- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2016-08-23
قصة أمريكية
في لقاء جمعني مع يهودي أمريكي متدين، ويقوم بعمل أنساني تمنيت لو وجد مثيل له عند مواطنين من انتماءات دينية أو أثنية أخرى. إذ يقوم كل يوم جمعة، قبل دخول السبت، بتوزيع وجبات طعام لليلة السبت على المعوزين وخاصة كبار السن، وبالأساس لديه قوائم بأسماء اليهود، لكنه لا يتردد بتقديم الوجبات لأي شخص يطلبها ، أو إذا علم انه بوضع يحتاج فيه إلى لقمة دافئة. إلى جانب انه يقدم وجبات غذائية ساخنة مرتين كل أسبوع في مركز يتسع للعشرات. طبعا يساعده عدد من المتطوعين، يوزعون بسياراتهم الوجبات على مجمعات سكنية خاصة بكبار السن. فاجأني انه حين تحدثنا في السياسة لم يدافع عن الاحتلال الإسرائيلي بل وصفه بأنه مأساة للشعب اليهودي، وانه لا يتعامل مع الإنسان بصفته الدينية أو الاثنية، ولا يقبل الفرز الديني بين البشر، ويعتبره كفرا وعقوقا وان ايمانهم هو باله واحد لا يميز بين البشر..
طبعا لم أساله عن أسطورة شعب الله المختار!!
قلت ان مجتمع الولايات المتحدة ما زال يعاني من عنصرية متطرفة خاصة ضد السود، وربما هناك عنصرية واسعة حتى اليوم ضد اليهود. ضحك حتى كاد يستلقي على قفاه وقال ذكرتني بحكاية جميلة من تلك الأيام.
قلت: وأنا أحب الحكايات، فهات ما لديك.. أنا جاهز لسماع الحكاية.
طبعا أصررت ان يرويها لي بالعبرية لأن لغتي الإنكليزية لا تكفي لفهم مفردات الحكاية بشكل جيد.
قال انه في زمن لم يعد قائما بنفس العقلية المنغلقة العدائية..كانت الكثير من المطاعم والفنادق والنوادي المختلفة تمنع دخول اليهود أو التعامل معهم، وهذا كان يشمل أيضا السود والكلاب بإعلانات عنصرية مؤذية جدا لدرجة الجريمة.
قال ممهدا: كانت العنصرية والتمييز العرقي في الولايات المتحدة قضية رئيسية منذ الحقبة الاستعمارية وحقبة الرقيق. حتى ان القانون الأمريكي أعطي امتيازات وحقوق للأميركيين البيض لم تمنح مثلا للهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين، ولم تمنح طبعا للأمريكيين من أصل أفريقي أو آسيوي أو من أمريكا اللاتينية. طبعا هناك مميزات أخرى كثيرة..
القصة ان عامل أمريكي يهودي انهي يوم عمله الشاق في منجم للفحم، كان مرهقا وجائعا جدا، لكن منزله بعيد وسيضطر لانتظار الحافلة لأكثر من ساعتين.. لكن الجوع قاتل، ورائحة الطعام المنبعثة من المطعم القريب من محطة الحافلة تفقده تركيزه!!
قرر بعد تردد ان يدخل المطعم مهما كلف الثمن، متجاهلا اللافتة التي تمنع دخول اليهود والسود والكلاب.
صاحب المطعم شك بأمره: ممنوع الدخول... أنت يهودي!!
أجابه: حاشا وكلا.. أنا مسيحي.
- لكن انفك يشبه انف اليهود؟
- ما علاقة انفي بديني المسيحي؟
- ارني بطاقتك.
- يا سيدي أنا عامل وجائع وبطاقتي ليست معي.
- لكننا لا نقدم الطعام لليهود.
- قلت اني مسيحي.. ابن عائلة مسيحية من بريطانيا.
- إذن لا بد من التحقق من هويتك.
- تفضل.
- ما هو اسم ابن الله؟
- اسمه يسوع المسيح؟
- ما هو لقبه؟
- لقب بالمخلص لأنه ضحى بحياته من اجلنا نحن البشر.
- ما اسم أمه ؟
- مريم العذراء..
- ما اسم الملاك الذي بشرها بأنها ستلد ابن الله يسوع المسيح؟
- الملاك جبرائيل.
- اين بشرها؟
- في الناصرة.
- لمن كانت مخطوبة.
- ليوسف النجار.
- أين ولدت المسيح ؟
- في بيت لحم.
- في اي مكان؟
- في إسطبل للبقر.
- حسنا، أقنعتني انك مسيحي .. سنقدم لك الطعام.
بعد ان تناول العامل اليهودي طعامه.. اقترب من صاحب المطعم، وقال له انه يشكره أولا على السماح له بتناول الطعام.. رغم انه يهودي ، ولكن لديه سؤال هام إذا عرف الإجابة عليه سيطلب من رب إسرائيل ان يسامحه ويغفر له.
- إذن خدعتني... أنت إنسان بلا شرف ..
- اترك الشرف جانبا.. هل من شرف لرفض إطعام رجل جائع .. أو حتى حيوان جائع؟
- لكنك يهودي؟
- وهل هذا ينفي إنسانيتي؟.. لذلك لي سؤال لك...
- اسأل بسرعة قبل ان اطلب من حارس المطعم ان يطردك بعنف ويلقنك درسا يجعل جلدك ازرق من الضرب.
- سؤالي لماذا ولدت العذراء ابنها في إسطبل للبقر وليس في منزل لا بقر فيه؟
فكر صاحب المطعم ، وبانت الحيرة على محياه:
- لا أعرف.. لم أفكر بهذا السؤال؟ ما هو الجواب؟
- ولدت العذراء ابنها المسيح في إسطبل البقر لأنه كان عنصريون لاساميون سفلة من نوعكم يرفضون استقبال اليهود !!