جهد اليمين الديني الاستيطاني من اجل تغيير وجه الدولة نجح وينجح بشكل كبير. يبدو وكأنه موقع وراء الآخر، اقتصادي وتربوي وقانوني وعقلاني وثقافي، يسقط في أيدي ممثلي ذلك الجهد والمتعاونين معه. يبدو كل شيء وكأنه مؤقت. ليس من الصعب رؤية التصدعات في برج بابل الذي يقوم ببنائه المركزان، الأساس هو الفساد (مركز الليكود) ومن ثم مركز الحاخام. على سبيل المثال، خذوا الطريقة التي بدأ فيها ممثلو الجهاز القضائي الشجعان في فهم خطر انهيار سلطة القانون. لا أتحدث هنا عن بورصة المراهنات حول مسألة ماذا سيفعل المستشار القانوني، افيحاي مندلبليت، بخصوص نتائج الفحص حول افعال عائلة نتنياهو، بل عن المصادرة في "المناطق" والتي تم تبييضها خلال عشرات السنين بذريعة الامر الثيوقراطي الذي يقضي بـ "وراثة البلاد"، الذي تحتفل برعايته فئران الفتات التي تسقط عن طاولة الفساد على شاكلة نتنياهو وشركائه. وخذوا مثلا قرار لجنة الاستئنافات العسكرية في "المناطق" قبل اسبوعين من اجل الغاء الاعلان عن مئات الدونمات في كوخاف يعقوب كأراضي دولة. في كوخاف يعقوب زادوا الطين بلة عندما استولوا على اراض خاصة من اجل الذين تم اخلاؤهم من منازلهم في ميغرون (التي بنيت على اراضي خاصة ايضا). في العام 2013 تم الاعلان عن هذه الاراضي كأراضي دولة. وقبل اسبوع قرر قضاة الاستئناف أن الامر لم يكن سليما. هذا قرار لجنة عسكرية، لذلك يجب على قادة الجيش تنفيذه، وإلا سيتم التوجه الى محكمة العدل العليا للاستئنافات. الشخص الذي قام بشراء الاراضي من الفلسطينيين هو موتي كوغل، عضو مركز "الليكود"، والذي بدأ مهنة التزوير في الولايات المتحدة (بطاقات الاعتماد). وبعد أن تم تقديم لائحة اتهام ضده، تم اطلاق سراحه بكفالة بلغت 150 ألف دولار، وهرب الى اسرائيل ونزل مباشرة الى مركز "الليكود". وقد أُدين في اسرائيل بعد قيامه بتزوير جواز سفر. وفي العام 2007 كان شريكا في "لايفوييف"، وهي شركة فاشلة ارتفعت أسهمها الى عنان السماء، وبعد ذلك انهارت مخلفة وراءها آلاف المستثمرين الخاسرين. اشترى كوغل ايضا، حسب زعمه، 1600 دونم من اراضي كفر عقب، بين القدس والمستوطنة الحريدية تل تسيون. وفي مقابلة مع القناة 7 قال: "حلمي هو اقامة مدينة بجانب القدس". في الوقت الذي ستقرر فيه لجنة الاستئنافات العسكرية تنظيف القذارة التي خلفها وراءه كوغل وشركاؤه، يتم في الغرف المغلقة اعداد الطبخة الاكثر سخونة: المستشار القانوني للحكومة، مندلبليت، أجرى قبل اسبوع نقاشا حول اقتراح لجنة الترتيبات لاخلاء عمونة، التي هي ايضا مستوطنة توجد على اراضي الغير، أقيمت في العام 1997 على اراضي فلسطينية خاصة. لماذا؟ أمر إلهي ودهاء انسان. أحد الكوغليين أو الزمبيشيين يأخذون اراضي أملاك الغائبين أو اراضي الدولة الفلسطينية المستقبلية وفيما بعد تقوم جهات خفية بعملية التبييض. هناك قرارات حول مباني يهودية في "يهودا" و"السامرة" أقيمت على اراضي خاصة، تم اتخاذها خلال ولاية نتنياهو كرئيس للحكومة. في العام 2006 طردت المحكمة والجيش وخيول الشرطة المستوطنين من عمونة، لكنهم عادوا واستوطنوا وقدموا وثائق شراء تبين فيما بعد أنها مزورة، وطُلب منهم الاخلاء حتى نهاية 2012، وقد تم تأجيل القرار حتى 2014. عندها أمر آشر غرونس، رئيس المحكمة في حينه، أن يتم تنفيذ القرار خلال مدة لا تتجاوز كانون الاول 2016. وعندما يحدث هذا لن يكون القاضي في منصبه (غرونس من الذين يضعون القبعة). منذ ذلك الحين لم يتم فعل أي شيء باستثناء سن قانون "الترتيبات" الذي ظهر في هذه الاثناء كمحاولة للتبييض العام. وفي حالة عمونة فان النية هي اقامة المستوطنة على املاك الغائبين قريبا من المكان الحالي، من خلال تعويض اصحاب الارض الاصليين، سواء بالاموال أو بالاراضي. واعتبار اراضي عمونة "املاك غائبين هربوا في حرب الايام الستة". وزيرة العدل، اييلت شكيد، هي التي تسعى في هذا الامر. ويبدو أن وظيفتها هي لي ذراع الجهاز القضائي في صالح المستوطنين و"البيت اليهودي". شكيد فتاة لطيفة، إلا أن المحاولة القبيحة التي تحاول تجاوز محكمة العدل العليا للاستئنافات هي التي ستضر بشكل كبير بالمحكمة. في البداية اعتقد مراسلو الشؤون القضائية أن مندلبليت سيعارض القانون لأنه غير دستوري، ولن يصمد أمام المحكمة وسيضر بالاستيطان بشكل عام. وقد تبين قبل اسبوع أن مندلبليت قال: "ليس هناك مانع قانوني من فحص الموضوع"، والاطراف تستعد للمعركة. الادارة المدنية في الجيش الاسرائيلي نشرت، هذا الاسبوع، اعلاناً في صحيفة "القدس" وفيه خارطة لاملاك الغائبين قرب عمونة. والفلسطينيون الذين يدعون ملكية تلك الاراضي عليهم اثبات ذلك من اجل الاعتراض على خطة الحكومة. وحسب مندلبليت "بعد أن يتم استكمال الفحص وتتوفر المعطيات سيتطرق المستشار القانوني للمسائل القانونية التي ستنشأ فيما يتعلق بأملاك الغائبين". بهذا الشكل يستمر مندلبليت في نهج جر الارجل نحو خطوة قد تستمر لاسابيع، أو أشهر أو سنوات. وهذا هو المقام للقول بأنه يعتمر قبعتين، أو بشكل أدق، قبعة المستشار والقبعة التي يعتمرها. * * * يستنتج رأسي القانوني الصغير بانه اذا كانت محكمة العدل العليا هدمت في حينه منازل الاولبانا، ميغرون، والان عمونة، بدعوى أن هذه ارض خاصة، فلا توجد أي مشكلة في أن تواصل هدم مئات المنازل التي بنيت هكذا في عشرات المستوطنات. وهذا بالضبط هو السبب الذي يجعل قيادة عمونة، باسناد من "البيت اليهودي"، لا تقبل باي حل وسط: "عيوننا تتطلع الى القيادة السياسية كي لا تعيدنا عشر سنوات الى الوراء الى المشاهد الاليمة للاخلاء الاكراهي". وميري ريغف ("عمونة يجب أن تبقى في مكانها") هي في هذه اللحظة المقاتلة الوحيدة من "الليكود". من االمشوق أن نعرف أي صيغة سيستخدمها الكين حين ينتهي من النبش. لتهدئة "الميدان" الغاضب على الوضع الذي يفقد فيه اليمين – أي نتنياهو – الذخائر، تقدم الحكومة وقفات مزعومة لكسب ذخائر "استراتيجية". فقد نشر، هذا الاسبوع، بانه رفعت الى محكمة العدل العليا وثيقة تقول انه "في هذه الايام يجري استطلاع للاراضي في المنطقة بين أفرات وجفعات عيتام، بحيث يخلق تواصل من اراضي الدولة". هذه مناورة سياسية ليس لها أي امل، وغايتها الاثبات لمصوتي "البيت اليهودي" بأنهم صوتوا لـ "الليكود" في الانتخابات الاخيرة على أن يكافح "الليكود" ونتنياهو في الحرب الحقيقية. ان الجهد القانوني والعسكري اليوم يعنى فقط بالصدوع وليس بالانفجار الكبير الذي يفترض أن يؤدي الى تسوية سياسية. ويفترض بالصدوع ان تحمل الجمهور على ان يفهم و/أو يعتاد على ان هذه المسيرة يفترض أن تمر عن كل المستوطنات المنعزل التي خارج الكتل وتبادل الاراضي. ما هو مهم في مناورة عمونة هو الوعي الجماهيري: يمكن تفكيك مشروع الاستيطان. في البداية بيتا إثر بيت، وبعد ذلك، حسب التعريفات القانونية في تقرير تاليا ساسون، بؤرة غير قانونية إثر بؤرة غير قانونية. هكذا عمونة أ إثر عمونة ب و ج أو باعادة صياغة لاقوال مناحم بيغن في 1977 عندما انتخب لرئاسة الوزراء ("سيكون الكثير من الون موريه"): سيكون الكثير من عمونة. هكذا عندما ينقلب الدولاب.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف