدية الخليل في جمع القمامة. وقد قالوا له إن المسدس غير صالح. وقد تم اعتقال هذا الشخص وابنه. فهل كانا هدفا منذ البداية؟ سألت المتحدث بلسان الجيش، ولم أتلق أي جواب. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي يزعم ايضا أنه كان هناك اطلاق نار نحو القوات المهاجمة. فهل كان اطلاق النار من المسدسين؟ واذا كان من سلاح آخر فكيف لم يتم الوصول اليه؟ ألا يعتبر عدم نجاح ثلاث فرق في الوصول الى السلاح فشلاً؟
لا أتوقع أي اجابة من المتحدث بلسان الجيش. ولكن مع ذلك سألته اذا كانت القنابل الصوتية التي تم العثور عليها «فعالة» أم أنها فارغة، مثلما حدث في اقتحامات سابقة للجيش؟ نذكر أن عبد الله أبو رحمة من بلعين، اتُهم بحيازة وسائل قتالية لأنه قام باقامة معرض لقنابل صوت وغاز مسيل للدموع فارغة قام الجنود باطلاقها على المتظاهرين في القرية. وسألت ايضا اذا كانت الوسائل العسكرية التي تم العثور عليها (ستر واقية، خوذات ومطرات للمياه) هي أدوات اسرائيلية تم نسيانها في اقتحامات سابقة، أم أنها أدوات لميليشيا عسكرية في مرحلة الاعداد، سألتُ.
مئات الجنود، يمكن أن يكون عددهم ألفا، في مخيم مليء بالأزقة وشارع رئيسي واحد حيث يعيش هناك 10 آلاف انسان، نصفهم من النساء من جميع الأعمار وثلثهم من الاولاد تصل اعمارهم حتى 14 سنة وحوالي 20 في المئة من الشيوخ، فما الذي يفعلونه بالضبط هناك، حيث يوجد 3.300 طفل صغير و2.000 بالغ وبالغة وشيخ وعجوز من عمر 40 حتى 100 سنة، وايضا 2.500 امرأة في منتصف العمر؟.
بقي حوالي 2000 شاب وشابة. عدد قليل منهم خرجوا الى الأزقة من اجل تطبيق حق مقاومة المعتدي. إنهم في عمر المهاجِمين، بدون ستر واقية وخوذات وبدون تدريب عسكري وبدون سلاح، فقط مع حجارة في أيديهم وعدم خوفهم ممن يقومون بالدوس على حاضرهم ومستقبلهم.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف